هند مطر

متحف سرسق يستضيف مزاداً علنياً للأعمال الحديثة تحيةً لغايا فودوليان

22 تموز 2022

02 : 01

عمل مشترك بين ندى دبس ورينا جابر

عينان تلمعان بوميض الدموع العابرة التي نادراً ما تظهر. لكن الحدث، "هذا المساء"، إستثنائي. والقيّمة على المعارض آني فارتيفاريان تسمح لنفسها أن تُعبّر عن بعض الذي يسكنها منذ أن سلب زلزال الرابع من آب من تلك السنة، ابنتها الرائعة، غايا فودوليان، التي سخّرت حياتها القصيرة لمُساعدة الحيوانات الشاردة ولدعم أي فنان آمنت بجنونه الشهيّ في عالم الخلق.




تصميم لشيرين فتوح



وكانت مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لها أن يُقام مزاد "TAKE ME AWAY TO BETTER DAYS" (خذني بعيداً إلى أيام أفضل) الذي يعود ريعه لدعم "THE GAIA FODOULIAN ASSOCIATION" (جمعية غايا فودوليان) لحماية ودعم الحيوانات الضالّة، في متحف سرسق الذي ما زال يحمل بين أروقته وعلى جدرانه بعض آثار من ذلك المساء الذي بدّل حيوات بكاملها، وإن كان البعض يتعامل معه وكأنه "غيمة ومرقت".

وأصرّت آني فارتيفاريان أن تُكمل رسالة غايا التي ينبثق منها الشق الإنساني من خلال مُساعدة الكائنات الضعيفة والمنسية وتتجسّد بالجمعيّة، وأيضاً من خلال منصّة "ART DESIGN LEBANON" الرقميّة التي تضطلع أحياناً بدور الغاليري التي تظهر فجأة لتختفي فتظهر مُجدداً في مكان آخر (PoP Up Gallery). وكانت غايا قد رسمت الخطوط الأولى لهذا المشروع، ولكن كان للقدر خُططه. فإذا بآني التي نادراً ما تُفارق الإبتسامة الصغيرة وجهها، توظّف ألمها لتكملة هذه الرسالة التي لم تتمكّن غايا من أن تعيشها كاملة.




كارولين تابت وجوانا اندراوس في العمل المشترك



فإذا بها تقوم بسلسلة من الأنشطة الثقافية في مختلف الفسحات البيروتيّة ليكون لغايا ما أرادت: أن تقف إلى جانب الكائنات المتروكة من جهة وأن تدعم من جهة أخرى كل فنان وجد في الخلق أرجوحته الإفتراضيّة الصغيرة التي تقيه شرّ الواقع. إذ تعود كل الأرباح من المعارض التي تقوم بها "AD LEB" إلى جمعيّة غايا فودوليان في سعيها لتأمين بعض آمان للحيوانات التي أحبتها وأمضت أيامها في إنقاذها من رعب الشوارع وظلم الإنسان.




غايا فودوليان وتصميمها الذي لم يتمكن منه ذاك الزلزال



وأتى هذا المزاد العلني الذي أقيم في الباحة الخارجيّة للمتحف العريق بالتعاون مع منصّة "ArtScoops" الرقميّة والـ"Agenda Culturel" بعد أن عُرضت عشرات الأعمال الحديثة بين 15 تموز و19 منه في صالة المعارض السفليّة للمتحف قبل أن تنتقل إلى المزاد.

وأصرّت آني بحسب ما تؤكد لنا، "قيام الحدث في المتحف لا سيما وأن رسالة "AD LEB" تبقى إقامة معارض في الفُسحات المُتميزة، وهذا المكان من الرموز المحوريّة في البلد".

وفي ما يتعلّق بالفنانين الذين شاركوا في هذا الحدث الإستثنائي فكان الخيار له علاقة مُباشرة بغايا، إذ كانت إما تُحب أعمالهم وإما عملت معهم سابقاً عندما كانت تُدير غاليري والدتها، "ليتيسيا" في شارع الحمراء، أم أنها كانت تُريد أن تُسلط الضوء على أعمالهم من خلال مشروعها "AD LEB" الذي لم تتمكّن من أن تُكمل كتابة قصته.



ضياء مراد وأهراءات القمح التي أنقذت نصف المدينة


28 فناناً ومُصمماً عرضوا أعمالهم الفريدة أو المحدودة من حيث الكميّة في هذا الحدث الإستثنائي، منهم آيلين كوبر وأدليتا ستيفان وسيبيل طرزي، وكانت المفاجأة الجميلة إصرار آني فارتيفاريان على دمج الأعمال الحديثة في هذا المتحف القادم من التاريخ ويُحاول جاهداً كتابة تاريخه الجديد بكثير من الأناقة.

وتولّى البريطاني ادوارد رايزينغ الذي يُدير منذ اكثر من 25 عاماً أهم المزادات، إدارة الحدث متوسلاً الروح المرحة والحماسة لتليق الأمسية البيروتيّة بكل ما ترمز إليه من أمل. وطيف البدايات الجميل.

عندما أسأل آني فجأة خلال دردشتي معها، "ما الذي يجعلك بهذه القوة؟ ما الذي يدفعك للمُثابرة؟"، تنساب الدموع الحمراء في عينيها وتُجيب، "هيدا سؤال شوي غريب. وحياتك ما بعرف. لا أحلل. أنطلق من غريزتي. لا أفكر". وسُرعان ما ترتسم على وجهها الإبتسامة الصغيرة التي تُرافقها في كل المناسبات.


MISS 3