شربل داغر

الثقافة أو القيمة المبددة

18 تشرين الثاني 2019

11 : 03

أقرأ في الجريدة عن تسلم اللبنانية رولا خلف رئاسة تحرير كبرى الجرائد العالمية وأعرقها (الفايننشال تايمز")، وأفكر في نزول الاستاذ الجامعي إلى الشارع. أقرا وأفكر وأتساءل:

أفي مقدورنا الخروج من الازمة الوطنية العاصفة من دون... الثقافة؟

سؤال جدير بالبحث. والجواب الأكيد على السؤال هو أن لبنان لم يشهد في تاريخه خروج مثل هذه الأعداد الهائلة من الجامعيين والخبراء وغيرهم الى الشارع، الى الاجتماعات والنقاشات والاقتراحات والتطلعات.

وفي هذا ما يشير الى أن هذا القطاع بات مهدداً في لقمة عيشه، من دون شك، وفي جدوى قيمته الوطنية أيضاً.

وإلى نزول الأساتذة الى التظاهر، نزلَ إلى جانبهم تلاميذهم وقراؤهم...

هذا يعكس هوة كبيرة بين السياسة والجامعي. وما كان مستوراً، بات معلناً.

الأستاذ الجامعي، الذي كان "يُسَلِّم" خيرة طلابه، بعد تخرجهم، إلى الجامعات والشركات خارج لبنان، بات يتذمر بقوة ظاهرة من هذا التهديد لأحد أوجه الثروة الوطنية.

كيف لا، وهو يعرف أن خيرة طلابه يبلغون الجامعات والشركات والمسؤوليات العالية في أعمالهم الخارجية، من دون واسطة، من دون امتحان دخول!

كيف لا يعترض بهذه القوة، وهو يجد طلابه يرتقون ويتقدمون، بفضل ما تم تأهيلهم عليه في لبنان.

هو الذي يعرف أكثر من غيره، أن ما ينقص هؤلاء هو الدولة، لا الكفاءة. وهذا ما يجده الطالب في الخارج، أي وجود الدولة التي ترعاه، وتستثمر قيمته المضافة.

الحاكمون لا يبالون بهذا كله، بل لا يبالون بما هو أبسط منه، وهو لقمة عيش الناس، وكرامتهم.

وهنا فداحة الأزمة الوطنية التي نعيش، إذ باتت مصادر قوة لبنان، في العلم والمدنية والثقافة، عنوانَ تخلفٍ عند بعض القوى النافذة، ما دام انهم يريدون لنا مثالات في الحكم معينة في أفشل الانظمة السياسية "الجارة"، وفي أعنفها.


MISS 3