جاد حداد

Family Secrets... دراما رومانسية آسرة

8 أيلول 2022

02 : 01

يقدم المسلسل البولندي الجديد، Family Secrets (أسرار عائلية)، على شبكة "نتفلكس"، دراما رومانسية مشحونة عاطفياً. توشك "كاسكا" على الزواج وتبدأ بتذكّر بداية علاقتها، ثم تنكشف تباعاً بعض الحقائق الغريبة عن عائلتها وحبيبها.

قد لا تكون الفكرة الأساسية في هذا المسلسل جديدة بالكامل، لكن يكمن الفرق الحقيقي في طريقة عرضها. تكثر الأعمال التي تشمل انكشاف الأسرار العائلية، وتتعدد قصص الحب التي تبدأ بطريقة شائكة في هذا العصر. لكن يجمع هذا المسلسل بين الحبكة الرئيسية وحبكات فرعية أخرى بطريقة متماسكة. سرعان ما تطغى مشاعر الارتباك والذهول، والفكاهة، والعواطف المختلطة، على أجواء القصة. مقارنةً بأعمال الدراما الرومانسية الأخرى، يعرض المسلسل قصة أعلى مستوى ويتخذ مساراً مختلفاً، مع أنه كان يستطيع الاكتفاء بعرض محتواه بطريقة مباشرة ومألوفة. تضمن هذه المقاربة عدم الشعور بأي لحظة ملل أو كآبة أثناء المشاهدة.

يتّسم المسلسل بسيناريو مدهش. قد نعجز عن مواكبته في البداية نظراً إلى التحولات المتلاحقة، لكن سرعان ما تتضح الأحداث والتفاصيل وتزداد سهولة المتابعة. لا يمكن تقديم أي عمل جاذب من دون قصة ذكية، وتجبرنا الحكاية التي يقدمها هذا المسلسل على التعاطف مع الشخصيات في جميع اللحظات. هي تعجّ بمظاهر الفوضى المتلاحقة، وتكثر العناصر التي تستحق الإشادة على مر ثماني حلقات.

نجح صانعو العمل في تحديد نقاط قوة القصة، وهم يسلطون الضوء عليها عبر لقطات الماضي. لا وجود لأي جوانب سطحية، بل يسهل أن نتأثر بالأحداث المعروضة على الشاشة. تقدّم الممثلة إليزا رايسمبل، بدور "كاسكا"، أداءً قوياً في هذا المسلسل. تنجح إليزا، رغم صغر سنّها، في التحكم بمختلف جوانب العمل وتُحوّل نفسها إلى محور القصة. تضمن موهبتها المميزة تجربة ممتعة للمشاهدين أيضاً، فهي تتعامل بأفضل الطرق مع نقاط الضعف في شخصيتها.

على صعيد آخر، تؤدي إيزابيلا كونا دور "مالغورزاتا"، فتقدّم أفضل ما لديها على الشاشة. هي تضفي طابعاً ترفيهياً ومضحكاً على جميع مشاهدها. قد نميل أحياناً إلى التركيز على الشخصيات الجدّية ونتجاهل في المقابل الشخصيات الممتعة. لكن تحافظ تعابير إيزابيلا كونا الارتجالية على أجواء حيوية في هذا المسلسل. أما مالغورزاتا ميكولاجاك، فهي تجسّد شخصية "أليسيا" وتتكيف مع محيطها بأفضل طريقة. قد تبدو شخصيتها عادية للوهلة الأولى، لكن تحمل مشاهدها قوة عاطفية هائلة، وهي تستحق الإشادة على طريقة تعاملها مع السيناريو. يقدم الممثل بيوتر باسيك من جهته دور "باول"، وهو يضفي جانباً ودياً على القصة. يصعب أن ننسى الجهود الصادقة التي تبذلها شخصيته بعد انتهاء المشاهدة. حتى أن ابتسامته المُعدِية وتعابيره المؤثرة ترفع مستوى العمل.

كذلك، لن ننسى الممثل بارتوز غيلنر الذي يتميّز بلغة جسده بدور "جان". تحمل جميع أفعاله في هذا المسلسل جانباً شائكاً، لكن لا يمكن الاكتفاء من مشاهدته. مع ذلك، تبقى النسخة الحيوية من غيلنر أكثر جاذبية من شخصيته العادية.

تخفي إيديتا أولزوفسكا، بدور "دوروتا"، نفسها في البداية. لكن لا شيء يستطيع إيقافها في الوقت المناسب. هي تغيّر مسار الحبكة بسلاسة ولا تسمح للمشاهدين بالشعور بالملل في أي لحظة.

يُعتبر باول ديلاغ، بدور "إيميل"، ممثلاً جريئاً آخر في هذا المسلسل. هو يقع في مواقف مبهمة بالكامل، فيعرض نسخة واقعية عن وضع معظم الرجال في العالم. قد لا نحب شخصيته، لكن لا يمكن التشكيك بموهبته التمثيلية لأي سبب.

أخيراً، لا يظهر أدريان زاريمبا، بدور "روبرت"، على الشاشة لوقتٍ طويل، ومع ذلك يبقى دوره بالغ الأهمية في الحبكة عموماً. يضفي هذا الممثل أسلوباً معاصراً على القصة ويقدم أداءً متقناً.

من الناحية السلبية، يصعب أن نواكب الفترات الزمنية التي تقع فيها أحداث هذا المسلسل. حتى أننا قد نظن في البداية أننا نشاهد قصة عن السفر عبر الزمن. يُعتبر الماضي زمناً محورياً في هذه القصة، ولا يُخصَّص إلا جزء بسيط من مدة العرض لزمن الحاضر.

يزداد الوضع تعقيداً لأن لقطات الماضي لا تعود بالزمن إلى الوراء بطريقة واضحة ومتسلسلة، بل إنها تسترجع الأحداث منذ ثمانية أشهر، ثم سبعة أشهر، ثم ثمانية أشهر مجدداً، ثم خمسة أشهر، وهكذا دواليك. قد تصبح هذه المقاربة مزعجة أحياناً. لكن لا يمكن أن نشعر بالملل في أي لحظة. لذا من الأفضل ألا نُركّز على هذه النقلات الزمنية بل نستمتع بالتطورات المتلاحقة بكل بساطة.


MISS 3