سناء الجاك

قرشهنَّ حلال

10 آب 2022

08 : 51

أولاد الحرام لم يتركوا لأولاد الحلال شيئاً في لبنان منذ وصلوا إلى الكراسي وتربّعوا وحسبوا أن كل مقتدرات البلد حق شرعي ومشروع لهم، مع أنهم في الأصل، ملوك اختراع كل ما هو غير شرعي ومناف للمقومات الإنسانية.


نسجوا شبكة مصالحهم بعلاقات لا مرتكزات تسندها إلا المنفعة والمحاصصة القذرة. تناتشوا خيرات البلد عندما كان الود ديدنهم، وفتحوا النار على بعضهم البعض عندما استفحل حرامهم وتردى منسوب الأخلاق والقيم في ممارساتهم وخطابهم وسوقيتهم، حتى بدت كل المصنفات السابقة المتعلقة بكل ما تعودنا أنه منافٍ للعفة والشرف الرفيع بريئة وغير مؤذية ومبتدئة قياساً إلى ما يرتكبون.


لكن ذلك لم يحل دون استخدامهم هذه المصنفات بعدما أفلست قواميسهم من تعابير القدح والذم والتراشق بالاتهامات، حتى أنهم لم يجدوا إلا التجني على بنات الهوى اللواتي يبعن المتعة لمن يرغب مقابل المال، ليعيِّروا بعضهم البعض الآخر بصفاتهنّ، وكأن في ذلك ذروة النيل من الخصم.


نسوا أن سجلاتهم حافلة بما يدينهم كلصوص ومجرمين وفاسدين، فهم من يحمِّلهم تقرير البنك الدولي مسؤولية "التجريد المقصود للدولة من قدرتها على تأمين الخدمات الأساسية لمواطنيها، وذلك بهدف ترسيخ الامتيازات العامة والخاصة للرعاة الاقتصاديين الرئيسيين للجمهورية الثانية".


ويبيِّن التقرير بالأرقام استحواذهم على موارد هذه الدولة عبر "أنشطة استيراد النفط، والمولدات الكهربائية، وجمع النفايات، والمدارس الخاصة، والمستشفيات وغيرها من العقود الضخمة المربحة" التي مكّنت "المجموعات الطائفية من إحكام قبضتها على المواطنين من خلال حلولها مكان الدولة في تقديم هذه الخدمات".


في حين لا تجرّد بائعات الهوى أحداً إلا مما يريد التجرّد منه طوعاً. فهنّ يختلفن عن أولاد الحرام الذين أصروا ويصرون على تعرية اللبنانيين، كل اللبنانيين، من أدنى مقومات الحياة البشرية، وأغفلوا أن عهرهم أشد مضاضة من عهر اللواتي يأخذن ويعطين بمقايضة واضحة المعالم والأهداف، لا غبن فيها للطرف الذي يدفع، مع احتمال التعرض إلى الكثير من الظلم والقهر وربما الاعتداء الجسدي للطرف الذي يقبض، ومن دون أن يحظين بتعويضات إصابة العمل.


أغفلوا أن العاهرات يحترمن أصول المهنة ولا يبحن بهويّة الزبون ويحفظن أسراره ويحضنَّ عيوبه، وإذا كان "جنتلمان" يقدمن له خدمة إكسترا ويستكثرن بخيره، في حين يذهب أولاد الحرام بعيداً في كشف عورات الخصم، بحيث لا يبقون "ستراً مغطى"، وبعد ذلك يتصالحون ويجلسون حول طاولة واحدة ويتحاصصون ويتقاسمون ما ينهبون، ولا يتوقفون عند الشرور التي أدخلوها إلى كل دار.


صحيح أن بائعات الهوى يتجنبن العواطف الشخصية في العمل، لكن بعضهنّ يتعاطف بصدق، إذا ما تحرك الوجدان، وقد يتنازلن عن البدل إذا كان الزبون مسكينا ويستحق المساعدة، في حين لا مكان لمثل هذا التفهم لدى أولاد الحرام. هم مرابون بامتياز وحاضرون لسلخ جلد ضحيتهم ومعاقبته ان هو لوث لهم مقتنياتهم وسمعتهم بقطرات من دمه.


حتى أن الشتائم لها حسابها في قاموس بائعات الهوى، وهنّ عندما يصلن إلى هذه المرحلة تكون قد فاضت بهنّ المعاناة ووصلن الى درجة يصعب فيها الاحتمال، فمن يشتمنه يعني أنه "أوطى جنس واطي" لأنهنّ لا يفترين على أحد. يدافعن عن أنفسهن عندما يرتفع منسوب الأذى الذي يتعرضن له في غياب من يحمينهن، او عندما يرغمهن القواد الذي يدعي انه يحميهن ويصادر عرق جبينهن على العمل، في حين يستدعي تكديس المليارات التي ينهبها أولاد الحرام التربص بالحلفاء قبل الخصوم والحرص على إبطال أي قدرة للناس على الدفاع عن النفس وصولا إلى إعدام وطن بكل ما فيه ومن فيه.


نزاهة بائعات الهوى في مهنتهنّ لا غبار عليها. وكل قرش يحصلنه حلال زلال، فعملية البيع شفافة واضحة.. وكله عرض وطلب..

أما أولاد الحرام فماذا يبيعون؟؟