خالد العزي

مِمَّن يخاف بوتين في حربه ضدّ أوكرانيا؟

11 تشرين الأول 2022

02 : 01

بدأت تعلو الأصوات التي تنتقد الكرملين (أ ف ب)

تعيش روسيا حالة من الاحباط والتخبّط والخوف بسبب الهزائم والنكسات العسكرية إثر "العملية الخاصة" التي تشنّها موسكو ضدّ أوكرانيا، حيث خرجت إلى العلن إشكالات وانتقادات لسير العملية التي آلت الى الفشل، وبات مقرّبون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشنّون هجومهم على الجيش، ولم يستطيعوا الإشارة إلى أن رأس الهرم بوتين هو المسؤول الفعلي عن كلّ الأحداث.

لقد أفاد المعهد الأميركي لدراسة الحرب بوجود 3 مجموعات تدعم الحرب الروسية في أوكرانيا، لكنها في الوقت نفسه مارست ضغوطاً على بوتين وتسبّب خوفاً كبيراً له، وهي:

- المدوّنون العسكريون والمراسلون الحربيون الروس الذين اكتسبوا جمهوراً واسعاً على الشبكات الاجتماعية على مدى الأشهر القليلة الماضية، ما كان له تأثير كبير على موقف الروس من الحرب.

- الضباط والمحاربون القدامى الذين يخدمون في الجيش الروسي أو يمثلون "الجيش العميل" الذي يُسمّى بـ"الجمهوريات الشعبية". هؤلاء الأشخاص مسؤولون عن تعبئة القوات.

- المسؤولون الرفيعو المستوى في جهاز أمن الدولة الروسي. ومن بين هؤلاء، على سبيل المثال، موظّفو وزارة الدفاع والخدمات الخاصة وأعضاء القيادة العسكرية الذين تخضع لهم القوات المسلحة الروسية.

وبحسب الخبراء الأميركيين، يجب على بوتين حشد دعم المجموعات الثلاث، بحيث إذا فقد دعم حتى واحد منهم، فقد يُعرّض ذلك سلطته للخطر. وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من الدعم، فقد انتقد ممثلو المجموعات الثلاث صراحة تصرّفات الكرملين أخيراً.

وهكذا، أعرب رئيس الشيشان رمضان قديروف ومؤسّس شركة "فاغنر" العسكرية يفغيني بريغوجين، الذي يُشير إليهما الخبراء الأميركيون على أنهما مسؤولان أمنيان، عن استيائهما من الوضع في الجبهة، وحمّلا القيادة العسكرية الروسية مسؤولية الهزيمة على الجبهات.

ورأى مركز الأبحاث الأميركي أنّه "لا يُمكن لبوتين أن يُجازف بإثارة غضب معسكر قديروف - بريغوجين، لأنّه يحتاج بشدّة إلى القوات الشيشانية ومرتزقة "فاغنر" للقتال في أوكرانيا". لكن في الوقت عينه، لا يُمكنه تحمّل "تعطيل قيادة وزارة الدفاع التي توفر الغالبية العظمى من القوة العسكرية الروسية في أوكرانيا".

وهناك أشخاص غير راضين عن عمل مجموعة "الضباط والمحاربين القدامى". لذلك طالب جنرال الاحتياط أندريه غوروليف الجيش بالاعتراف بعدم قدرته على حشد 300 ألف جندي احتياطي وتغيير معايير التعبئة من أجل تحقيق نقطة تحوّل في الأعمال العدائية.

وكتب معهد دراسة الحرب أن غوروليف حذّر بوتين منذ فترة طويلة من الحالة السيّئة للجيش، وأوضح أن التعبئة الجزئية لن تكون كافية لحلّ المشكلات. كما يدخل المدوّنون والمراسلون الحربيون في مواجهة مع الكرملين ووزارة الدفاع، إذ إنّهم أقلّ استعداداً لتحمّل حقيقة أن السلطات تُحاول تشويه المعلومات وإخفاء حقائق هزيمة الجيش الروسي.

وهكذا، تُطالب قوات الأمن بتصعيد شامل للحرب، وقدامى المحاربين يُطالبون بإعادة تنظيم وزارة الدفاع، والمدوّنون والصحافيون يقودون الكرملين إلى طريق مسدود. وخلص الخبراء إلى أن "بوتين لا يستطيع إرضاءهم جميعاً". وهذا يُمكن أن يكون أمراً قاتلاً بالنسبة إليه.

وعلى الرغم من الذعر داخل الاتحاد الروسي والهزائم العسكرية المتتالية، يتزايد خطر استخدام الأسلحة النووية، خصوصاً في ظلّ ما حققته القوات المسلحة الأوكرانية من نجاح على الجبهات بعد ضم الكرملين مناطق عدّة من أوكرانيا.

بوتين يهرب إلى الأمام بفشله في العملية من خلال ضمّ المقاطعات الأربع، والاستمرار بالحرب المكلفة وإعلان التعبئة التي باتت عبئاً على الدولة وعلى الشعب الروسي، وفي نفس الوقت التهديد باستخدام النووي كردّ فعل بالرغم من اتساع الهوة والخلافات العلنية داخل الصف الواحد.

فهل يُمكن لبوتين تجاوز الخلافات التي نشأت بين الجيش والسياسيين المصفّقين له، ولا يستطيعون الإشارة إليه شخصيّاً بتحمّل قضية الفشل والنجاح في "العملية الخاصة"، بل باتوا يوجهون الإشارة إلى الجنرالات؟ وهل الجنرالات سيكملون حربهم في أوكرانيا أم سوف نرى الانهيارات المتعمّدة بسبب الانتقام من السياسيين أو الدعائيين الذين أهانوا المؤسّسة العسكرية التي يُحاولون تحميلها مسؤولية الانهيارات؟


MISS 3