في العام 2009، لم يكن المصطلح المستعمل لوصف الفرد الذي ينتحل شخصية أخرى على شبكة الإنترنت موجوداً. لكن تغيّر الوضع عند عرض الفيلم الوثائقي Catfish (المصيدة) عن نيف شولمان بعد مرور سنة، فتعرّف الناس حينها على ظاهرة تزداد شيوعاً مع مرور الوقت.
سرعان ما تحوّل هذا الفيلم إلى برنامج واقعي طويل حيث يكشف الضحايا هوية أشخاص يتعرفون عليهم عبر الإنترنت. تعددت القصص الصادمة حول تزوير الهويات وخيانة الثقة، لكن أغفل البرنامج عن علاقة لاعب كرة القدم الأميركي مانتي تيو مع "حبيبته" ليناي كيكوا.
أحدثت هذه القصة ضجة كبيرة في تلك الفترة، وأصبح تيو محط سخرية في الصحافة والقنوات التلفزيونية بعد انكشاف الحقيقة. اليوم، يعيد الفيلم الوثائقي المؤلف من جزءين، The Girlfriend Who Didn’t Exist (الحبيبة غير الموجودة)، سرد تلك القصة الغريبة كجزءٍ من سلسلة Untold (قصص غير محكيّة) على شبكة "نتفلكس"، وهو يكشف حقيقة الشخص الذي كان تيو يتواصل معه. في العام 2012، كان تيو نجماً رياضياً صاعداً في جامعته وموهبة واعدة في الرابطة الوطنية لكرة القدم الأميركية. بدا وكأن مسيرة رياضية لامعة تنتظره. لكن في 11 أيلول من تلك السنة، واجه هذا الشاب مأساة مزدوجة: توفيت جدته أنيت سانتياغو وحبيبته ليناي كيكوا في اليوم نفسه.
كانت حبيبته طالبة عمرها 22 عاماً في جامعة "ستانفورد"، وقد نجت من حادث سير مريع لتعود وتموت بسبب سرطان الدم. حين نزل تيو إلى ملعب كرة القدم، قدّم أداءً لامعاً على جميع المستويات، ثم قال إنه وَعَد كيكوا بالمضي قدماً ومتابعة اللعب وتكريمها عبر أدائه القوي في حال أصابها مكروه.
ركّزت وسائل الإعلام على هذه القصة العاطفية التي تتمحور حول لاعب كرة قدم تأثّر بخسارة حبيبته. لكن سرعان ما تعمّق الموقع الرياضيDeadspin في استكشاف هذه القصة.
تلقى الموقع رسالة إلكترونية مجهولة المصدر ثم بدأ تحقيقاته حول كيكوا. بعد موتها المزعوم بأربعة أشهر، كشف الصحافيان تيموثي بيرك وجاك ديكي أنها لم تكن موجودة أصلاً، بل إن صورها الرمزية تعود إلى امرأة اسمها ديان أوميرا (لم تكن تعرف أنها جزء من هذه الخدعة)، وقد نظّمت امرأة اسمها "نايا توياسوسوبو" هذه العملية كلها. الأغرب من ذلك هو أن تيو كان يعرف نايا.
تعرّف تيو على المرأة التي ادّعت أنها كيكوا للمرة الأولى عبر تويتر في العام 2011، ونشأت بينهما صداقة على شبكة الإنترنت. زاد الوضع تعقيداً لأن تيو لم يعرف الحقيقة، وقد شعر بالإحراج على الأرجح لأنه لم يقابل حبيبته شخصياً مع أنه أخبر أفراد عائلته بأنهما التقيا.
حين انكشفت الحقيقة، نشر تيو بياناً جاء فيه: "التكلم عن هذا الموضوع محرج جداً، لكني طوّرتُ علاقة عاطفية طويلة الأمد مع امرأة تعرّفتُ عليها عبر الإنترنت. لقد نشأت بيننا علاقة كنتُ أعتبرها صادقة وكنا نتواصل بشكلٍ متكرر عبر الإنترنت أو الهاتف، وسرعان ما بدأتُ أهتم بها. من المؤلم والمهين أن أكتشف أنني وقعتُ ضحية مزحة سخيفة وسلسلة من الأكاذيب اللامتناهية".
تشمل سلسلة Untold الوثائقية مقابلات مع تيو والمذنبة توياسوسوبو الذي أصبحت الآن امرأة متحولة جنسياً. هي تقول: "أردتُ أن أبدأ بعيش حياتي بكل بساطة. كنتُ أريد أن أعيش حياتي كامرأة متحولة. ما زلتُ أشعر بالسوء بسبب تلك الخدعة وأتمنى أحياناً لو أنها لم تحصل. لكني أعود وأفكر بأنني تعلّمتُ الكثير عن هويتي اليوم وما أريد أن أصبح عليه بفضل الدروس التي استخلصتُها من حياة ليناي".
يظن البعض أن مسيرة تيو الرياضية تأثرت سلباً بهذه الحادثة، لكنه يُركّز في المقام الأول على التعلّم من تجربته. هو يقول في الفيلم الوثائقي: "سأتقبّل هذه السخافة كلها، وسأتقبل هذه النكات والسخرية كي أصبح مصدر إلهام لكل من يحتاج إليّ".
