محمد دهشة

حكاية تقاطع "ايليا" الذي حوّله الصيداويون الى "ساحة ثورة"

21 تشرين الثاني 2019

02 : 00

في ساحة ثورة 17 تشرين الأول

تحوّل تقاطع "إيليا" في صيدا، منذ اندلاع "الحراك الشعبي" في لبنان في 17 تشرين الأول الماضي، إلى "قبلة" المحتجين و"قلب الثورة" النابض بالحراك والنشاط من تظاهرات واعتصامات يومية وجلسات حوارية وندوات ادارية وتربوية متنوعة، حتى أطلق عليها "ساحة ثورة 17 تشرين"، لتكتسب شهرة واسعة بعدما كانت مجرد "تقاطع" تسمى نسبة الى مستشفى "ايليا" الكائن في المنطقة، والمقفل منذ سنوات طويلة.

واختير "التقاطع" نظراً إلى أهميته "المرورية"، اذا تميزه "اشارات ضوئية" ويشكل شريان التواصل الى مختلف مناطق الجنوب، وقرى شرق صيدا وصولاً إلى جزين، والى شوارع صيدا الداخلية التي تصل الاسواق والاحياء والساحات بعضها ببعض، بعدما أطلقت البلدية على الطريق الذي يصل المدينة بشرقها اسم شارع حسام الدين الحريري، نسبة إلى نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي توفي في حادث سير في الولايات المتحدة الأميركية العام 1991، وأطلقت على الاوتوستراد الشرقي اسم بوليفار الدكتور نزيه البزري وعلى الغربي اوتوستراد الرئيس عادل عسيران، كما أطلقت بلدية صيدا برئاسة المهندس محمد السعودي على ساحته بين المسربين، حديقة "الشهيد محمد الناتوت" الذي قتل على يد السوري ناصر الفارس في 28 شباط 2012 بهدف السرقة، ناهيك عن افتتاح مراكز تجارية هامة قربه.

لماذا "إيليا"؟

ويروي مختار حي "الدكرمان" محمد البعاصيري لـ "نداء الوطن"، انه اطلق على التقاطع اسم "إيليا" نسبة الى المستشفى الذي بناه الدكتور الراحل الياس نقولا إيليا منذ نحو أربعين سنة، إذ كانت المنطقة عبارة عن بساتين وكان يميّزها المستشفى المذكور من دون أيّ ساحة. أما الشارع الذي يربط مدينة صيدا بشرقها فكان يُسمى "طريق جزين"، ومع التطور العمراني الذي شهدته صيدا وجب شق الكثير من الطرقات، وتركيب عدد من الاشارات الضوئية، فاكتسب اسم "ايليا"، قبل أن يحوله "المحتجون" الى ساحة ثورة 17 تشرين الاول ويرفعوا لافتة كبيرة بذلك، لتصبح مركز انطلاق النشاطات اليومية وملتقى الحراك وادارته اليومية.

ويؤكد الناشطون في الحراك لـ "نداء الوطن"، ان اختيار تقاطع "ايليا" ليكون مركزاً ومنطلقاً للحراك الاحتجاجي في صيدا جاء وليد ساعته، ولم يكن مخططاً له مسبقاً، اذ كان المحتجون يعتصمون أمام مبنى "أوجيرو" للاتصالات الواقع في شارع حسام الدين الحريري، اي في منتصف الطريق ما بين "إيليا" وساحة "النجمة" وسط المدينة، وبعد التشاور قرروا قطع الطريق في وسط "إيليا" كونه أهم تقاطع في المدينة وطريقاً رئيسياً وشرياناً حيوياً يربط صيدا شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وهكذا صار مكاناً يجمع المحتجين يومياً الى ان اطلقنا عليه اسم "ساحة ثورة تشرين الاول" نظراً لهذه الرمزية.

واقترحوا اضافة لمسات جديدة على الساحة لتتناسب مع اسمها وحراكها الاحتجاجي اليومي المتجدد، فضلاً عن رفع الاعلام اللبنانية وكتابة الشعارات واقامة منصة رئيسية صغيرة، وتزويدها بالصوتيات والاضواء، ومنها طلاء مستشفى "ايليا" بألوان العلم اللبناني مثلما فعل المحتجون في طرابلس، الا ان ذلك لم يتحقق، حيث يوضح الناشط أحمد شعيب ان "الفكرة كانت مطروحة منذ اليوم الاول، ولكن لاننا واعون، وتحت سقف القانون، لا سيما احترام الاملاك العامة والخاصة، حاولنا التواصل مع اصحاب المستشفى، لانه ملك خاص وليس من حقنا أن ندق مسماراً فيه من دون اذن، وبعدما نجحنا في أخذ الجواب منهم، كان تأكيدهم انهم لا يريدون اي دهان او تغيير ثابت يطال المبنى وهذا حقهم، ولكن سمحوا لنا مشكورين، ان نعلق كل ما يمكن ازالته لاحقاً على كامل مساحة المبنى، ونحن نناقش احتمالات ماذا نعمل، اضاءة او طباعة او غيره".

ومع مرور اسبوعين تقريباً على الحراك، جرى فتح التقاطع بـ "مساربه الاربعة"، من قبل الجيش اللبناني وجرى الاتفاق على ابقائها مفتوحة امام حركة السيارات واقفالها موقتاً اذا تزايدت حشود المشاركين وهو ما يحصل مساء منذ 35 يوماً.

هدوء وإقفال

تزامناً، عاشت مدينة صيدا أمس يوماً هادئاً، ميّزه تحرك طلاب عدد من المدارس الذين نظموا مسيرة جابت شوارع المدينة انطلاقاً من تقاطع "ايليا"، الذي بقي مفتوحاً امام حركة المرور، مع فتح كل المرافق العامة ابوابها صباحاً، قبل ان يعودوا ويقفلوا ظهراً مؤسسة كهرباء لبنان، اوجيرو، ومصلحة مياه لبنان الجنوبي والمصارف ومحلات الصيرفة في شارع رياض الصلح الرئيسي في المدينة وسط اجراءات أمنية للجيش اللبناني والقوى الامنية ويكملوا المسيرة الى احياء صيدا القديمة.