رفيق خوري

خطر الوجه الآخر للميثاقية والسلطة للقوي

21 كانون الأول 2019

14 : 45

لبنان يواجه خطراً وجودياً في الوجه الآخر لمبدأ ومعادلة جرى تكريسهما كأساس الحياة الوطنية والسياسية. المبدأ هو الاحتكام إلى الميثاقية فوق الدستور من دون الاتفاق على تفسير واحد لها. والمعادلة هي الحكم على أساس أنّ السلطة للقوي في طائفته تمهيداً للتسوية الرئاسية قبل ثلاث سنوات. لكن ما حدث في الممارسة على أيدي محترفين وهواة أنّ البلد دفع الثمن مرتين: مرة في حال التطابق بين المبدأ والمعادلة، وأخرى في حال التعارض بينهما.

ذلك أنّ التطابق في التسوية الرئاسية بين الأقوياء المختارين وحيازتهم شروط الميثاقية قاد إلى مهمة صعبة: أحاديات طائفية تدير تعدّدية سياسية. ثلاثة قادة لا بديل منهم. الرئيس ميشال عون في القصر الجمهوري، الرئيس نبيه بري في ساحة النجمة، والرئيس سعد الحريري في السراي الحكومي، لا بل قاد إلى أعلى مراحل "الفيتوكراسي"، حيث كل زعيم مذهبي يستطيع ممارسة حق النقض ضد أي قرار أو مشروع. وأي خلاف بين الأقوياء يعني الوقوع في "الاستعصاء الديموقراطي". لا رئاسة ولا انتخابات نيابية ولا حكومة من دون أزمة تدوم شهوراً أو سنوات.

والتعارض بين المبدأ والمعادلة أربك أهل السلطة، وقوّى سلاح العصبيات في وجه الثورة الشعبية العابرة للطوائف والمذاهب، وكشف أنّ هناك بدائل من الأقوياء. فالرئيس سعد الحريري القوي في طائفته اضطر للإعتذار حين اصطدم بنقص الميثاقية لجهة افتقاره الى تأييد الحزبين المسيحيين الكبيرين، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. والرئيس المكلّف حسان دياب اصطدم أيضاً بنقص الميثاقية، ولكن لجهة امتناع الأقوياء في طائفته عن تسميته. وهما معاً اصطدما برفض الساحات لهما.

ولا أحد يعرف إن كان الرئيس المكلّف يستطيع تأليف حكومة ولو كان مدعوماً من الثنائي الشيعي، "حزب الله" و"أمل"، ومن "التيار الوطني الحر". واذا لم يضطر للاعتذار، وتمكّن من تأليف حكومة فستكون حكومة التوجّه الواحد وربما اللون الواحد. صحيح أنّه قال كلاماً جيداً وركّز على أنه "مستقل". لكن المهم أكثر مما تقول هو أين تقف وأنت تقوله. والرئيس المكلّف يقف على أرض الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر.

والرجاء ألا ينطبق على حالنا قول مارشال شولمان: " يؤتى بالرجال الجيّدين أحياناً من أجل سياسات سيئة".


MISS 3