جورج بوعبدو

The Fabulous Seriesتنطلق بـ"أزنافور"

هاروت فازليان: نعم هذا هو لبنان وهكذا سيبقى

20 آب 2022

02 : 01

نحن شعب يرفض الإستسلام، فمهما ضاقت به الظروف تراه ينتفض على واقعه الموجع مبلسماً جراحه بالعودة إلى جذوره المتشبّعة بالموسيقى والفنّ والثقافة. تندرج أمسية أول من أمس من" مهرجانات جونية الدولية" برعاية وزارة السياحة بكازينو لبنان في الإطار هذا. أما الهدف السامي فإعادة بثّ النبض في البلد المتهالك تحت وطأة الأعباء المالية والإقتصادية والكوارث الإجتماعية بسلسلة من الأمسيات الموسيقية وصولاً إلى شهر كانون الأول من آخر السنة. إنطلقت المبادرة بتحية إلى العملاق الفرنسي شارل أزنافور بأمسية حملت عنوان إحدى أغنياته الشهيرة: Formidable Aznavour.

بدأت الأمسية بكلمة مقتضبة لرئيسة المهرجان زينة افرام أكدت فيه إصرار المهرجان على "نشر مفهوم لبنان الثقافي والإنفتاح على التراث الفني العالمي بدعم الأوركسترا الوطنية اللبنانية والموسيقيين والمواهب الشابة".




هاروت فازليان (تصوير رمزي الحاج)



ولفتت افرام إلى أهمية مشاركة المواهب الفعليّة في المشهد الفني والثقافي الذي يذكّرنا بلبنان العراقة مؤكّدة ضرورة دعم هذه المواهب بشتى الوسائل.

مبتكر الفكرة المايسترو الذائع الصيت هاروت فازليان أراد أن تحمل مبادرته عنوان The Fabulous Series أي السلسلة المدهشة لأنه شاء بذلك أن يبرهن للعالم أن البلد هذا غنيّ بالثقافة والجمال فلا يحكم عليه من باب التخبّط المرحليّ الذي يعيش فيه فجوهره أنقى بكثير من المشاكل الآنية التي تنغّص حياة قاطنيه: "نعم هذا هو لبنان: ثقافة وفن وجمال وهكذا سيبقى منارة للفنون في العالم مهما اشتدّت الرياح" يؤكد فازليان.

ويكمل: "ما نحاول فعله هو أن نطلع العالم على ثقافتنا وقدرتنا على محاكاة التنوع الثقافي عبر تقديم باقة من الأمسيات التي تختلف عن بعضها موسيقياً. ويضيف أن أمسية أزنافور ليست تجسيداً لشخص الفنان الفرنسي بقدر ما هي قراءة فنية لأغنياته. "لا يمكننا أن نكون مثل "أزنافور"؛ ولكن أغنيات العملاق هي ملك للجميع والأمسية هذه تجسيد لقراءتنا الفنيّة لها وقد أرفقنا العزف بشريط "فيديو" يتزامن مع كل أغنية".

وتماماً كما عهدنا في أمسيات أزنافور توالى الأداء لما يربو على الساعة دون انقطاع أو استراحة فعزفت الأوركسترا أجمل ما غنّى الفنان الراحل وتناوب على أداء الأغنيات كلّ من الفنان الأرمني هايك بيتروسيان والفنانة والممثلة اللبنانية سينتيا كرم.

وأبهر بيتروسيان الجمهور بصوته وأدائه اللذين ذكّرانا بالكبير "شارل أزنافور" إلى حدّ كبير. وتماماً مثل الأخير حرص بيتروسيان على مخاطبة الجمهور بين الفينة والأخرى مضيفاً إلى الأمسية مسحة من الحيوية بخفة ظلّه خصوصاً بتعمّده الرقص على وقع أغنية Deux Guitares فأحيا للحظات مشهد أزنافور الراسخ في الذاكرة أمامنا. وبيتروسيان القادم من يريفان عاصمة أرمينيا، ابن عائلة فنية، فوالده الممثل فرطان بيتروسيان. درس بيتروسيان في فرنسا حيث عاش ليعود إلى الوطن ويكمل تعليمه في العلوم السياسية وينجذب لاحقاً إلى حياة الفن والغناء. وألّف بيتروسيان تمثيليات كوميدية عدة، وشارك في كثير من الحفلات ولعل أهمّها وفق قوله عندما أدّى أغنيات أزنافور بحضور الأخير نفسه.




سينتيا كرم مع هايك هاتوسيان


وكان لافتاً في الأمسية تميّز سينتيا كرم بأداء نرفع له القبعة خصوصاً حين أدّت أغنية Comme ils Disent على طريقتها الخاصة فتفاعل معها الجمهور بشكل لا يوصف مغدقين عليها بالهتاف التشجيعي والتصفيق.

كانت فعلاً ليلة مدهشة بكافة المعايير أعادتنا بلمح البصر إلى الزمن الجميل حيث التلاقح المثير بين براعة اللحن وجمال الكلمات والأداء المتقن فنسينا لبرهة من الزمن أين آلت بنا الأوضاع لنعود إلى الجذور؛ إلى هويّتنا الحقيقية؛ وواقعنا الذي لا لبس فيه فنحن تماماً كما تقول أغنية جوليا بطرس من أرباب «أنا بتنفس حرية»؛ مع تغيير بسيط وهو أننا كشعب نتنفّس «ثقافة» فلن تقطعوا عنا هذا «الهوا» مهما اجتهدتم وجهدتم ومهما كره الكارهون.


MISS 3