طوني كرم

أهالي شهداء المرفأ: "إخبار" بحقّ المتلاعبين في التحقيق أمام مدّعي عام التمييز

"العدالة الضائعة"... بين التوازنات الطائفية والتلاعب في الأدلّة

13 تموز 2022

01 : 59

أهالي الموقوفين من أمام قصر العدل: لكف الظلم وإخلاء سبيل أهلنا وتيسير العدالة

محاولات «قبع» المحقق العدلي وتعليق التحقيق في تفجير المرفأ مستمرة، عبر اتخاذ التوازنات الطائفية واستحضار «أعراف» جديدة لتعيين رؤساء غرف محاكم التمييز كما إقتراح وزير العدل هنري الخوري ضرورة إنشاء «هيئة إتهامية عدلية»، ذرائع لتطيير التحقيق على وقع كشف أهالي الشهداء تلاعباً في التحقيقات الأولية.

«المهم إنو يمشي التحقيق!» قالها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بعد لقائه وفداً من أهالي شهداء تفجير المرفأ قبل أيام في مجلس النواب، موضحاً أن الإقتراح الذي ناقشه مع وزير العدل يتطلب موافقة مجلس القضاء الأعلى على تعديل في أسماء القضاة المقترحين لترؤس غرف محكمة التمييز بما يراعي التوازن الطائفي ويمهد الطريق أمام توقيع وزير المالية على المرسوم، واستئناف الهيئة العامة لمحكمة التمييز عملها والبت في طلبات ردّ المحقق العدلي طارق البيطار ومخاصمة الدولة المرفوعة من قبل المدعى عليهم في تفجير المرفأ.

الخطوة التي توقف عندها الأهالي بإيجابية، لرمزيتها باستقبالهم في «المجلس» الذي يُفترض أن يلاقي سعيهم الدؤوب لتحقيق العدالة وتبيان الحقيقة، يعترضها العديد من التجاذبات السياسية والطائفية وتشكل تدخلاً إضافياً في استقلالية السلطة القضائية وعملها. وتفتح الباب أمام تكريس «أعراف» جديدة، لتشكل «الميثاقية» مدخلاً إضافياً لتكريس النظام الطائفي وقضم المراكز في السلطة جرّاء تحكّم وزير المالية، أياً يكن، في القابل من التشكيلات القضائية والمراسيم التي تتطلب توقيعه، آخذاً من موقعه أداة تعطيلية لإعادة إنتظام العمل في أيٍّ من السلطات ومنها تلك التي يفترض احترام استقلاليتها.

لا تقف تداعيات تعطيل عمل المحقق العدلي طارق البيطار المتكررة عند تأخير إصدار قراره الإتهامي وبلسمة جراح أهالي الشهداء والضحايا التواقين لمعرفة الحقيقة والإطمئنان الى أن دمّ ابنائهم لم يذهب سدىً، بل تطال الموقوفين من الموظفين العاملين في المرفأ أيضاً، الذين بدأ أهلهم تكثيف جولاتهم على المسؤولين مطالبين بالإفراج عن التحقيق وإخراجه من التجاذبات السياسية وحلّ قضيّتهم بعد أن تحوّل ذووهم إلى معتقلين جرّاء توقف التحقيق المتكرر وحرمان الموقوفين من حقهم المشروع بمحاكمة عادلة والدفاع عن أنفسهم وصولاً إلى البت في ملفاتهم، عوض تركهم «كبش محرقة أو بدلاً عن ضائع».

وترافقت التحركات والإحتجاجات التي ينفذها أهالي الموقوفين الذين قارب عددهم 15 وآخرها أول من أمس أمام قصر العدل في بيروت، مع مناشدتهم أهالي الشهداء «العمل سوياً لمعرفة الحقيقة كي لا يبقى هناك ضحايا وأبرياء في السجون».



مراسلة مجهولة المصير



وإن كان استئناف التحقيقات هو الهاجس المشترك بين جميع «الأهالي» بعد رفع يد المحقق العدلي موقتاً عن الملف منذ 23 كانون الأول 2021 بموجب دعوى ردّ مقدمة من المدّعى عليهما غازي زعيتر وعلي حسن خليل أمام الغرفة الأولى لمحكمة التمييز برئاسة القاضي ناجي عيد، فإن دعوى مخاصمة عيد التي تقدم بها زعيتر وخليل حالت دون قدرة الأخير على البتّ في دعوى ردّ القاضي البيطار إلى حين التئام الهيئة العامة لمحكمة التمييز. وبحكم فقدانها النصاب جراء تقاعد عدد من أعضائها، فإن انعقادها يتطلب توقيع وزير المال على مرسوم استكمال تشكيلها.

وفي السياق، توقفت مصادر متابعة للتحقيق عند إمكانية تعديل مرسوم تعيين رؤساء غرف محكمة التمييز، مشيرة إلى أن أهالي الشهداء والضحايا كما اهالي الموقوفين يهمهم أن يسلك التحقيق مجراه القانوني بعيداً عن تدخل السياسيين وحساباتهم الطائفية في تكوين الجسم القضائي.

وإذ ساد تأكيد المتابعين على أن العدالة لا تميزّ بين شهيد وآخر كما بين موقوف وآخر، تم التوقف بحذر عند هذه المطالب والذرائع اليوم، ليتم التأكيد أنها حلقة من مسلسل التعطيل المستمر لملف التحقيق في المرفأ، وهي تلاقي التهديدات التي وجّهت للقاضي البيطار من أجل «قبعه»، واعتكاف وزراء «الثنائي الشيعي» عن حضور جلسات مجلس الوزراء منذ تشرين الأول 2021 إلى كانون الثاني 2022 وذلك للضغط على الحكومة لتعيين محقق عدلي مكان القاضي البيطار.

وأوضحت الجهات المتابعة نفسها، أن عودة وزراء «أمل - حزب الله» إلى الحكومة حينها ترافق مع تقاعد أحد القضاة والإطمئنان الى تعطيل عمل المحقق العدلي، متسائلةً في الوقت نفسه عن وجود ضمانات تحول دون أن يُستتبع الرضوخ لمطالب «الثنائي» اليوم المتحكم بتوقيع وزير المالية بذرائع أخرى لتعطيل التحقيق؟ لتشدد في النهاية على أن الحلّ يكون بالرضوخ إلى القانون وعدم التدخل في عمل السلطة القضائية تحديداً في ظل المساعي والمناشدات الحثيثة المطالبة بإقرار قانون استقلاليتها وعدم التدخل في التعيينات القضائية.

وأمام العرقلة السياسية المتمادية للتحقيق، فجّر وليم نون، شقيق شهيد فوج الإطفاء جو نون مفاجأة للرأي العام، كاشفاً عن إخفاء أدلة في التحقيق وتوجيه اصابع الإتهام ضدّ فئة واحدة من الموظفين الإداريين وإبعاد الشبهات عن المسؤولين العسكريين في المرفأ كما بعض القضاة، مؤكداً لـ «نداء الوطن» توجه «الأهالي» مع بداية الأسبوع المقبل إلى تقديم إخبار أمام السلطات القضائية المعنية بعدما تبيّن قيام جهات أمنية بإخفاء أدلّة ومراسلات من التحقيق الأولي الذي كلفتهم الحكومة القيام به رسمياً عقب الإنفجار في 5 آب 2019. ولفت نون الى أن «بحرية بيروت» التي كشفت على الباخرة قبل تفريغ الحمولة كانت على بيّنة من خطورة المواد التي اظهرتها أوراق الشحن العائدة لـ «الشركة المصنعة للمتفجرات» وتظهر بوضوح وجود نيترات/35 درجة، ما يؤكد أن الباخرة تحمل متفجرات.

وعن تقديم الإخبار في ظل تجميد عمل المحقق العدلي، أوضح أن الإخبار سيقدم أمام مدعي عام التمييز الناظر في هذا الملف عماد قبلان، آملاً أن يسلك الإخبار طريقه القانوني الصحيح ومساءلة الذين تدور حولهم الشبهات بعيداً عن الإستمرار المتمادي من قبل «كبار المتورطين» في حماية بعضهم البعض خوفاً من أن يطالهم التحقيق، علماً أن المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان سبق أن صادق على قرار وزير الداخلية القاضي بسام مولوي ومجلس الدفاع الأعلى الرافض إعطاء الإذن للمحقق العدلي طارق البيطار لملاحقة رؤساء الأجهزة الأمنية المعنيين في الملف.


MISS 3