خالد العزي

إتفاقية الحبوب الأوكرانية تُعزّز دور تركيا

9 آب 2022

02 : 01

خلال اللقاء الذي جمع بوتين وأردوغان في سوتشي الجمعة الماضي (أ ف ب)

في اللقاء الأخير في قمة سوتشي يوم الجمعة الماضي بين الرئيسين بوتين وأردوغان، لم تتغيّر المواقف السياسية ولا المواضيع الحوارية بينهما، لكن أسباب القمة بعد لقائهما الأخير قبل أقلّ من 3 أسابيع، كانت ضرورية بسبب التطورات الجيوسياسية والجيوإقتصادية التي يجب مواكبتها وتذليل عقباتها، بحيث باتت تفرض نفسها على الطرفين، ولا بدّ من تدوير الزوايا خدمة لمصالحهما التجارية.

إن المصالح الاقتصادية المشتركة للطرفين تعلو فوق الخلافات الجزئية التي تفرضها طبيعة القضايا السياسية لحماية المصالح الخاصة، بعيداً عن التحالفات السياسية لكلّ دولة من الدولتين.

ربّما الحدث الأبرز بين الطرفين هو توقيع اتفاقية نقل الحبوب عبر البحر الأسود مروراً باسطنبول نحو الأسواق العالمية، والتي أعطت حافزاً روسيّاً لتركيا للسير في الحياد الإيجابي من الحرب العسكرية الروسية - الأوكرانية التي اندلعت منذ شباط الماضي، بحيث أصبحت تركيا منصّة فاعلة في الوساطة بين الطرفين ويطمح الرئيس التركي بأن تنتهي بتوقيع إتفاق سلام بين البلدَيْن، لكي يبرز دور وأهمّية أنقرة كوسيط في النزاعات الدولية.

وخلال لقاء بوتين - أردوغان، وضعت 3 ملفات ساخنة للبحث بينهما وهي الحرب في أوكرانيا وأزمة إقليم ناغورني قره باغ والملف السوري. وشكر بوتين أردوغان على توفير المنصّة التركية للمفاوضات حول قضايا الغذاء. وأقرّ القادة بأهمّية دور العلاقات البناءة بين البلدين بإبرام مبادرة حول التصدير الآمن للحبوب من الموانئ الأوكرانية.

وفيما يُهدّد أردوغان بشنّ عملية عسكرية أخرى ضدّ "وحدات حماية الشعب" الكردية في شمال سوريا، ترى موسكو أن المخرج الوحيد هو أن يُسيطر الجيش السوري بشكل كامل على الحدود والخطوط الفاصلة بين مناطق سوريا التي تُسيطر عليها أنقرة. والمفاوضات حول هذا الموضوع جارية، لكن لا توجد نتائج حتّى الآن.

روسيا تتفهم مخاوف أنقرة ولا توافق على الهجمات ضدّ الجيش التركي وقصف الأراضي التركية من قبل التشكيلات الكردية. كما تعتبر أنّ العملية العسكرية لن تحلّ مشكلة الأمن القومي في المنطقة التي تُنفّذ منها الهجمات، وستنتقل ببساطة إلى الحدود التركية، وقد يزداد التهديد الإرهابي داخل تركيا.

تُحاول روسيا تخطّي الملفات الساخنة مع تركيا والذهاب إلى نسج علاقاتها التجارية والاقتصادية معها، وعدم تأزيم المواضيع كي لا تنعكس عليها، إذ أصبحت تركيا النافذة والمتنفس لموسكو للتواصل مع العالم.

وفي ظلّ صعوبة الأوضاع الجيوسياسية المتداخلة، ترك الطرفان المواضيع الخلافية جانباً، وناقشا قضايا اقتصادية ومشاريع في قطاع الطاقة وفتح آفاق جديدة لتعزيز العلاقات وتنفيذ المشاريع الإستراتيجية المشتركة، خصوصاً بناء محطة "أكويو" للطاقة النووية.

بالإضافة إلى أهمية "تركيش ستريم"، الذي أكمل تشييده حديثاً وهو أحد أهم الشرايين لتزويد أوروبا بالغاز الروسي. باتت تركيا رقماً صعباً في الشراكة التجارية مع روسيا، وتفعيل الدفع والشراء بالليرة والروبل، وتفعيل خطوط الطيران، وتطوير السياحة للروس بعد الخطورة التي تُعاني منها منتجعات البحر الأسود بسبب الحرب الأوكرانية، وكذلك استحواذ تركيا على حوافز كبيرة للتجارة لفتح الشركات، بعد هجرة الشركات الغربية للأسواق الروسيّة.


MISS 3