المحامي راضي بطرس

"كيف تعلن أرباحاً وتتنصل من مسؤوليتها تجاه المساهمين"؟

مصارف ترتكب مخالفات جسيمة في قضية الأسهم التفضيلية

29 آب 2022

02 : 00

الاسهم التفضيلية اسم على غير مسمى
كثرت المنتجات المصرفية التي سوّقت الى العملاء وتنوّعت بدءاً بالـ preferred shares (الأسهم التفضيلية)، الى كافة انواع الـ bonds اي سندات الدين، حتى حسابات الادخار والتأمين وغيرها. وقد كثر التسويق والاستثمار بالاسهم التفضيلية قبل سنة 2019، فماذا تعني وما هي حقوق حامل هذه الاسهم؟

المبدأ في الشركات التجارية هو ان يكون لجميع المساهمين في الشركة الواحدة نفس الحقوق والمنافع.
أما الاسهم التفضيلية فهي استثناء على المبدأ المتقدم ذكره، فهي تصدر بقرار من الجمعية غير العادية للشركة، وتمنح اصحابها حق الاولوية اما في استيفاء بعض انصبة الارباح واما في استعادة رأس المال واما في هاتين الميزتين معاً او اية منفعة مادية اخرى (المادة 110 من قانون التجارة المعدّل بالقانون 126/2019 تاريخ 29/3/2019).

حقوق ومنافع

ونصت المادة 121 مكرر 1 المضافة بموجب القانون 126/2019 على ان الاسهم التفضيلية تتمتع بامتيازات او حقوق او منافع مادية او اولويات او بجميع الحقوق المنصوص عليها في المادة 105 ت، باستثناء حق المشاركة في النقاش والتصويت في الجمعيات العمومية، وحق تولي عضوية مجلس ادارة وحق اقتسام موجودات الشركة.

وسبب اصدار هذه الاسهم يعود الى اما لحظها لدى تأسيس الشركة واما لزيادة رأس المال في الشركة.

كما يحدد نظام الشركة او قرار الجمعية العمومية غير العادية الحقوق والمنافع بالاضافة الى نصيب الربح الاولوي العائد للاسهم، وما اذا كان تراكمياً او غير تراكمي.

توزيع الأرباح

عند توافر الارباح لدى الشركة عن سنة معينة، عليها توزيع نصيب الربح الاولوي على حملة الاسهم التفضيلية، اما اذا تبين عدم وجود ارباح لديها او عدم كفايتها لتسديد كامل او جزء من الربح الاولوي توزّع الارباح المتوافرة، و يرحّل استيفاء رصيد الربح الاولوي اذا كان تراكمياً الى السنة التي تلي او السنوات التالية، وذلك بعد اقتطاع المبالغ الموزعة على المساهمين والمدرجة ضمن اعباء الشركة (بمعدل اقصى 4% ولمدة 5 سنوات كحد اقصى م109 ت).

جمعية حملة الأسهم

وأضافت المادة 121 مكرر 4 فقرة 4 انه، لا يمكن ان يمسّ اصدار اسهم تفضيلية جديدة بأي من الحقوق العائدة للاسهم التفضيلية او للاسهم ذات الافضلية او للسندات القابلة للتحويل الى الأسهم التي تم اصدار اي منها بتاريخ سابق... الا بعد الاستحصال على موافقة الجمعية الخاصة المؤلفة لكل من حملة هذه الاسهم او السندات. وهنا تكمن اهمية جمعية حملة الاسهم التفضيلية.

ان حملة الاسهم ذات الافضلية لا يحق لهم التصويت في الجمعيات العمومية للشركات، الا في الحالات التي عددتها المادة 121 مكرر 5 منها عدم دفع قيمة الربح الاولوي، او في حال تخلّف الشركة عن تأمين افادة الاسهم التفضيلية او في الجمعيات التي يكون موضوعها تغير موضوع او شكل الشركة او حلّها او دمجها او انشطارها.

صلاحيات الجمعية

لدى اصدار الاسهم ذات الافضلية تتكون جمعية خاصة تدعى وتنعقد وتتخذ قراراتها على منوال جمعية حملة سندات الدين وفق المواد 137-138-139 من قانون التجارة. تكون صلاحياتها محصورة باعطاء الرأي الاستشاري بكل موضوع تراه الجمعية مهمّاً لها وتعين ممثلاً لها ليحضر جمعيات المساهمين العادية دون حق التصويت فيها (121 مكرر 6).



شعب لبنان رهينة؟


محظورات

وحظرت المادة 121 مكرر 7 على رئيس واعضاء مجالس الادارة والمدراء العامين وعلى ازواجهم واولادهم القاصرين ان يتملكوا اسهماً تفضيلية، بطريقة مباشرة او غير مباشرة وتحت ستار شخص ثالث طبيعي او معنوي او بأي شكل من الاشكال.

ومنعت المادة 121 مكرر 9 على الشركة ابتداء من تاريخ اصدار الاسهم التفضيلية وطيلة مدّة وجود مثل هذه الاسهم ان تجري اي استرداد لرأسمالها. وفي حال تخفيض رأس المال يجب على الشركة شراء الاسهم التفضيلية والغاؤها قبل اي شراء للاسهم العادية او تخفيض قيمتها وفق الآلية الواردة في المادة المذكورة.

لدى حلّ الشركة او تصفيتها تسدد قيمة الاسهم التفضيلية والربح الاولوي غير المدفوع العائد لتلك الاسهم قبل تسديد قيمة الاسهم العادية.

تحويل الى أسهم عادية

أما المادة 121 مكرر 12 فقد اوردت امكانية تحويل الاسهم التفضيلية الى اسهم عادية بموجب قرار من الجمعية العمومية غير العادية، ويصدر القرار بناء على تقرير خاص من مفوضي المراقبة. وذلك وفقاً للشروط والمهل والاسس الملحوظة في نظام الشركة او التي تكون قررتها الجمعية العمومية غير العادية التي انشأت الاسهم التفضيلية.

الحق بالأرباح قائم

أما المادة 2 من القانون 308/2001 ففرضت لانشاء اسهم تفضيلية موافقة مصرف لبنان على ذلك وفق الآلية الواردة في قانون التجارة.

وفي فقرتها الرابعة فرضت انشاء هيئة لاصحاب هذه الاسهم هدفها السهر على حقوقهم.

كما اعطت في الفقرة 5 -ب- حق التصويت لحملة هذه السندات في الجمعيات العمومية في حال عدم دفع المصرف الارباح المترتبة عن ثلاث سنوات مالية. ويبقى هذا الحق قائماً لحين انقضاء السنة المالية التي يتمّ خلالها دفع كامل انصبة الارباح عن هذه السنة والسنوات السابقة. فضلاً عن حقهم في المشاركة بالتصويت في حالات تغيير موضوع المصرف او شكله- تحرير زيادة رأسماله عيناً- بحله قبل الاجل- عمليات الضم او الدمج.

بالتالي، عندما يصدر مصرف اسهماً تفضيلية، يكون قد سبق له ان استحصل على موافقة مصرف لبنان وفق القوانين المرعية الاجراء.

الشيطان في التفاصيل

فالمصارف عادة ولدى عرض الاسهم التفضيلية على عملائها تسميها «المنتج». وتكون قد سبق لها ان حضّرت ورقة واحدة ليصار الى توقيعها من قبل العميل.

والاسئلة التي تطرح نفسها: ماذا تتضمن هذه الورقة الموقعة من قبل العميل؟

هل هي باللغة العربية؟

هل تمّ اعلام العميل بمضمون وشروط وضمانات هذا المنتج؟

جوابا على هذه التساؤلات نوضح ما يلي:

- تعتمد بعض المصارف في لبنان اللغة الانكليزية في تحرير اغلبية مستنداتها، الامر الذي يخالف قانون حماية المستهلك ويعقّد مسألة فهم المستندات الموقعة من قبل العميل لاحتوائها على تعابير تقنية يصعب عليه فهم مغزاها.

والبعض الآخر يعتمد لغتين: العربية والانكليزية، وذلك بهدف اضفاء الوضوح على مستنداته تجاه عملائه.

- لناحية تفسير المنتج وايضاح شروطه وضماناته، يتبين ان بعض المصارف تنتهج نهج الترغيب في عرض منتجها مركزة على محاسنه دون ايضاح سيئاته، الامر الذي يخالف القرار الأساسي رقم 11947 تاريخ 12/2/2015 ( اصول اجراء العمليات المصرفية مع العملاء).

- أما لناحية مضمون عقد شراء الاسهم التفضيلية، هنا يتبين ان جزءاً من المصارف يورد عبارات تفيد تفويض اشخاص طبيعيين او معنويين تابعين للمصرف، مصدر الاسهم التفضيلية، لتمثيلهم في الهيئة التي فرضتها المادة 2 من القانون 308/2001، حيث يصار الى اتخاذ القرارات بموضوع الاسهم التفضيلية من قبل هؤلاء دون ابلاغ حملة الاسهم بما يجري. الامر خطير، بحيث يصبح حامل السندات التفضيلية رهينة ما يقرره المصرف عنهم، فأمسوا كما قال ابو الطيب المتنبي لسيف الدولة « فيك الخصام وانت الخصم والحكم».

من ناحية قانونية ان هذه الممارسات مخالفة لمبادئ الاستقامة التجارية (م3 من قانون التجارة). وتعقّد مسؤولية الوكيل الذي يفترض به الحفاظ على حقوق موكله خاصة اذا كانت وكالة مأجورة، فضلاً عن امكانية ملاحقة المصارف على اساس التحايل على القانون والغش، الامر المسيء الى سمعتها.

التهرب من دفع الأرباح

يضاف الى ذلك، انه يقتضي هنا تحذير المصارف اللبنانية من مغبّة التصريح عن خسائر لاحقة بالقطاع المصرفي بهدف التهرّب من سداد الارباح الاولوية كون الامر يعتبر جرماً جزائياً، فضلاً عن الاسباب التالية:

- إستفادة بعض المصارف من الـCDS

- إقدام بعض المصارف على شراء شيكات باللولار بنسب مئوية متفاوتة باقرار مصرف لبنان بموجب قرار عن مصرف لبنان برقم 13353 تاريخ 17/8/2021 ورد في المادة 2 فقرة 2 منه ما حرفيته:

«يحظر على المصارف العاملة في لبنان:

1 - شراء العملات الاجنبية في السوق الموازي...

2 - بيع وشراء الشيكات والحسابات المصرفية بالعملات الاجنبية لحسابها بطريقة مباشرة او غير مباشرة».

الامر الذي يفيد اطفاء ديون المصارف تجاه المودعين عبر تسديدهم خمس حقوقهم.

- الـHaircut المقنع الذي يجعل المصارف تسدد قيمة الوديعة لديها بثمن(1/8) قيمتها، وتسديد المودعين في كل ما يتجاوز قيمة الكوتا المسموح سحبها شهرياً على اساس 1507.5 ل.ل للدولار الواحد ما يؤكد تحقيق المصارف لارباح بالرغم من الوضع الاقتصادي السائد في البلاد، ومبرر تكبّد خسائر ينتفي تبعاً لما تقدم.

في الختام، لا يمكننا سوى التنويه بالدور الايجابي والبنّاء التي تلعبه نقابة المحامين في المحافظة على حقوق المودعين.

ضرورة تحرك القضاء

الموضوع دقيق، والتحقيق فيه يوجب تحرّك النيابات العامة خاصة النيابة العامة المالية ومصرف لبنان، للتدقيق بالحسابات. وتحديد ما اذا كانت المصارف المصدّرة للاسهم التفضيلية قد تكبدت خسائر ام لا (آخذين بعين الاعتبار موضوع توزيع الارباح،الـ CDS وشراء الحسابات والشيكات بالدولار وغيرها)، حفاظاً على حقوق المودعين ومنعاً من تكرار سيناريوات استيفاء الحقوق بالذات الذي يؤدي الى فلتان امني خطير وتطبيق شريعة الغاب.


MISS 3