تلوّث الهواء يزيد مخاطر الزهايمر

10 : 43

تزداد الأدلة التي تُرسّخ الفكرة القائلة إن تلوث الهواء يزيد خطر الإصابة بمرض الزهايمر. تكشف دراسة جديدة أن جزيئات التلوث الضئيلة التي يحملها الهواء القذر قد تدخل إلى الدماغ وتؤثر على مستوى التراجع المعرفي.

من المعروف أن تلوث الهواء في البيئة المحيطة بنا عامل خطر بارز لمجموعة متنوعة من المشاكل الصحية. وفق منظمة الصحة العالمية، يتنشق 9 أشخاص من كل 10 حول العالم هواءً ملوثاً جداً، ويكون تدهور نوعية الهواء جزءاً من مسببات ملايين حالات الوفاة سنوياً في أنحاء العالم.

يسهل أن نفهم طريقة تأثير الهواء الذي نتنشّقه على جهازنا التنفسي، إذ تعتبر الأبحاث أن التلوث عامل خطر للإصابة بسرطان الرئة، لكن من الأصعب أن نعرف مدى تأثيره على صحة أعضاء مهمة أخرى.تكشف أدلة متنامية أن تلوث الهواء يرتبط بالتراجع المعرفي وأنه يؤثر على عدد متزايد من حالات الزهايمر.

رصدت دراسة نشرتها مجلة "ميديكل نيوز توداي" في العام 2018 مثلاً ارتفاعاً في مخاطر الخرف لدى أكثر الأشخاص عرضة لأبرز ملوثات الهواء، حتى أن دراسة أخرى ذهبت إلى حد اعتبار سوء نوعية الهواء سبباً لخِمْس حالات الخرف. يطرح بحث جديد في مجلة "الدماغ" أدلة إضافية تربط بين تلوث الهواء ومرض الزهايمر، ويشير أيضاً إلى آلية محتملة تجعل الملوثات تؤثر على الوظيفة الدماغية. يقول أندرو بيتكوس، أحد المشرفين على الدراسة وأستاذ مساعِد في علم الأعصاب العيادي في كلية "كيك" الطبية في جامعة جنوب كاليفورنيا، لوس أنجلوس: "إنها أول دراسة تثبت ارتباط تلوث الهواء بالتغيرات الدماغية في نموذج إحصائي، فضلاً عن ارتباط تلك التغيرات بتراجع أداء الذاكرة". حلل الباحثون بيانات 998 مشارِكة بين عمر 73 و87 عاماً، وكنّ قد تسجّلن جميعاً في "مبادرة صحة النساء". خضعت المشارِكات لمسحَين دماغيَين تفصل بينهما 5 سنوات، كجزءٍ من دراسة أكبر حجماً.

على مر البحث، نسب الباحثون لكل مسح دماغي معدلاً للتراجع المعرفي عبر استعمال نموذج من التعلم الآلي، بناءً على بيانات مسوحات دماغية تعود إلى مصابين بالزهايمر.

ثم جمع العلماء هذه المعلومات مع بيانات عن أماكن إقامة المشارِكات ومستويات التلوث في تلك المناطق. سمح لهم هذا القياس الأخير بتحديد درجة تعرّض المتطوعات لتلوث الجسيمات الدقيقة. تشير الجسيمات الدقيقة إلى ملوثات ضئيلة يكون قطرها أقل من 2.5 ميكرومتر، ويبلغ عرضها حوالى 0.03 من حجم الشعرة البشرية. هي تخترق الهواء المحيط بنا عبر أبخرة عوادم السيارات والدخان.وبما أن تلك الجسيمات قد تبقى في الهواء لوقت طويل، يسهل تنشّقها، ما يعني أنها قد تتراكم بكميات غير صحية في أجسام الناس، حتى أنها تدخل إلى أدمغتهم أحياناً.من خلال تحليل هذه البيانات كلها، اكتشف الباحثون أن زيادة التعرّض للجسيمات الدقيقة الملوِّثة ترفع احتمال الإصابة باختلالات معرفية، مثل مشاكل الذاكرة. بقي هذا الرابط قائماً حتى بعد تعديل التحليل وأخذ عوامل مؤثرة أخرى في الاعتبار، على غرار الدخل، ومستوى التعليم، والموقع الجغرافي، وعادة التدخين. لهذا السبب، يظن الباحثون أن تراكم الجسيمات الدقيقة في الدماغ قد يؤثر سلباً على مسار التراجع المعرفي.

يضيف بيتكوس: "من خلال فهم التغيرات الدماغية الكامنة التي يُسببها تلوث الهواء، نأمل في تطوير مقاربات فاعلة لمساعدة المصابين بالتراجع المعرفي أو المعرّضين له. تكشف هذه الدراسة جزءاً جديداً من لغز مرض الزهايمر من خلال تحديد مجموعة من التغيرات الدماغية التي تربط بين تلوث الهواء والتراجع المعرفي. كل دراسة بحثية جديدة تُقرّبنا من حل وباء الزهايمر".


MISS 3