الصحافي الفرنسي-العراقي فرات العاني يتحسّر على "العراق السعيد"

11 : 30

إعتبر الصحافي الفرنسي العراقي فرات العاني، الحائز قبل فترة قصيرة على جائزة ألبير- لوندر العريقة عن كتابه "عبير العراق"، أن العراقيين خرجوا إلى الشوارع لإعادة بناء هوية جديدة.

ويتظاهر آلاف العراقيين في عدة مناطق منذ الأول من تشرين الأول ضد الطبقة السياسية الحاكمة التي يتّهمونها بالفساد والطائفية، في إطار حركة احتجاجية ضخمة قتل فيها أكثر من 300 شخص.

وقال العاني لوكالة "فرانس برس" في مقر اقامته في دبي: "كفى تصنيف العراقيين على أنّهم سنة وشيعة، أكراد وعرب"، مضيفاً أنّ المتظاهرين الشبان "لا يريدون فقط إعادة بناء الطرق والمباني، لكنّهم يسعون لإعادة بناء الهوية العراقية وهذا أمر حيوي لمستقبل البلاد".

ويحتل العراق المرتبة الثانية عشرة في لائحة أكثر الدول فساداً في العالم بحسب منظمة الشفافية الدولية.

ويشكل الشباب 60% من عدد سكان هذا البلد البالغ 40 مليون نسمة. وتصل نسبة البطالة بينهم إلى 25%، بحسب البنك الدولي. وكانت البطالة من أهم دوافع الاحتجاجات.



وفي كتابه "عبير العراق"، يروي العاني تاريخ العراق من الحرب مع إيران (1980 - 1988)، إلى العقوبات والحصار، وصولاً إلى الاجتياح الأميركي في 2003 وولادة جماعات متطرفة بعد ذلك.

والكتاب عبارة عن وثائقي برسوم تلخّص عدداً كبيراً من التغريدات التي نشرها الصحافي في 2016 وتناول فيها رحلة له إلى العراق في سنة 1989 حين كان في التاسعة من العمر.

واعتبرت لجنة تحكيم جائزة ألبير- لوندر التي تكافئ الصحافيين، بعد منحه مكافأة أفضل كتاب في نهاية تشرين الأول الماضي، أنّ العمل عبارة عن "مفاجأة أدبية" من حيث الشكل إذ إنه يرتكز على تغريدات.وقال العاني لوكالة "فرانس برس" إن "عبير العراق" يشرح كيف غرق هذا البلد في جحيم الحرب.

وبحسب العاني، فإنّ العراق "السعيد" بالنسبة له هو ذاك الذي زاره قبل نحو 30 سنة، على الرغم من أن صدام حسين كان يقود حينها نظاماً ديكتاتورياً.

وقال الكاتب المولود في فرنسا: "والدي، المعارض لصدام حسين والمنفي في باريس، أخذني للمرة الاولى إلى العراق. كان عمري تسع سنوات في 1989، وهي سنة السلام الوحيدة في السنوات الأربعين الأخيرة".

وأهدى العاني الكتاب لوالده الذي توفي قبل ثلاثة أسابيع تقريباً من نيل الكتاب الجائزة، لأن "العراق الذي أعرفه، والعراق الذي رأيته، والعراق الذي ضاع مني، هو أيضاً تاريخ والدي".

وتُعتبر الاحتجاجات غير مسبوقة في التاريخ العراقي الحديث. وقد بدأت عفوية بسبب الاستياء من الطبقة السياسية برمتها، وصولاً حتى إلى رجال الدين.



وعاش العراق خلال العقود الماضية حروباً وأزمات متلاحقة بينها عنف طائفي بلغ ذروته بين العامين 2006 و2008، ثم حرباً مدمرة بعد اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية لأراض واسعة في شمال العراق وغربه. وتحسن الوضع الأمني بوضوح خلال العامين الماضيين بعد دحر تنظيم "الدولة الإسلامية" نهاية العام 2017.

ويطالب العراقيون بمعالجة البطالة ومحاربة الفساد للنهوض ببلدهم الذي يعد من أغنى دول العالم بالذهب الأسود. ويشير خبراء إلى أن عدم وجود إصلاحات جذرية يطالب بها العراقيون بعد أربعة عقود من الحرب ليس إلا تأجيلاً للمشكلة.

لكن العاني قال إنّه متفائل بحدوث تغيير بفضل التظاهرات التي يقودها جيل شاب "لم يعش اجتياح العام 2003". وذكر أنّه ينوي العودة إلى العراق للعمل على مشروع طويل الأمد، يشمل مسؤولين سياسيين ومواطنين عاديين، من دون أن يحدّد طبيعة المشروع.

MISS 3