كيسنجر يُحذّر من احتمال نشوب حرب بين واشنطن وبكين

09 : 30

كيسنجر (أرشيف)

في موقف لافت لمهندس التقارب التاريخي بين القوّتَيْن الكبرييْن في سبعينات القرن الماضي، حذّر وزير الخارجيّة الأميركي السابق هنري كيسنجر أمس من أن النزاع التجاري بين الصين والولايات المتّحدة يُمكن أن يتحوّل إلى حرب فعليّة بين البلدَيْن العملاقَيْن. وعبّر كيسنجر خلال مؤتمر نظّمته مجموعة وسائل الإعلام "بلومبرغ" في بكين، عن قلقه من المواجهة التجاريّة الجارية بين واشنطن وبكين منذ العام الماضي، والتي تتمثل بتبادل فرض رسوم تجاريّة على وارداتهما. وقال: "إذا تركنا النزاع يتصاعد، فقد تكون النتيجة أسوأ ممّا حدث في أوروبا في القرن العشرين"، مشيراً إلى أن "الحرب العالميّة الأولى اندلعت نتيجة أزمة صغيرة نسبيّاً، بينما الأسلحة أقوى بكثير اليوم".

وإلى جانب خلافهما التجاري، يتواجه البلدان استراتيجيّاً خصوصاً في شأن تايوان وبحر الصين الجنوبي، اللذَيْن تؤكد الصين سيادتها عليهما. وأوضح كيسنجر أن "الصين قوّة اقتصاديّة كبرى ونحن كذلك"، مضيفاً: "نحن محكومون بأن تتضارب مصالحنا في كلّ مكان في العالم". وأشار إلى أنّه خلال الحرب الباردة بين الولايات المتّحدة والاتحاد السوفياتي، كان وضع خطّة لخفض القدرات النوويّة للقوّتَيْن على رأس الأولويّات. لكن، وبما أن النزاعات بين الولايات المتّحدة والصين كانت دائماً "غير فعليّة"، حذّر كيسنجر من أن واشنطن لا تملك إطاراً للتعامل مع بكين "كقوّة عسكريّة".

كذلك، نبّه من أنّه "إذا واصل الطرفان النظر إلى كلّ قضيّة في العالم على أنّها نزاع بينهما، فقد يكون ذلك خطراً على البشريّة". ورأى أن المفاوضات التجاريّة بين البلدَيْن ليست سوى بديل لمفاوضات أكثر أهمّية في شأن خلافات بين واشنطن وبكين، بما في ذلك التوتر في شأن هونغ كونغ. وردّاً على سؤال عمّا إذا كانت الاضطرابات في هونغ كونغ يُمكن أن تُشكّل "الشرارة" لحرب باردة جديدة، أمـل كيسنجـر في أن تتـمّ تسويـة هـذه القضيّة "بالمفاوضات".

وفي هذا الصدد، اتهمت الصين الولايات المتحدة أمس بالسعي إلى "تدمير" هونغ كونغ، وهدّدت بالردّ بعدما أقرّ الكونغرس الأميركي مشروع قرار يدعم الحراك المطالب بالديموقراطيّة، الذي يهزّ المدينة منذ ستة أشهر. ورأى وزير الخارجيّة الصيني وانغ يي أن إقرار قانون حقوق الانسان والديموقراطيّة لهونغ كونغ، "يُشجّع المجرمين العنيفين". واعتبر أيضاً خلال اجتماع مع وزير الدفاع الأميركي السابق وليام كوهين في بكين، أن مشروع القانون "تدخّل سافر في الشؤون الداخليّة للصين". كما كتبت صحيفة "غلوبال تايمز": "البعض قد يتوقع أن يردع ذلك بكين. هذا التفكير ينمّ عن سذاجة"، في وقت ما زالت جامعة "البوليتكنيك" في هونغ كونغ محاصرة وفي داخلها عشرات المتظاهرين الذين يرفضون دعوات الشرطة للاستسلام.

وكيسنجر (96 عاماً)، وزير الخارجيّة في عهد الرئيس ريتشادر نيكسون، كان قد سافر العام 1971 سراً إلى بكين لبدء محادثات حول العلاقات بين الولايات المتّحدة والصين الشيوعيّة. وهو يَلقى إلى اليوم تقديراً في الصين التي تستقبله بحفاوة عندما يزورها، والتقى الرئيس شي جينبينغ عندما زار بكين في تشرين الثاني من العام الماضي.