على مسرح مونو ولأكثر من يوم على امتداد أسبوعين قدم الاعلامي والكاتب والممثل الكوميدي طوني أبو جودة عرضاً متكاملاً حمل عنوان stand up Tony وهو من تأليفه وتمثيله بتعاون تقني مع مهندس الضوء والصوت إيلي طرابلسي.
حضر العرض عدد لا يستهان به من الجمهور الذي يتابع النجم الذائع الصيت بدوره كإعلامي في برنامج "يا ليل يا عين" مع ماريان خلاط على المؤسسة اللبنانية للارسال بالاضافة الى مشاركته في برنامج "سي بي أم" الكوميدي على شاشة تلفزيون الشرق الاوسط "أم بي سي" ، وبالتالي ليس غريباً عليه ابهار الجمهور بأداء استثنائي وقدرات يصعب على سواد البشر التحلي بها.
تنوع العرض- الذي حظي بحضور حاشد وتفاعل إستثنائي- بمضامين تراوحت بين الإجتماعي والسياسي والإقتصادي، فحمل الكثير من اللفتات الذكية والانتقادات المبطنة الى شوائب المجتمع اللبناني بالاضافة الى التركيز على خصال وخصائص المجتمع اللبناني بأسلوبٍ طريف تميّز بخفة الظل وبحسّ عالٍ من الفكاهة.
وطوال الاداء الذي استمرّ ساعة وعشر دقائق لم يعرف فيها الجمهور ثانية من الملل والضحك من كل قلبه، نجح أبو جودة في أسرنا بقدرته المميزة على التقليد، متلاعباً بصوته بشكل مبدع مقلداً وممثلاً ومتحركاً برشاقة على المسرح الخالي إلا من شاشة عملاقة لعرض بعض المشاهد وكرسي. وأعلن الكوميديّ أنه خسر كيلوغرامين بسبب العمل لأنه تطلب منه جهداً كبيراً ومتعباً خصوصاً أنه على شاكلة One Man show ولا يعتمد على الكلمة فحسب بل على التمثيل والكلام المتزامن مع الحركة البدنية السريعة فضلاً عن الحاجة الى تحريك كل عضلة في وجهه تنفيذاً للأدوار التي يقدّمها.
يذهلك أبو جودة بتنوّع مواهبه فهو بالاضافة الى موهبته الفذة في الرسم رأيناها مع رسمه مغامرات مكسيم شعيا، استخدمها لرسم بوستر الستاند أب كوميدي الذي نحن بصدده، قادر على تمثيل فقرة سينمائية بأكملها، من بضع دقائق يكون "خالقاً كل تفصيل فيه" فيعلن عن الفيلم بصوته ويغني شارته ويؤدّى كافة المؤثرات الصوتية التي تستخدمها الافلام من عواصف وصواعق وأصوات حيوانات وأشياء مختلفة.
لم يتوقّف الابداع عند هذا الحدّ اذ برهن أبو جودة مجدداً عن موهبته الاستثنائية في التقليد والصوت مقدّماً تقليداً رائعاً لأعلام الغناء في زمن ولّى من مرحلة مراهقته على الارجح، بأغنيةٍ واحدة غيّر فيها الاداء مع كلّ مغنٍ يقلّده، من التون جون الى مايكل جاكسون الى "بيت شوب بويز" وجورج مايكل ودافيد بوي وستيفي ووندر و"ديبيش مود" و"أها" وغيرهم...
يستبعد أبو جودة حالياً الانضمام الى أي عمل جماعي بل ينوي تقديم عمله في بلدانٍ مختلفة ضمن جولة فنية وقد أراد اطلاق العمل من لبنان أولاً.
تخرج من الامسية الكوميدية مزوّداً بجرعةٍ لا يستهان بها من التفاؤل والتقدير لما يتمتع به بلدك من مواهب استثنائية لا تجد من يلتفت إليها من السلطات المحلية الغائبة عن الحضور والوعي. تواسي نفسك برؤيتك مسرح "مونو" يتحوّل منذ فترة قصيرة وتحديداً منذ استلام القديرة جوزيان بولس دفة إدارته الى خلية نحل فعلية حيث يستضيف المكان مسرحية تلو أخرى.
شكراً جوزيان لاعادة إحياء ثقافة المسرح بهذه الأعمال المميزة ولعدم استسلامك لليأس وهجرة البلد كما فعل غيرك. وشكراً طوني أبو جودة لأنك لساعةٍ ونصف أبعدتنا عن كآبة روتيننا الحالك اليومي وسحرتنا بتقليدك الذي صنع تميّزك على امتداد السنوات وأرجعتنا الى زمن الفن الجميل والاغنيات الغربية الرائعة وكل التوفيق لنشاطك المقبل.
