أنهت جولة عنف "صاروخية" دموية

"هدنة هشّة" بين غزة وإسرائيل

02 : 00

فلسطينيّون يتفقدون أضراراً خلّفها القصف الإسرائيلي على دير البلح جنوب قطاع غزة أمس (أ ف ب)

خرقت ثلاث قذائف أُطلقت من قطاع غزة في اتجاه إسرائيل مساء أمس، هدنةً هشّة توصّل إليها الطرفان بوساطة مصر والأمم المتّحدة، أنهت يومَيْن من تصعيد متبادل، بدأ باستهداف تل أبيب منزل أحد قادة حركة "الجهاد الإسلامي"، المدعومة من إيران، فجر الثلثاء، أدّت إلى مقتله وزوجته. وقبل نصف ساعة من بدء وقف إطلاق النار، نفّذت إسرائيل غارة على القطاع، أدّت إلى مقتل مَن سمّته "قائداً" آخر في الحركة الجهاديّة، لكنّ الأخيرة نفت علاقته بها.

وبعدها بساعة تقريباً، أيّ عند السادسة فجراً، أُطلق صاروخ من غزة في اتجاه الدولة العبريّة لتتلاحق بعدها خمسة صواريخ أخرى تنصّلت منها الحركة وتمكّنت الدفاعات الجوّية الإسرائيليّة من اعتراض اثنين منها.


وأكد الناطق باسم "الجهاد الإسلامي" داوود شهاب لوكالة "فرانس برس" أن لا علاقة لحركته بهذه الصواريخ، موضحاً أن "التحقّق منها جارٍ، ومبدئياً لا علاقة للجهاد بها". وكان مصدر آخر في الحركة أفاد بأنّ "ضبط الميدان يحتاج أحياناً بعض الوقت"، مؤكّداً أن "الجميع ملتزمون التهدئة طالما التزمها الاحتلال".


من ناحيته، أعلن الجيش الإسرائيلي أمس، مقتل "القيادي في الجهاد الإسلامي رسمي أبو ملحوس"، خلال غارة نُفّذت على منزله في منطقة دير البلح، قبل سريان وقف إطلاق النار. وقال الناطق باسم الجيش إن أبو ملحوس "كان أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي وإنّه، مثل آخرين كُثر، لديهم تكتيك إخفاء الذخيرة والبنية التحتيّة العسكريّة في منازلهم".

لكنّ الحركة الجهاديّة نفت علاقتها بالقتيل، وذكر جيرانه وأقاربه أنّه كان ضابط شرطة عسكريّة في السلطة الفلسطينيّة، في وقت قال رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو إنّ "الهدف من العمليّة هو القضاء على قائد الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، وقد قُتِلَ مع العشرات من الإرهابيين"، مضيفاً أن "الرسالة وصلت إلى أعدائنا: يُمكننا الوصول إلى كلّ من نُريده، حتّى لو كان في سريره". توازياً، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينيّة التابعة لحركة "حماس"، التي تُسيطر على قطاع غزة، مقتل ثمانية أفراد من عائلة واحدة (أبو ملحوس)، بعد استهداف منزلهم في الغارة، بينهم خمسة أطفال وامرأتان. وأكد مصدر أمني فلسطيني أن "صاروخاً واحداً على الأقلّ أصاب المنزل، ما أدّى إلى تدميره واستشهاد كلّ من فيه من أفراد العائلة"، واصفاً ذلك بأنه "مجزرة إسرائيليّة جديدة".


وكان تم التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، إثر جهود حثيثة من مصر وموفد الأمم المتّحدة المكلّف النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني نيكولاي ملادينوف، الذي وصل إلى القاهرة الأربعاء، في محاولة للتوسّط في خفض التصعيد.

وغرّد ملادينوف عبر حسابه على "تويتر" أمس، أن "مصر والأمم المتحدة بذلتا قصارى جهدهما لمنع تصعيد أخطر في غزة ومحيطها، قد يؤدّي إلى اندلاع حرب". وأضاف أن "الساعات والأيام المقبلة ستكون حرجة ويجب على الجميع إظهار أقصى درجات ضبط النفس والقيام بدورهم لمنع إراقة الدماء".
وأبلغ مصدر مصري رسمي وكالة "فرانس برس" بأنّه "تمّ التوصل إلى اتفاق تهدئة بعدما وافقت الحركة على اقتراح مصري في هذا الشأن، وبعدما أُبلغنا بموافقة الاحتلال الإسرائيلي على التهدئة". وأوضح المسؤول المصري أن الاتفاق ينصّ على "الحفاظ على سلميّة مسيرات العودة"، التي يُنظّمها الغزّيون على الحدود مع ما يُسمّونها "مستوطنات الغلاف"، كل يوم جمعة منذ نهاية آذار 2018، للمطالبة بحق العودة إلى الأراضي التي هُجّروا منها العام 1948، لتطوّر لاحقاً مطالبهم إلى رفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع الفقير. وكشف المسؤول المصري أن الاتفاق يتضمّن أيضاً "موافقة إسرائيل على وقف الاغتيالات".


وفي أعقاب إعلان التهدئة، أعادت إسرائيل أمس فتح المعبرَيْن المؤدّيَيْن إلى القطاع (بيت حانون شمالاً وكرم أبو سالم جنوباً) وفتح البحر أمام الصيّادين، وإزالة القيود كافة في منطقة غلاف غزة.


وكانت موجة العنف الأخيرة قد اندلعت فجر الثلثاء بعد استهداف إسرائيل القيادي في "سرايا القدس"، الذراع المسلّح لـ"الجهاد الإسلامي"، بهاء أبو العطا بغارة على منزله في مدينة غزة، أدّت إلى مقتله وزوجته. وردّت الحركة بإطلاق قذائف وصواريخ في اتجاه المدن الإسرائيليّة. وعلى الأثر، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات جوّية استهدفت خصوصاً مواقع تابعة للحركة الجهاديّة وأسفرت عن مقتل 34 فلسطينيّاً وجرح أكثر من مئة آخرين.

واللافت أن الغارات الإسرائيليّة لم تستهدف، للمرّة الأولى، مواقع لحركة "حماس"، التي تُحمّلها عادةً مسؤوليّة كلّ ما يحصل في القطاع.

MISS 3