فيروس يحميك من سرطان الجلد!

11 : 57

تنتشر أكثر من 100 سلالة من فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، لكن تطرح مجموعة صغيرة منها خطراً على الصحة البشرية.

ربط العلماء هذه السلالات بزيادة مخاطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، منها سرطان عنق الرحم، والفرج، والعضو الذكري، والشرج. أما بقية السلالات، فتكون في معظمها حميدة وتتسرب من البشرة.

بدأ فريق من الباحثين في مستشفى "ماساتشوستس" العام في بوسطن يستكشف هذه الفيروسات التبادلية.

نشر العلماء نتائجهم حديثاً في مجلة "الطبيعة"، واستنتجوا أن المناعة ضد هذه السلالات الفيروسية قد تحمي الناس من سرطان الجلد.

دور فيروس الورم الحليمي البشري في سرطان الجلد


اهتم الباحثون في الدراسة الأخيرة بسرطان الخلايا الحرشفية الجلدي الذي يحتل المرتبة الثانية على لائحة أمراض السرطان الأكثر شيوعاً.

تُعتبر الأشعة فوق البنفسجية المشتقة من الشمس أول سبب للإصابة بسرطان الجلد ويمكن الاحتماء منها. لكن بدءاً من الفترة التي تتراوح بين 1992 و2012، تضاعفت حالات سرطان الجلد. لذا يحاول الباحثون الكشف عن طرق إضافية لتخفيض نسبة الخطر.

افترض بعض العلماء أن فيروس الورم الحليمي البشري يؤدي دوراً في سرطان الخلايا الحرشفية الجلدي. ترتكز هذه الفكرة على بحث سابق أثبت أن نوع "بيتا" من ذلك الفيروس موجود في معظم أمراض سرطان الجلد لدى من خضعوا لزراعة الأعضاء.

يتعرض الأفراد المنتمون إلى هذه الفئة لضعف في جهاز المناعة، لذا يكونون أكثر عرضة للسرطان المرتبط بعدوى فيروسية. لكن حتى الآن، لم يثبت العلماء أن فيروس الورم الحليمي البشري "بيتا" يزيد خطر الإصابة بسرطان الجلد.

أراد الباحثون في أحدث دراسة تحليل دور هذا الشكل الفيروسي بالتفصيل، فاستعملوا نماذج حيوانية ونسيجاً بشرياً.كانت النتائج التي اكتشفوها كفيلة بِقَلْب النظرية الشائعة عن دور الفيروس في سرطان الجلد رأساً على عقب. فقد تبيّن أن الاستجابة المناعية تجاه فيروس الورم الحليمي البشري "بيتا" أساسية. كانت الفئران التي أبدت تلك الاستجابة خلال التجارب محصّنة ضد سرطان الخلايا الحرشفية الجلدي بعد التعرض للأشعة فوق البنفسجية السرطانية أو لمواد كيماوية.

كذلك، زرع الباحثون خلايا تائية مأخوذة من تلك الفئران لدى قوارض ضعيفة المناعة، فأصبحت هذه الأخيرة أيضاً محصّنة ضد سرطان الجلد.

باختصار، لا يشجّع فيروس الورم الحليمي البشري "بيتا" على نشوء سرطان الخلايا الحرشفية الجلدي لدى أصحاب المناعة الضعيفة، بل يزيد خطر الإصابة بهذا السرطان نتيجة اختلال وظيفة المناعة.

يوضح المشرف الرئيس على الدراسة، شون ديميهري: "إنه أول دليل على المنافع الصحية المحتملة للفيروسات التبادلية لدى نماذج تجريبية والبشر أيضاً. تقوم فيروسات الورم الحليمي في هذه الحالة بتنشيط المناعة التي تحمي المريض لاحقاً من سرطان الجلد". تفتح هذه النتائج المجال أمام ابتكار وسائل جديدة لتخفيض مخاطر سرطان الخلايا الحرشفية الجلدي.يكتب الباحثون: "قد تقدّم اللقاحات المزوّدة بخلايا تائية ضد فيروس الورم الحليمي البشري التبادلي مقاربة مبتكرة لتعزيز هذه المناعة المضادة للفيروسات وحماية أكثر الأشخاص عرضة للخطر من الثآليل وسرطان الجلد".

لمعالجة سرطان الجلد، يستعمل الأطباء أحياناً علاج محاصرة حاجز المناعة، ويأمل الباحثون في زيادة فاعلية هذا النوع من العلاجات من خلال تقوية المناعة المضادة لفيروس الورم الحليمي البشري.تحصد الجراثيم المعوية والبيئة الميكروبية اهتماماً واسعاً اليوم. لكن بدأت الأبحاث تتزايد أيضاً حول "الفيروم" (مجموع الفيروسات المقيمة في أجسامنا).

بما أن بعض الفيروسات يهاجم الجراثيم ويؤثر بالتالي على المستعمرات الجرثومية، يصعب توضيح التداخل المعقد بين العاملَين.

لكن من المتوقع أن ينشر الباحثون الذين يحللون دور الفيروسات في الأمراض البشرية، لا سيما السرطان، عدداً متزايداً من الدراسات خلال السنوات المقبلة.


MISS 3