"ردح" رئاسي في الأضحى... و"بهدلة" بريطانية وداعية لـ"أصحاب النفوذ في لبنان"

البيطار مصمّم على استكمال مهمته "حتى آخر لحظة": لن أتنحّى

01 : 59

في الوقت الذي اقتحم فيه نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الخطوط الأمامية لملف تحقيقات جريمة انفجار المرفأ، محاولاً إزاحة تهمة تعطيل التحقيق العدلي في الجريمة عن كاهل الثنائي الشيعي وإلباسها إلى الجسم القضائي نفسه، وفيما الحقائق والوقائع توثق بالأداء والأدلة والشواهد والتصريحات والتهديدات، وصولاً إلى الأحداث المعمّدة بالدم في الطيونة، مسؤوليةَ "الثنائي" المباشرة عن تكبيل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار والسعي الحثيث إلى "قبعه" من موقعه وتأمين الحماية والحصانة للمتهمين المدعى عليهم في القضية، والسعي في المقابل إلى تحميل المسؤولية التعطيلية إلى مجلس القضاء الأعلى من خلال حصر مكمن العطل في مسار التحقيق العدلي بعدم مراعاة تشكيلات رؤساء غرف التمييز المناصفة الطائفية... يستعد أهالي ضحايا انفجار 4 آب لتقديم إخبار قضائي مطلع الأسبوع المقبل أمام مدعي عام التمييز القاضي عماد قبلان، كما أكد وليم نون لـ"نداء الوطن"، بعدما تبيّن للأهالي "قيام جهات أمنية بإخفاء أدلة ومراسلات من التحقيق الأولي عقب الإنفجار"، آملاً أن يسلك الإخبار طريقه القانوني "لمساءلة الذين تدور حولهم الشبهات بعيداً عن الإستمرار المتمادي من قبل "كبار المتورطين" في حماية بعضهم البعض خوفاً من أن يطالهم التحقيق".

ومع اقتراب الذكرى السنوية الثانية لانفجار المرفأ، استرعى الانتباه أمس حضور المحقق العدلي إلى مكتبه في قصر العدل في بيروت بعد انقطاع قسري دام أكثر من ستة أشهر، وتحديداً منذ تجميد تحقيقاته في 23 كانون الأول إثر تبلغه دعوى رده عن القضية من النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل، ليتبيّن أن القاضي البيطار أتى إلى المكتب بناءً على طلب محكمة التمييز لإبلاغه مضمون دعاوى كف يد جديدة مقدمة بحقه، وسط تشديد مصادر قضائية رفيعة نقلاً عن المحقق العدلي على أنه بالتوازي مع التزام الأصول القضائية التي توجب تجميد تحقيقاته بموجب دعاوى الرد والمخاصمة، سيبقى في المقابل مصمّماً على استكمال مهمته "حتى آخر لحظة" مهما كانت الصعوبات والعراقيل و"لن يتراجع ولن يتنحى عن هذه المهمة".

وأوضحت المصادر القضائية الرفيعة لـ"نداء الوطن" أنّ القاضي البيطار لا يزال ينتظر توقيع وزير المالية يوسف خليل مرسوم استكمال تشكيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز "تمهيداً للبت في دعاوى النقل والرد التي بات يبلغ عددها 35 دعوى رغم أنّ أغلبيتها لم تقبل، لكي يتمكن تالياً من استئناف تحقيقاته في الملف من حيث توقفت"، معربةً عن أملها بأن "تشهد الأمور حلحلة سريعة تنعكس إيجاباً على سير التحقيق، خصوصاً وأنّ المحقق العدلي عازم على تحمّل مسؤولياته والسير بالتحقيق بخلاف ما يشاع عن تحميله مسؤولية التقصير في مهمته، والجميع يدرك أنّ الفترة التي علّق فيها النظر في الملف هي خارجة عن إرادته واضطرّ خلالها لعدم ممارسة عمله بقوة القانون بفعل الإجراءات المقدمة في حقه والتي تحتّم كف يده مؤقتاً".

وإذ رفضت رسم أي سيناريوات أو احتمالات لمستقبل التحقيق العدلي في الجريمة، شددت المصادر القضائية على "ضرورة الإسراع في إعادة استئناف التحقيق لإنهائه وليكون القضاء اللبناني بذلك قد تحمّل مسؤولياته وأنجز مهمته في جريمة ضخمة بهذا الحجم وحمّل المسؤوليات للأشخاص الذين يجب أن يتحملوها وهذا هو الأهم"، داعيةً من هذا المنطلق إلى "انتظار القرار الاتهامي الذي سيصدره القاضي البيطار والذي سيكون مسؤولاً عن مضمونه بالكامل".

وكان البيطار قد تبلغ أمس لدى حضوره إلى مكتبه مضمون دعوى كف اليد التي تقدم بها المدير العام للجمارك بدري ضاهر بحقه، بالإضافة إلى دعوى مشتركة لنقل ملف من عهدته تقدم بها كل من رئيس مجلس إدارة استثمار مرفأ بيروت المدعى عليه الموقوف حسن قريطم ومسؤول أمن المرفأ المدعى عليه الموقوف محمد زياد العوف، ودعوى نقل مشتركة تقدم بها كل من صاحب مؤسسة شبلي للصيانة المدعى عليه الموقوف سليم شبلي وعماله، ودعوى نقل مقدمة من رئيس الميناء في المرفأ المدعى عليه الموقوف محمد المولى.

وفي الغضون، لا يزال أركان السلطة مستغرقين في لعبة "شد حبال" الحصص الوزارية على حلبة تشكيل الحكومة العتيدة ليرتقي الصراع أمس إلى مستوى أشبه بـ"الردح" الرئاسي بين قصر بعبدا والسراي الحكومي على خلفية الاتهامات المتبادلة حول أسباب عرقلة التأليف. إذ استغل الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي فرصة المعايدة بحلول عيد الأضحى لتمرير رسائل مبطّنة يحمّل فيها كل منهما الآخر مسؤولية تعطيل ولادة الحكومة. بحيث جاءت دعوة عون إلى ضرورة استخلاص العبر "من معاني التضحية وسموّها"، بمثابة "لطشة مباشرة" إلى الرئيس المكلف من دون أن يسميه لا سيما وأنه أردف معايدته بعبارة: "حبذا لو يضحي البعض بمصالحهم وأنانياتهم من أجل مصلحة وطنهم وهناء شعبه".

وفي المقابل، لم يغب العهد عن مضامين الرسائل الحكومية التي ضمّنها الرئيس المكلف بيانه أمس لمناسبة الأضحى، خصوصاً حين شدد على أنّ "الوقت الداهم والاستحقاقات المقبلة يتطلبان منا الاسراع في الخطوات الاستباقية ومن أبرزها تشكيل حكومة جديدة تواكب الأشهر الاخيرة من عهد فخامة الرئيس ميشال عون وانتخاب رئيس جديد للبنان"، مذكّراً بأنّ أسبوعاً مضى على تقديم تشكيلته الوزارية إلى عون والتشاور معه في مضمونها "على أمل أن نستكمل البحث في الملف وفق أسس التعاون والاحترام"، مع تشديد ميقاتي في الوقت عينه على أنّ "الحملة الجائرة والمنظمة" التي تتعرض له حكومته و"كل الحملات لن تغيّر في الواقع المعروف شيئاً".

وتزامناً، برزت الرسالة الوداعية التي خطّها السفير البريطاني ايان كولارد أمس لمناسبة انتهاء مهامه في لبنان، سيّما وأنها اختزنت بين سطورها "بهدلة" واضحة للطبقة الحاكمة اللبنانية، تحت عنوان "السعي إلى مستقبل يستحقه لبنان"، متوجهاً إلى الشعب اللبناني بالقول: "يعاني الكثيرون منكم في ظل استمرار فشل أصحاب النفوذ في لبنان في خدمة مصالحكم (...) وفي لقاءاتي مع السياسيين والمصرفيين يبدو أن معظمهم لا يريد تقبل أنّ على لبنان القيام بكل ما هو مطلوب من أجل الحصول على حزمة إنقاذ دولية (...) الآن ليس وقت السياسة، لم يكن اتخاذ قادتكم للقرارات الضروريّة أكثر أهمية من أي وقت مضى، يجب عليهم إظهار التعاطف والالتزام بتحسين حياة مواطنيهم في البلاد، ويجب أن تتفوّق المصلحة العامة على المصلحة الشخصية".


MISS 3