أنجيلينا جولي: الحب والحماية والقيم المشتركة أهم ما في الحياة!

10 : 44

أنجيلينا جولي امرأة مبهرة على مستويات عدة، فهي ممثلة ومخرجة وأم وناشطة في الأعمال الإنسانية. في مقابلة حصرية، تتكلم أسطورة هوليوود عن حياتها العائلية وتناقش عودتها إلى الشاشة بدور "أميرة الشر ماليفسنت". بدت أنيقة خلال المقابلة وارتدت ملابس وقفازات سوداء من ماركة "فيرساتشي"، بما يتماشى مع دور "الساحرة الشريرة" الذي تؤديه في الفيلم.

إذا نشأ أي طفل بطريقة سليمة، يُفترض ألا يتأثر بنجاح والدته أو نفوذها أو نجوميتها، حتى لو كانت أمه أنجيلينا جولي! استمتعنا جميعاً وتأثرنا بمشاهدة لحظة عاطفية من حياتها في شهر آب من هذه السنة. انتشر فيديو على نطاق واسع، حيث تظهر جولي وهي تودع ابنها مادوكس في أول يوم له في الجامعة (جامعة "يونسي"، كوريـــا الجنوبية). مثل جميع الأمهات، حاولت جولي حبس دموعها ولم تنجح. ومثل جميع الأبناء في عمر الثامنة عشرة، شعر مادوكس بالارتباك أمام حالة أمه العاطفية. في تلك اللحظة، تلاشت أهمية الجوائز والتهاني والمكانة الاجتماعية المرموقة لهذه الشخصية الأسطورية، فشاهدنا أبرز دور خُلِقت لتأديته ولطالما اعتبرته الأهم في حياتها: الأمومة.

تقول جولي: "أدركتُ منذ مجيء طفلي الأول مادوكس ضرورة أن أستحق لقب "الأم". هذه الصفة ليست تلقائية، لذا تعني لي الكثير حين أسمعها". بما أنها أم لستة أولاد (ثلاثة أبناء بيولوجيين وثلاثة بالتبني)، تسمع جولي تلك الكلمة أكثر من اسمها من مادوكس وأشقائه: باكس (15 عاماً)، زاهارا (14)، شيلوه (13)، والتوأم فيفيان ونوكس (11).

بالعودة إلى عملها اليومي كنجمة سينمائية فائزة بجائزة الأوسكار، أدت حديثاً دور الساحرة في فيلم Maleficent:Mistress of Evil (ماليفسنت: أميرة الشر)، وقد استمتعت به بكل وضوح: "اشتقتُ إلى هذه الشخصية وأحب تجسيدها مجدداً. أحب قروني، وأغطية الرأس مدهشة. ولا أنسى طبعاً الأنياب وعظام الخدّين. إنها تجربة ممتعـــة بكل تفاصيلها".

لكن رغم تعدد مزايا جولي، لا يمكن اعتبارها شخصية "ممتعة" بشكل عام. فهي معروفة بعملها المتواصل كمبعوثة خاصة للأمم المتحدة، كما أنها كاتبة ومخرجة ومنتِجة ناجحة لأعمال جدّية مثلIn The Land of Blood and Honey (في أرض الدم والعسل، 2011)، و Unbroken(غير مكسور، 2014)، وFirst They Killed My Father (أولاً قتلوا أبي، 2017). وهي معروفة طبعاً بحياتها الشخصية الصاخبة... لكنّ هذه المسألة مختلفــة.

إلى جانب المِحَن الصعبة التي واجهتها خلال فترة طلاقها من براد بيت، خاضت هذه النجمة السينمائية التي تحظى بتعاطف العالم معركة أخرى لنيل حضانة أبنائها الستة، مع أن الزوجَين السابقين نجحا أخيراً في حل خلافاتهما الكبرى على ما يبدو بدءاً من شهر نيسان الماضي. خلال هذه الفترة كلها، من المبرر أن تبحث عن "المتعة" المفقودة في حياتها.في العام 2014، حصد أول جزء من Maleficent (ماليفسنت) 758 مليون دولار على شباك التذاكر، وجسّدت فيه جولي دور ساحرة شريرة وقوية تسمّي نفسها "أميرة الشر"، وشاركتها البطولة إيل فانينغ بدور "الجميلة النائمة" (أو الأميرة "أورورا"). بعد الإغفال عن دعوة "ماليفسنت" إلى حفل عمادة "أورورا"، تلقي لعنة على الطفلة لجعلها تنقر إصبعها بالمغزل وتموت قبل عيدها السادس عشر. لكن سرعان ما تتغير أفكار "ماليفسنت" ومشاعرها، فتقرر تربية "أورورا" وكأنها ابنتها. هذا التحوّل أثّر بجولي كثيراً.

عائلة واحدة

تقول جولي: "جمع الجزء الأول بين شخصيتَين مختلفتين جداً وعدوتَين تاريخيتَين: "أورورا" و"ماليفسنت". ثم أدركنا أنهما جزء من عائلة واحدة وتحبان بعضهما رغم اختلافاتهما الكبيرة".لقد أساء الناس فهم شخصية "ماليفسنت" برأيها. ربما تقصد نفسها حين تقول: "أحياناً، يكون الفرد الذي يبدو سيئاً وخطيراً شخصاً مستعداً للقتال عند الحاجة بكل بساطة. تُعتبر "ماليفسنت" شريرة، وهي تقوم بأفعال سيئة طبعاً، لكنها لم تولد شريرة. بل كذبوا عليها وتعرضت لأذى كبير. لكن لمجرّد أنها تبدو قوية ومتسلطة، تُعتبر تلقائياً عدائية ومختلفة". نظراً إلى انتماء ثلاثة من أولادها (تبنّتهم من كمبوديا وفيتنام وإثيوبيا) إلى أعراق متنوعة، تدرك جولي أن الحب غير المشروط يأتي بأشكال متعددة: "معظم أفراد عائلتنا من اختيارنا الخاص. لقد اخترنا بعضنا البعض ونحن نشكّل طبعاً عائلة واحدة وتجمعنا صداقة قوية أيضاً. لاحظتُ أن أحد أولادي اختار أن يضع على شاشة حاسوبه الاقتباس التالي: "الدم يخلق الأقارب، لكنّ الوفاء يخلق عائلة حقيقية". لقد ابتسمتُ لأنه [ابنها نوكس] يفهم هذه الحقيقة في عمر الحادية عشرة. الحب والحماية والقيم المشتركة أهم ما في الحياة"!

بين القوة والمعاناة

بالحديث عن الاقتباسات القوية، يبرز قول مأثور أيرلندي يعود إلى 150 سنة: "المرأة تشبه كيس الشاي: لا يمكن قياس قوتها قبل وضعها في ماء ساخنة". يسهل أن ننسب هذه المقولة إلى جولي، فقد خضعت قوتها لاختبارات متواصلة.

خسرت جولي والدتها التي كانت مقرّبة جداً منها بسبب سرطان المبيض في العام 2007. ثم في العام 2013، خضعت لجراحة استئصال الثديين الوقائية بعدما اكتشفت أنها تحمل جينة BRCA1 التي تجعلها أكثر عرضة لسرطان الثدي بنسبة 85% ولسرطان المبيض بنسبة 50%. (خسرت جولي خالتها وجدّتها أيضاً بسبب سرطان المبيض). في المرحلة اللاحقة، قررت الخضوع لجراحة أخرى لاستئصال قنوات فالوب والمبيضين لأنها خافت من إصابتها بالسرطان بعد انقطاع الطمث. ثم انفصلت عن براد بيت في العام 2016، بعد علاقة دامت 12 سنة.

بشكل عام، يبقى حجم المآسي نسبياً. على مر عمل جولي لصالح الأمم المتحدة، شهدت على أهوال الفقر والحرب وأقسى مظاهر المعاناة. قالت في مقابلة منذ سنتين، خلال فترة انفصالها عن بيت: "أمضيتُ وقتاً طويلاً من حياتي مع أشخاص يعانون، مثل ضحايا الصراعات المريعة في العالم اليوم، لكني أعرف أن معاناتي لا تُقارَن بتلك الحالات لأنني أملك الكثير وأستطيع تحقيق ما أريده. لذا أحاول دوماً ألا أنسى ذلك".

ثم تكلمت جولي عن تجاربها الصعبة في الماضي: "من الضروري أن نقف بكل ثبات ونستجمع قوتنا الداخلية. رأيتُ هذه القوة لدى أشخاص تجاوزوا مِحَناً غير محدودة، كما في كمبوديا، وأعتبرهم مصدر إلهام لي. أنصدم دوماً بقوة تحمّل من لا يملكون شيئاً وأظن أنه درس لنا جميعاً، لا سيما حين نتذمر من أبسط الأشياء في الحياة".

يسهل أن نشعر بأننا أمام نسختَين من أنجيلينا جولي، إحداهما شابة ساذجة و"جامحة" كانت تسعى إلى تحقيق ما تريده بأي ثمن منذ 20 سنة. عند لقائها للمرة الأولى في العام 1997، أثناء ترويجها لفيلمPlaying by Heart (اللعب بالقلب)، صافحتني بشكلٍ خاطف امرأة قيل لي إنها "ابنة جون فويت".

في تلك الفترة، كان مظهرها العام أكثر ما يلفت النظر، إلى جانب جمالها الغريب والواضح طبعاً. على عكس معظم نجمات السينما الصاعدات، لم تكن مستعدة لمواجهة الكاميرا بأي شكل. كانت ترتدي الجينز وقميصاً قطنياً فاتحاً، ولم تضع أي نقطة مكياج على وجهها وتحتاج إلى ترتيب أظافرها. بعد مرور أكثر من عشرين سنة، تحولت هذه المرأة، التي تملك أكبر عدد من الصور في العالم، إلى أيقونة معاصرة لا يضاهيها أحد من حيث السحر والأناقة.


"ماليفسنت" لم تضعف!

أخيراً، ستبلغ شخصية "ماليفسنت"، التي ظهرت للمرة الأولى في Sleeping Beauty(الأميرة النائمة) في العام 1959، ستين عاماً هذه السنة. هل ضعفت شخصية "ديزني" الشريرة الأسطورية مع التقدم في السن؟ تحافظ جولي (44 عاماً) على صلابتها وتعارض هذه النظرية بقوة، فتقول ضاحكة: "لم تصبح "ماليفسنت" أكثر ضعفاً، بل على العكس. هي تبذل قصارى جهدها لإخماد نيرانها في عالمٍ تطرح عليه تهديدات متواصلة. هي ليست حرة بما يكفي كي تبقى على سجيّتها". ثم تتوقف للحظة وتضيف: "هي تحاول بكل بساطة أن تفهم من تكون"!


MISS 3