الموسيقى أثناء القيادة لتهدئة القلب!

13 : 12

قد تكون القيادة تجربة عصيبة جداً، لا سيما إذا وجدت نفسك وسط زحمة سير خانقة أو كنت سائقاً مبتدئاً. سرعان ما ينعكس هذا الضغط النفسي على قلبك. لكن يؤكد الباحثون الآن على وجود حل بسيط لهذه المشكلة: يكفي أن تسمع الموسيقى المناسبة أثناء القيادة!

كشفت أبحاث سابقة أن الضغط النفسي المتكرر قد يصبح جزءاً من عوامل الخطر المُسببة لأمراض القلب والأوعية الدموية التي تصيب حوالى نصف الناس في عمر العشرين وما فوق.

القيادة مصدر بارز للضغط النفسي المتكرر بسبب العوامل العصيبة المرتبطة بزحمة السير أو القلق الذي يرافق السائقين قليلي الخبرة. لكن هل يعني ذلك أن يكون السائقون اليوميون أكثر عرضة لمشاكل القلب، وهل من حل بسيط لتخفيف الضغط النفسي أثناء القيادة؟

هذا الحل موجود وفق دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة ولاية "ساو باولو" في "ماريليا"، البرازيل، وجامعة "أكسفورد بروكس" في بريطانيا، وجامعة "بارما" في إيطاليا.

نُشِر تقرير عن الدراسة في مجلة "العلاجات التكميلية في الطب"، حيث طرح الباحثون نتائج واعدة عن بحثهم الذي شمل سائقين مبتدئين، واستنتجوا أن سماع الموسيقى أثناء القيادة يخفف الضغط النفسي الذي ينعكس على صحة القلب.

يوضح المشرف الرئيس على الدراسة، فيتور إنغراسيا فالينتي: "إكتشفنا أن الإجهاد القلبي لدى المشاركين في تجربتنا تراجع عند سماع الموسيقى أثناء القيادة".

إستعان الباحثون في دراستهم بخمس متطوعات تتراوح أعمارهنّ بين 18 و23 عاماً. كانت هذه المجموعة تتمتع بصحة جيدة، ولم تكن معتادة على القيادة لوقت طويل (مرتين في الأسبوع كحد أقصى)، وتلقّت رخصة القيادة قبل بدء الدراسة بمدة تتراوح بين سنة و7 سنوات.

يوضح فالينتي: "أردنا مراقبة نساء غير معتادات على القيادة لوقت طويل لأن الذين يقودون بشكلٍ متكرر ويحملون رخصة قيادة منذ فترة طويلة يجيدون التكيف مع المواقف العصيبة في زحمة السير".

طلب الباحثون من المتطوعات المشاركة في تجربتَين مختلفتَين. في اليوم الأول، كُلّفت كل امرأة بقيادة سيارة طوال 20 دقيقة في ذروة الازدحام، في طريق ممتد على 3 كلم في واحدة من أكثر المناطق ازدحامــاً في مدينة "ماريليا". في ذلك اليوم، لم تُشغّل المشارِكات أي موسيقى في السيارة. لكن في التجربة الثانية، استمعن إلى موسيقى هادئة أثناء القيادة.

في الحالتَين، قادت المشارِكات سيارات ليست ملكاً لهنّ. كان هذا العامل ضرورياً برأي الباحثين كي لا يتراجع الضغط النفسي لمجرّد أن السيارة المستعملة مألوفة.

لقياس أثر الضغط النفسي على القلب في كل تجربة، طلب العلماء من المشارِكات وضع جهاز لمراقبة ضربات القلب وتسجيل تقلباتها في الوقت الحقيقي.

يؤثر نشاط الجهاز العصبي الودّي واللاودّي على تقلبات ضربات القلب. يكون الجهاز العصبي الودّي مسؤولاً عن تنظيم استجابة الهرب أو المواجهة، أي تفاعل الجسم التلقائي مع المواقف العصيبة والمقلقة. في المقابل، يتولى الجهاز العصبي اللاودّي العمليات المرتبطة بالراحة والهضم.

يضيف فالينتي: "تؤدي زيادة النشاط في الجهاز العصبي الودّي إلى تراجع تقلبات ضربات القلب، لكن تزيد تلك التقلبات عند تكثيف نشاط الجهاز العصبي اللاودّي".

في المرحلة اللاحقة، حلل الباحثون القياسات التي جمعوها عبر أجهزة مراقبة القلب في مناسبتَين، فرصدوا زيادة في تقلبات ضربات القلب عند سماع الموسيقى أثناء القيادة في ظروف عصيبة، مقارنةً بأثر غياب الموسيقى في مواقف مماثلة.

بعبارة أخرى، أدى سماع الموسيقى إلى تخفيف أعباء الضغط النفسي المعتدل لدى المتطوعات أثناء القيادة.

إختار الباحثون أن تشارك النساء حصراً في هذه الدراسة لأنهم أرادوا في هذه المرحلة استبعاد أي أثر محتمل للهرمونات الجنسية. يقول فالينتي: "لو شارك الرجال بقدر النساء في هذه التجربة واكتشفنا اختلافاً بارزاً بين المجموعتين، كنا لننسب السبب على الأرجح إلى الهرمونات الجنسية النسائية".

باختصار، تكشف نتائج تلك التجارب الصغيرة أن سماع الموسيقى الهادئة قد يكون حلاً بسيطاً لمنع تصاعد مستويات الضغط النفسي وانعكاسه على القلب في زحمة السير الخانقة.