"هيومن رايتس" توثّق "القمع الوحشي"... وواشنطن تواكب المحتجين "تكنولوجيّاً"

النظام الإيراني ينظّم "تظاهرات مضادة": سنتصدى لمؤامرات الأعداء

02 : 00

خلال تظاهرة موالية للنظام في طهران أمس (أ ف ب)

بدأت تتكشف "الكلفة البشرية" للتظاهرات الداعية إلى إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، حيث ما زالت تهزّ احتجاجات الثوار التي شملت أكثر من 80 مدينة عرش الحكم الثيوقراطي، إذ كشفت منظمة "هيومن رايتس إيران" غير الحكومية مقتل أكثر من 50 شخصاً في حملة القمع الدموية والوحشية التي تشنّها قوات الأمن الإيرانية وميليشيا الباسيج.

وأوضحت "هيومن رايتس إيران" أن ارتفاع حصيلة القتلى جاء بعد مقتل 6 أشخاص بنيران قوات الأمن في بلدة ريزفانشهر في محافظة غيلان (شمال) مساء الخميس، مع تسجيل وفيات أخرى في بابل وآمل (شمال)، فيما تحدّثت منظمات حقوقية عن سقوط قتلى في محافظة كردستان التي تنحدر منها الشابة مهسا أميني التي قتلت بعدما احتجزتها "شرطة الأخلاق". وإذ أوضح مدير "هيومن رايتس إيران" محمود أميري مقدم لوكالة "فرانس برس" أن "ما لا يقلّ عن 50 شخصاً قُتلوا حتّى الآن، وما زال الناس يحتجّون من أجل حقوقهم الأساسية وكرامتهم"، اعتبر أن "المجتمع الدولي يجب أن يقف إلى جانب الشعب الإيراني في مواجهة أحد أكثر الأنظمة قمعاً".

توازياً، خففت واشنطن قيود تصدير التكنولوجيا المفروضة على إيران لتوسيع الوصول إلى خدمات الإنترنت التي قيّدتها الحكومة بشدّة وسط حملة لقمع التظاهرات المستمرّة منذ أسبوع احتجاجاً على وفاة مهسا. واعتبرت وزارة الخزانة الأميركية أن قطع طهران الإنترنت محاولة "لمنع العالم من مشاهدة حملتها العنيفة ضدّ المتظاهرين السلميين".

وأكدت الخزانة الأميركية أنها تتّخذ إجراءات للسماح بالوصول إلى البرامج، بما في ذلك أدوات مكافحة الفيروسات والبرامج الضارة، بالإضافة إلى خدمة مؤتمرات عبر الفيديو لدعم "وصول الشعب الإيراني إلى معلومات تستند إلى حقائق"، معتبرةً أنّه "بهذه التغييرات نُساعد الشعب الإيراني في أن يكون أفضل استعداداً لمواجهة جهود الحكومة في مراقبته والتضييق عليه".

وأوضح نائب وزير الخزانة والي أدييمو في بيان أنّ الإجراء الجديد سيسمح لشركات التكنولوجيا "بتوسيع نطاق خدمات الإنترنت المتاحة للإيرانيين". وقال: "مع خروج الإيرانيين الشجعان إلى الشارع للاحتجاج على وفاة مهسا أميني، تُضاعف الولايات المتحدة دعمها لتدفّق المعلومات بحرّية إلى الشعب الإيراني".

وجاء ذلك بعد أيام من إعلان مالك شركة "سبايس اكس" إيلون ماسك أنه يعتزم طلب إعفاء من العقوبات المفروضة على إيران من الإدارة الأميركية من أجل تقديم خدمات الاتصال بالإنترنت في الجمهورية الإسلامية عبر أقمار "ستارلينك" الاصطناعية.

وبالأمس، اعتبر موقع "نتبلوكس" الذي يعمل من لندن ويُراقب حجب الإنترنت في أنحاء العالم، أن قيود إيران على الإنترنت ترقى إلى "نمط تعطيل يشبه حظر التجوّل". وأوضح أن الوصول إلى "منصّات الإنترنت لا يزال مقيّداً والاتصال متقطع للعديد من المستخدمين"، مؤكداً أن شبكة الإنترنت عبر الهاتف المحمول "توقفت لليوم الثالث الجمعة".

وفي المقابل، أنزل النظام أنصاره إلى الشارع في عدد من المدن الإيرانية أمس تأييداً لمبادئ النظام الإسلامي ولوضع الحجاب. ونقل التلفزيون الإيراني الرسمي مشاهد من طهران وتبريز وقم وحمدان وأصفهان والأهواز، بدت فيها أعداد كبيرة من المتظاهرين تسير في الشوارع، وقد حمل كثيرون منهم أعلاماً إيرانية وصور مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي.

وشوهد في بعض المسيرات رجال يتقدّمون إلى جانب بعضهم البعض، بينما النساء اللواتي ارتدينَ التشادور بمعظمهنَّ يسرنَ مع بعضهنَّ. ووصف "المجلس الإسلامي لتنسيق التنمية"، الذي دعا إلى "التظاهرة المضادة"، الثوار الإيرانيين، بـ"المرتزقة الذين أهانوا القرآن الكريم والنبي، وأحرقوا مساجد وعلم الجمهورية الإسلامية المقدّس، ودنّسوا حجاب النساء والأماكن العامة ومسّوا بالأمن العام"، وفق ما نقلت عنه وكالة "إرنا".

وحول التظاهرات المعارضة للنظام، رأى الجيش الإيراني في بيان أن "هذه الأعمال اليائسة جزء من استراتيجية خبيثة للعدو هدفها إضعاف النظام الإسلامي"، مؤكداً أنه "سيتصدّى لمؤامرات الأعداء المختلفة"، فيما أعلنت أجهزة الاستخبارات في بيان أن "كلّ مشاركة في تظاهرات غير قانونية ستُعاقب أمام القضاء".

وفي هذا الإطار، أوقفت الشرطة عدداً كبيراً من المحتجّين. كذلك، اعتقلت ناشطَين بارزَين في المجتمع المدني، هما مجيد توكلي وحسين روناغي، وصحافيّاً لعب دوراً أساسيّاً في كشف قضية أميني، يُدعى نيلوفار حمدي، وفق ما أفادت منظمات غير حكومية ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أمس.


MISS 3