الحمية النباتية... محبّذة في عمرٍ متقدّم؟

12 : 05

تتخذ الحمية النباتية اليوم منحىً متطرفاً وتزيد مخاطر النقص الغذائي، لكنها تعطي منافع صحية في الوقت نفسه.

إذا كان التوفو والحبش ورغيف اللحم النباتي على لائحة أطباقك هذه السنة، يعني ذلك أنك قررت على الأرجح الانتقال إلى حمية نباتية أو التخلي عن جزء من البروتينات الحيوانية على الأقل. لكن ما هي الكمية الآمنة التي يمكن حذفها من الحمية؟


منافع الحمية النباتية

من بين مختلف الحميات النباتية، تبرز ثلاثة أنواع شائعة: الحمية النباتية السمكية التي تسمح بتناول ثمار البحر، والحمية التي تشمل مشتقات الحليب والبيض، والحمية النباتية الكاملة التي تمنع استهلاك ثمار البحر ومشتقات الحليب وأي منتجات حيوانية أخرى.تشمل هذه المقاربات كلها كمية كبيرة من الفاكهة، والخضار، والحبوب الكاملة، والمكسرات، والبذور، والزيوت الصحية. وتحتوي هذه الأغذية النباتية على عناصر صحية وافرة:• مجموعة واسعة من مضادات الأكسدة التي تتمتع بخصائص مضادة للالتهاب وترتبط بتحسن الصحة.• كمية كبيرة من الألياف التي تمنع الإمساك وتُخفّض مستوى الكولسترول السيئ وتسيطر على سكر الدم والوزن.

• كمية صغيرة من الدهون المشبعة مقارنةً بالحميات غير النباتية.مقارنةً بالحميات الغنية باللحوم، أصبحت المنافع الصحية لجميع الحميات النباتية موثّقة، منها تراجع حالات أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري والبدانة والسرطان. لكنّ هذه الصورة ليست كاملة. فضلاً عن تراجع النوبات القلبية لدى النباتيين، تذكر دراسة نشرتها "المجلة الطبية البريطانية" أن هذه الفئة من الناس تسجّل معدلات عالية من الجلطات الدماغية النزفية، مقارنةً بمستهلكي اللحوم. تعني هذه الزيادة تسجيل ثلاث حالات إضافية من تلك الجلطات لدى كل ألف شخص خلال فترة 10 سنوات. لكن لم ترصد معظم الدراسات الأخرى خطراً مماثلاً.

إذا كانت الأغذية النباتية صحية أكثر من المأكولات الحيوانية عموماً، هل تصبح الحمية النباتية التي تحذف جميع المنتجات الحيوانية مبررة؟ بدأت هذه النزعة تتوسّع اليوم، فقد زادت كميات المنتجات النباتية التي تباع في متاجر البقالة والمطاعم.لا نعرف بعد إذا كانت الحمية النباتية بالكامل أفضل من الحمية النباتية جزئياً. تقول كاثي مكمانوس، مديرة قسم التغذية في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد": "بما أن الحمية النباتية بالكامل صارمة، قد يصعب الالتزام بها لفترة طويلة".

وفق دراسة واردة في "مجلة التغذية" في نيسان 2019، تفوقت الحمية النباتية السمكية على حمية مشتقات الحليب والبيض بدرجة بسيطة من حيث كمية مضادات الأكسدة وأحماض الأوميغا 3 الدهنية في الدم، وتفوقت الحمية النباتية بالكامل على الحميات الغنية باللحوم بدرجة ملحوظة. لكنها نتائج دراسة واحدة. توضح ماكمانوس: "لا تُميّز معظم الدراسات بين الحميات النباتية جزئياً أو بالكامل، لذا لا نملك أدلة وافرة للمقارنة بين مختلف الحميات النباتية".

حتى الحمية النباتية بالكامل تطرح مخاطر صحية، لا سيما لدى كبار السن، مع أن التصدي لتلك المخاطر ممكن. حين تُخفّض كمية المنتجات الحيوانية في حميتك، قد تفتقر إلى بعض المغذيات:

الكالسيوم: إنه عنصر ضروري في وظائف متعددة، لا سيما صحة العظام، والأسنان، والقلب، والأعصاب، والدم.البروتينات: نحتاج إلى البروتينات لتقوية العضلات والعظام والبشرة تزامناً مع التقدم في السن وفقدان الكتلة العضلية والعظمية وصعوبة التئام الجروح.

الفيتامين B12: يشتق هذا الفيتامين من الأغذية الحيوانية حصراً، وهو أساسي للحمض النووي، ونشوء خلايا الدم الحمراء، ونمو خلايا جديدة، وتفكيك الغلوكوز، والحفاظ على سلامة الجهاز العصبي ومهارات التفكير.

على صعيد آخر، قد تجد صعوبة في تلقي سعرات حرارية كافية عند تبني حمية صارمة جداً. إذا لم يحصل جسمك على مصادر طاقة كافية، قد تشعر بالتعب أو تصاب بسوء التغذية.

خطوات لتجنب النقص الغذائي

يجب أن تكون انتقائياً عند اختيار الحمية النباتية التي تضمن حصولك على ما يكفي من السعرات والمغذيات. تجنّب مساوئ الحمية النباتية بالكامل أو أي نوع من الحميات النباتية الجزئية عبر الخطوات التالية:

تجنّب نقص الكالسيوم: تناول أغذية نباتية غنية بالكالسيوم، مثل اللوز، والخضروات الورقية الداكنة (كرنب، سبانخ)، والتين، والتوفو، والبرتقال. تبلغ كمية الكالسيوم 50 ملغ في حبة البرتقال المتوسطة، و268 ملغ في كوب السلق المطبوخ. حاول أن تستهلك بين ألف و1200 ملغ من الكالسيوم يومياً.

إستهلك كمية كافية من البروتينات: تناول أغذية نباتية غنية بالبروتينات، مثل منتجات الصويا (توفو، تيمبي، أدامامي)، والبقوليات (فاصوليا، عدس)، والمكسرات (جوز، لوز)، وبذور الشيا والسبيرولينا (طحالب زرقاء أو خضراء). تبلغ كمية البروتينات 20 غراماً في كل كوب من الفاصوليا البيضاء المعلّبة، و4.5 غرامات في كل 28 غراماً من بذور الشيا، و6 غرامات في كل 28 غراماً من بذور دوار الشمس. تحتاج إلى 7 غرامات من البروتينات يومياً مقابل كل 9 كلغ من وزن جسمك. تجنب نقص الفيتامين B12: جرّب الأغذية النباتية الغنية بهذا الفيتامين، مثل الحليب النباتي المدعّم (حليب اللوز أو الصويا)، أو حبوب الفطور المدعّمة. قد تحتاج أيضاً إلى أخذ مكملات الفيتامين B12 تزامناً مع الحمية النباتية بالكامل. كذلك، من الأفضل أن يقيس طبيبك مستوى الفيتامين في دمك بانتظام.

نقطة البداية

إحصل على موافقة طبيبك قبل بدء أي حمية نباتية بالكامل، ثم استشر اختصاصي التغذية لوضع خطة تلبّي حاجاتك الغذائية.أخلط بين مختلف المصادر الغذائية النباتية للحصول على أكبر كمية ممكنة من الفيتامينات والمغذيات. يمكنك أن تستفيد من تناول الحساء والسلطات والمشروبات المخفوقة الغنية بأغذية مختلفة لتلقي كمية وافرة من السعرات الحرارية والمغذيات.

أخيراً، إحرص على تطبيق أي حمية جديدة تدريجاً. إبدأ بالتخلي عن اللحوم الحمراء ثم الدواجن ثم مشتقات الحليب والأسماك. لست مضطراً للتخلي عنها دفعةً واحدة!


MISS 3