الحمية النباتية تمنع الجلطات الدماغية؟

15 : 02

في دراسة جديدة، استنتج باحثون من تايوان أن تبنّي حمية نباتية غنية بالمكسرات والصويا والخضار قد يُخفّض خطر الإصابة بجلطة دماغية.

نُشِرت النتائج في مجلة "علم الأعصاب" الطبية الصادرة عن "الأكاديمية الأميركية لعلم الأعصاب"، واستكشفت الرابط بين الحمية الغذائية ووقوع نوعَين مختلفَين من الجلطات الدماغية: الجلطة النزفية حيث ينزف الدم من شريان ويصل إلى الدماغ، والجلطة الإقفارية التي تنجم عن انسداد وعاء دموي.

تُعتبر الجلطة الدماغية ثاني سبب للوفاة عالمياً وقد تسبب الإعاقات في حالات كثيرة، ويصبح المصابون بها أكثر عرضة للخرف مستقبلاً.

الحمية النباتية مفيدة أم مضرّة؟

أصبحت الحميات النباتية بالكامل أو جزئياً شائعة في بلدان متعددة. يختار الكثيرون هذه الحمية لأسباب مرتبطة بالبيئة والرفق بالحيوان، لكنهم يعتبرونها مفيدة للصحة أيضاً.

في السنة الماضية، حللت دراسة واردة في "المجلة الطبية البريطانية" خصائـص الجلطات الدماغية لدى أكثر من 48 ألف شخص من آكلي اللحوم والنباتيين في بريطانيا. ذكر المشرفون على البحث أن أمراض القلب الإقفارية كانت أقل مستوى لدى النباتيين مقارنةً بآكلي اللحوم، لكن بدت المجموعة الأولى أكثر عرضة للجلطات الدماغية. فاستنتجوا أن عوامل مرتبطة باستهلاك الأغذية الحيوانية قد تمنع الجلطات الدماغية على الأرجح.

نتائج الدراسة التايوانية

في الدراسة الجديدة، استعان الباحثون بمجموعتين من المتطوعين من الجماعات البوذية في تايوان وكان عددهم أكثر من 13 ألف مشارك.

في بداية الدراسة، حلل الباحثون وضع المشاركين من الناحية الطبية وسألوهم عن حمياتهم الغذائية وعادات التدخين وشرب الكحول والنشاطات الجسدية. ثم تعقب العلماء صحتهم استناداً إلى "قاعدة بيانات أبحاث التأمين الصحي الوطني". فراقبوا المجموعة الأولى من المتطوعين طوال 6 سنوات والثانية طوال 9 سنوات.

بلغ متوسط أعمار المشاركين 50 عاماً، ولم يختر العلماء أحداً تحت عمر العشرين ولا أي مصاب بجلطة دماغية سابقة.

كان 30% من المتطوعين تقريباً نباتيين، ما يعني أنهم لم يتناولوا أي نوع من اللحوم أو الأسماك، وكان ربعهم من الرجال. استهلك النباتيون المكسرات والخضار والصويا أكثر من غير النباتيين، وشربوا كميات إضافية من الكحول لكنهم لم يدخنوا بقدر المجموعة الثانية.كان المشاركون في المجموعتــــين معاً يتناولون الكمية نفسها من الفاكهة والبيض، لكن استهلك غير النباتيين كمية إضافية من مشتقات الحليب والدهون. بعد أخذ عوامل مؤثرة أخرى بالاعتبار، مثل العمر والجنس والتدخين ومشاكل صحية أخرى، رصد الباحثون تراجعاً في خطر الإصابة بجلطة دماغية إقفارية بنسبة 74% لدى النباتيين في المجموعة الأولى مقارنةً بغير النباتيين. وفي المجموعة الثانية، تراجع خطر الإصابة بجلطة إقفارية لدى النباتيين بنسبة 60%، وبجلطة نزفية بنسبة 65%، وبأي نوع من الجلطات بنسبة 48% مقارنةً بغير النباتيين.

يوضح المشرف على الدراسة، تشين لون لين، من جامعة "تزو تشي" في "هوالين"، تايوان: " في المحصّلة، تكشف دراستنا أن الحمية النباتية كانت مفيدة وساهمت في تخفيض مخاطر الجلطات الإقفارية رغم مراعاة عوامل خطر معروفة مثل ضغط الدم ومستويات الغلوكوز والدهون في الدم. بالتالي، ربما تحمي آلية واقية أخرى كل من يختار الحمية النباتية من الجلطات الدماغية".

يذكر الباحثون في تقريرهم أن نتائجهم قد تختلف عن استنتاجات الدراسة الكبرى التي نشرتها "المجلة الطبية البريطانية" لأن المشاركين تجنبوا الكحول هذه المرة، وهو عامل خطر محتمل لنشوء الجلطات. كذلك، أكدوا منافع استعمال بيانات شاملة عن جماعات غير غربية من النباتيين، لكن قد لا تنطبق استنتاجات الدراسة على الشعوب المقيمة خارج الجماعات البوذية في تايوان.

تعليقاً على هذه الدراسة الأخيرة، يكتب جون ديفيد سبانس، أستاذ في علم الأعصاب وعلم الصيدلة العيادي في جامعة "ويسترن أونتاريو" في كندا، وكريستي تانغني، أستاذة في قسم الطب الوقائي في جامعة "راش"، شيكاغو: "يشير تراجع مخاطر الجلطات الدماغية على الأرجح إلى متوسط العمر في بداية الدراسة، وهو يبلغ 50 عاماً تقريباً في المجموعتين، وإلى تراجع مدة المتابعة نسبياً (بين 5 و7 سنوات للمجموعة الأولى، و9 سنوات للمجموعة الثانية). في المجموعتين معاً، تبنى 30% من المشاركين حمية نباتية، واقتصر عدد الرجال النباتيين على 25%".

أخيراً، يذكر هذان الأستاذان أن الباحثين اكتفوا بتقييم حميات المتطوعين في بداية الدراسة، لكن من المعروف أن الناس قد يغيرون عاداتهم الغذائية خلال السنوات اللاحقة.


MISS 3