جاد حداد

Inheritance... تخبّط في الأحداث والأداء التمثيلي

15 تشرين الأول 2022

02 : 01

قد تُحقق الأفلام التي لا تتطلب تحليلات عميقة هدفها إذا حافظت على منطقها الخاص. لا داعي كي تتماشى الأفكار المطروحة مع واقع عالمنا في هذه الحالة، طالما يقتنع المشاهدون بأن الأحداث تحافظ على تماسكها في إطار القصة المعروضة. لكن يختلف الوضع في فيلم Inheritance (الميراث)، إذ تكثر فيه الثغرات، وكأنه مأخوذ من نسخة سابقة ولم يتم تجميعه بطريقة متكاملة. مع ذلك، يمكن الاستمتاع بمشاهدته بفضل حبكته الغريبة، ومواقع التصوير الفخمة، وبعض المواجهات المحتدمة.

في التفصيل، يموت الرجل الثري والقوي، "آرتشر مونرو" (باتريك واربورتون)، فجأةً. وعند قراءة وصيته، يكتشف إبنه وابنته، اللذان يتمتعان بالنفوذ أيضاً، أن التعامل معهما لم يكن منصفاً. ترك الأب 20 مليون دولار لابنه "ويليام" (تشايس كروفورد)، عضو الكونغرس الذي يخوض سباقاً محتدماً لإعادة انتخابه. لكنه ترك في المقابل مليون دولار فقط لابنته "لورين" (ليلي كولينز)، النائبة العامة لمدينة نيويورك المعروفة بملاحقة أصحاب النفوذ الأثرياء، أي الأشخاص الذين يشبهون والدها. في لقطات من الماضي، سنشاهد "لورين" وهي تتشاجر مع "آرتشر"، فهو أراد منها أن تعمل في شركة محاماة مرموقة وتجني أموالاً طائلة عبر تمثيل كبار رجال الأعمال في "وول ستريت". لطالما أخبرها بأن منصب نائب عام نيويورك هو أعلى مستوى من قدراتها واعتبرها مجرّد "موظفة حكومية"، مع أنها استلمت في فترة وفاته قضية ضخمة ضد رجل فاسد ورفيع المستوى في "وول ستريت".

تملك العائلة قصراً يُعرَف باسم "المنزل الصيفي". تتّسم شخصية "لورين" بالانضباط والقوة، فنشاهدها وهي تتجول في "سنترال بارك"، وترتدي بدلات رسمية وداكنة، وتربط شعرها على شكل كعكة مشدودة، وتضع أحمر شفاه باللون الأحمر الفاتح. هي تحافظ على برودها رغم الضغوط، ولا تتأثر بالأسئلة الهجومية التي يطرحها الصحافيون، إلى أن يُبلِغها أحدهم بأن والدها توفي على الأقل. وعندما تطّلع على تفاصيل الوصية، تُطَمْئِن زوجها إلى أنها لم تشعر بالصدمة أو الانزعاج.

لكن يعود محامي العائلة (مايكل بيتش) ويأخذ "لورين" على حدة ويخبرها بأن "آرتشر" ترك لها مغلفاً مع مفتاح وجهاز "يو إس بي". يبدو "آرتشر" منزعجاً ونادماً بكل وضوح في الفيديو الذي تشاهده ابنته. هو يقول إن الحقيقة التي سيكشفها المفتاح تتعلق بمسألة شائكة لم يتمكن من معالجتها، ويطلب من ابنته أن تحرص على "إبقاء الحقيقة مدفونة".

يفتح ذلك المفتاح باباً في جزء بعيد من القصر، ويقود إلى مخبأ مريب تحت الأرض. بعد المرور برواق مظلم، تظهر زنزانة فيها رجل هزيل وملتح وشعره أشعث (سايمون بيغ). هو مكبّل بموازاة الجدار، ووُضِع طوق حول عنقه. يقول الرجل إن اسمه "مورغان وارنر"، ويَعِد "لورين" بإخبارها قصته إذا جلبت له شريحة لحم وفطيرة بالليمون (سرعان ما يصبح معنى تلك الفطيرة من أغرب تفاصيل القصة). ثم تتلاحق أحداث غير ضرورية، وتنكشف حقائق متنوعة عن ماضي "آرتشر" والسبب الذي منعه من إطلاق سراح "مورغان".

ليلي كولينز ممثلة موهوبة وجذابة، لكن لم تكن الأدوار التي تختارها كفيلة بإبراز نقاط قوتها دوماً. هي تبدو تائهة ومرتبكة في المشاهد التي يُفترض أن تحتسب فيها "لورين" عواقب خطواتها، كما أنها لا تتفاعل مع التهديدات التي تواجهها شخصيتها بالقوة المناسبة. من باب الإنصاف، تجدر الإشارة إلى غياب التماسك في كتابة شخصية "لورين"، ما يُصَعّب على الممثلة تطوير صفاتها. ينطبق الوضع نفسه على سايمون بيغ الذي يحاول تقديم أفضل ما لديه، لكنه يعجز عن تجسيد شخصية "مورغان" بدرجة كافية من الإقناع. كذلك، يُهدِر الفيلم جزءاً من أقوى جوانبه بسبب تراجع مدة ظهور كوني نيلسن بدور والدة "لورين"، وتشايس كروفورد بدور شقيقها.





في إحدى لقطات الماضي، يقول "آرتشر" لابنته "لورين": "في لعبة الشطرنج وفي الحياة عموماً، لا يتعلق العامل الأساسي بمكان وجودنا، بل بالوجهة التي سنصل إليها بعد عشر خطوات أو عشر سنوات". كان يُفترض أن يستفيد ماثيو كينيدي، الذي يخوض تجربته الأولى ككاتب سيناريو، من هذه النصيحة، لكنه يقدّم لنا للأسف سيناريو يقتصر أثره على المقطع الترويجي.


MISS 3