جوزيفين حبشي

لايك هالحكي

فريال في الأمس وبيار اليوم و"الله يرحم" الزمن الجميل

5 تموز 2022

02 : 01

البارحة توفيت فريال كريم. البارحة، في 4 تموز 1988، أي قبل 34 عاماً، انطفأت نجمة لم تكن تحتاج ضحكتها للكهرباء حتى تنير حياتنا بالفرح. البارحة، وشتان ما بين البارحة واليوم، فاليوم كلنا نقول "الله يرحم" البارحة والزمن الجميل، ففريال كريم التي ولدت في 13 نيسان (تاريخ الحرب اللبنانية) قبل 37 عاماً من سنة 1975، عاشت أجمل أيامها خلال الحرب اللبنانية. يومها كان البلد في عزه رغم ويلاته، وهو لم "يُزعّلها" يوماً، ولم تضطر "تقلّو ولّا ما تقلّو" للزعيم إن الدواء مفقود والخبز مقطوع والمال مسلوب والأمل مسروق، و"دير بالك لشعبك دير".

اليوم، كم يصعب علينا أن نقول الحمد لله أن فريال كريم رحلت في عز شبابها (50 سنة فقط)، فهي سبقت العمر وانتقلت حيث لا يحتاج الفنان اللبناني الى قانون ضمان شيخوخة لم يخرج يوماً من الجوارير المنسية، وأصبح اليوم حلماً مستحيلاً مع انهيار الدولة.

اليوم، كم يصعب علينا أن نقول الحمد لله أن فريال كريم رحلت وهي تغني الـ"آآآآه" والفرح على المسرح، وليس وهي تئن الـ"أي" و"الأخ" في بيتها مثل زميلها الممثل الكوميدي بيار شمعون الذي رحل قبلها بيومين (2 تموز) ولكن بتاريخ اليوم. وشتان ما بين الأمس واليوم، فاليوم لا أحد من الفنانين يجرؤ على التوجه الى المستشفى رغم أوجاعه، حتى لا "يتجرّص" مثل بيار شمعون، لأنه لا يملك 40 أو 50 مليون ليرة ثمن العلاج، كما ذكرت قريبته في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي.

شتان ما بين الأمس واليوم، ففي الأمس كانت مكانة الفنان اللبناني محفوظة، ولم نشاهد يوماً (كما اليوم) مبادرات فردية وبرامج تلفزيونية تقوم على فكرة مساعدة الفنانين مادياً ومعنوياً عبر توفير مسكن وفراش وبراد وغسالة وربطة معكرونة لهم، ودواء واستشفاء ومرتب شهري قد يحفظ لهم حياتهم ولكن، هل يحفظ كرامتهم؟ الأمثلة للأسف كثيرة، وأبو سليم (صلاح تيزاني) بُح صوته التسعيني وهو يطالب بقانون ضمان الشيخوخة للفنان اللبناني، ونجمة الكوميديا الراحلة أماليا ابي صالح لم تستطع تأمين كلفة أدويتها الباهظة الثمن، والممثل القدير كمال الحلو انتظر طويلاً أمام باب المستشفى لأنه لا يملك كلفة العلاج، ونجمة المسرح رينيه الديك عانت الفقر والعوز والوحدة في أيامها الأخيرة، تماماً مثل امال عفيش ويوسف فخري اللذين شاركا بدورهما في أحد البرامج التلفزيونية القائمة على فكرة مساعدة الضيف، و... و.... اللائحة تطول وتطول والـ... "تعتير لقدام"، فالخير أعطانا عمره هو الآخر.

في الذكرى الـ34 لغياب فريال كريم، يؤسفنا أن نقول "الحمد لله" انها رحلت في زمن كانت كرامة الفنان فيه محفوظة نوعاً ما، فهو لا يستحق سوى كل تقدير وتكريم. و"على سيرة" الاستحقاق والتكريم، ترى كم يبلغ سعر أوسمة الاستحقاق التكريمية التي ينالها الفنانون بعد موتهم؟ نأمل ألا يكون ثمنها معنوياً فقط، فربما استطاع اهل الفنان الراحل بيعها وتأمين "ديبوزيت" دخول إلى المستشفى.

في الذكرى الـ34 لغياب فريال كريم، يؤسفنا ان نقول "الحمد لله" انها رحلت في زمن الحرب، فيومها كان البلد لا يزال "عنتر" رغم أن جسمه كان "مكسَّراً".

الحمد لله أن فريال كريم رحلت في الأمس، قبل أن تصبح كرامة الفنان والانسان مثل اليوم، "مكسر عصا". "ليش هيك؟؟؟؟ لأنو الزعما بلبنان هيك".