جاد حداد

Last Seen Alive... من أسوأ أفلام التشويق في الذاكرة الحديثة

12 تشرين الأول 2022

02 : 01

لا يفتقر الممثل جيرارد بتلر إلى الموهبة لكنه قام ببعض الخيارات السيئة في مسيرته التمثيلية على مر السنين. مع ذلك، قد يكون فيلم التشويق الجديد Last Seen Alive (آخر مرة شوهدت حيّة) الأسوأ بينها كلها من حيث النوعية، إذ يخلو هذا العمل من أي جوانب مشوّقة حقيقية. إنه فيلم رديء على مستوى التنفيذ والسيناريو، حتى أنه أسوأ من الفيلم الكوميدي الكارثي، Movie 43 (الفيلم 43)، الذي شارك فيه بتلر.

قد لا تكون الحبكة التي ينطلق منها الفيلم سيئة، لكنها مألوفة بدرجة معينة، فهي تتمحور حول قصة "ويل سبان" (جيرارد باتلر) وزوجته "ليزا" (جايمي ألكسندر) التي تختفي بطريقة غامضة في محطة بنزين. لا أحد يعرف مكان وجودها، ومع ذلك يخلو العمل من الغموض لأنه يطرح أفكاراً عامة وشائعة في هذا النوع من الأعمال.

يتّصل "ويل" بالشرطة بعد التجول في أماكن عدة، في محاولةٍ يائسة منه للعثور على زوجته. ثم يشعر بالاستياء من جمود الشرطة ويتورط مع شبكة إجرامية خفية في البلدة المجاورة حين يقرر أن يطبّق القانون بنفسه. وبعد إطلاق رحلته الخاصة لتحقيق العدالة على طريقته، تنكشف الحقيقة الكامنة وراء اختفاء زوجته. هل هي ميتة أم حيّة؟ أم أن الممثلة جايمي ألكسندر تركت الفيلم في مرحلة مبكرة بحثاً عن سيناريو أفضل؟!

يمكنك أن تشاهد الفيلم لمعرفة الجواب، لكن من الأفضل أن تختار عملاً مختلفاً عن حوادث الاختفاء، مثل Breakdown (العطل)، أو Frantic (جامح)، أو Prisoners (السجناء) للمخرج دينيس فيلنوف. إنها أمثلة ممتازة على القصص التي يسهل الانغماس فيها. في المقابل، لا يتمتع الفيلم الجديد بأي مزايا تبرر مشاهدته.

يخلو هذا العمل من التشويق والمفاجآت أو الصدمات، مع أن قصته تسمح له بطرح عدد من التطورات المثيرة للاهتمام. يتعلق أكبر لغز على الأرجح بالسبب الذي دفع بتلر والممثلين الآخرين إلى الموافقة على المشاركة في هذه القصة الفوضوية، إذ لا يستفيد أحد منهم من السيناريو الركيك الذي يشمل مجموعة حوارات لم نسمع أسوأ منها منذ وقتٍ طويل.

على صعيد آخر، يبدو الإخراج سيئاً أيضاً، وهو أمر مفاجئ لأن المخرج براين غودمان كان قد أخرج فيلم What Doesn’t Kill You (ما لا يقتلك) في العام 2008. كان هذا العمل الدرامي يتمحور حول عالم الجريمة، وقد حصد الإشادة من النقاد، وكان من بطولة إيثان هوك ومارك روفالو.

لم يحصل المخرج على سيناريو جيد منذ ذلك الحين، لكن لا يبرر هذا الواقع إخفاقاته الإخراجية ومحاولاته الفاشلة رفع منسوب التوتر في معظم المشاهد. هو يهدر مهارات الممثلين البارعين ولا يحاول في أي لحظة أن ينتزع أداءً مقبولاً منهم، وكأنه يعرف أن العمل الذي استلمه سيئ، لذا قرر ألا يقدّم محتوىً عالي المستوى وأن يمتنع عن بذل أي جهد حقيقي.

كان يمكن إنقاذ الفيلم عبر إضافة بعض مشاهد الحركة القوية للتعويض عن رداءة السيناريو المبتذل. لكن فضّل غودمان عرض لقطات من الماضي عن زواج "ويل" المضطرب بدل طرح مشاهد حماسية ومثيرة للاهتمام. إنها مقاربة مؤسفة لأن الأداء التمثيلي في هذه اللحظات، كما في بقية المشاهد، ليس مقنعاً بما يكفي، حتى أن هذه الأحداث كلها لا تحمل أي مغزى حقيقي.

تطيل هذه المشاهد مدة العرض بكل بساطة ولا تضيف أي قيمة سردية إلى القصة. وإذا كنتَ تنتظر نهاية الفيلم بفارغ الصبر، لا مفر من أن تشعر بالإحباط في كل مرة تنقطع فيها خيوط الحبكة للعودة إلى العلاقة المضطربة بين "ويل" و"ليزا".

في النهاية، لا تتمحور الفكرة الأساسية حول اختفاء "ليزا" بقدر ما تتعلق بالمنطق الكامن وراء حبكة الاختفاء، وحس الإبداع، والتميّز في أسلوب الطرح. تتعدد القواسم المشتركة مع الأفلام منخفضة الميزانية التي شارك فيها نيكولاس كيج وبروس ويليس سابقاً، حيث يكون الإنتاج رخيصاً والقصة باهتة، ما يعني أن العمل لا يستحق المشاهدة لأكثر من مرة واحدة كحد أقصى. لكن يبقى هذا الفيلم مخيباً للآمال مهما تراجع سقف التوقعات منه!

باختصار، لا يمكن رصد أي جوانب إيجابية للتعويض عن سلبيات هذا العمل. حتى أنه قد يكون أسوأ فيلم على الإطلاق في الفترة الأخيرة، ولا يمكن تحمّله حتى لو كنا من أشد المعجبين ببطل القصة.


MISS 3