جاد حداد

The Watcher... بين رعب وتشويق

17 تشرين الأول 2022

02 : 01

يأخذ مسلسل The Watcher (المراقب) قصة حقيقية مريبة عن عائلة كانت تتلقى رسائل مزعجة من شخصٍ غريب ويحوّلها إلى قصة رعب شبه خيالية.

في العام 2014، بدأت رسائل مجهولة تصل إلى بريد ديريك وماريا برودوس اللذين اشتريا للتو منزلاً جديداً في "ويستفيلد"، نيوجيرسي، وحملت تلك الرسائل توقيع "المراقب".

تدور أحداث المسلسل في نيوجيرسي أيضاً، وهو من بطولة نعومي واتس وبوبي كانافال بدور "نورا" و"دين برانوك" اللذين يحاولان الانتقال من مدينة نيويورك إلى الضواحي بحثاً عن مكان أكثر هدوءاً لتربية ولدَيهما. يبدو المكان الجديد هادئاً ومثالياً، مع أن الجيران يتّسمون بشيء من الغرابة.

تحصل صفقة البيع سريعاً بفضل سمسارة العقارات الحيوية "كارين" (جينيفر كوليدج)، وهي صديقة "نورا" القديمة من كلية الفنون. لكن بعد فترة قصيرة على الانتقال إلى المنزل الجديد، تبدأ العائلة بتلقي رسائل من "المراقب". سرعان ما ينزعج الزوجان من أسلوب المرسِل المريب والمألوف في آن، فيسألهما مثلاً: "هل اكتشف المتعاقدون ما هو موجود داخل الجدران؟ سيكتشفون ذلك مع مرور الوقت حتماً".

فجأةً، لا يعود الجيران في الحي مضحكين على نحو ساحر. يتربّص "ميتش" (ريتشارد كايند) و"مو" (مارغو مارتيندال) بالعائلة الجديدة ويراقبون منزلها، ويهاجم "جاسبر" (تيري كيني) و"بيرل" (ميا فارو) الزوجَين ويشكوانهما أمام الجمعية التاريخية المحلية في كل مرة يحاولان فيها تعديل المنزل أو الأرض التي بُنِي عليها. كذلك، يميل "جاسبر" إلى اقتحام المكان والاختباء في المصعد الداخلي.

حين تنتهي الجوانب المقتبسة في المسلسل، يطلق صانعو العمل العنان لأفكارهم لكنهم يتمسكون بأجواء التوتر والغموض في معظم المشاهد. لحسن الحظ، يكبح المنتج المشهور راين مورفي حماسه المفرط في هذا العمل. هو يتعاون مع إيان برينان لحماية تماسك القصة، ويقاوم رغبته في إضافة جميع أنواع الحبكات إلى المسلسل دفعةً واحدة، ويتجنب خليطاً مفرطاً من عوامل الركاكة المستعملة في أعمال سابقة.

تقتصر كل حلقة على 47 دقيقة تقريباً لحسن الحظ، ولا يتجاوز أيٌّ من الحلقات السبع مدة الساعة. لا يحافظ المسلسل على أجوائه الإيجابية الأولى لوقتٍ طويل، بل إنه ينشر مشاعر الشك والريبة بدرجة كافية في كل حلقة. يسهل أن نرصد أجواء الارتياب حين يطرح مورفي وبرينان نظريات جديدة عبر سكان سابقين وغير جديرين بالثقة ومحققين غير كفوئين. هذه العوامل كلها تنتج انزعاجاً ممتعاً.

لكن يلجأ صانعو العمل أحياناً إلى حبكات مألوفة. من السخافة مثلاً أن يُعتبر "جاسبر" جاراً خطيراً، إذ تُصوّره القصة كرجل مغفل ووحشي في آن، وتُستعمَل مشكلته العصبية لتبرير أفعاله الخاطئة ونواياه السيئة.

يضطلع طاقم الممثلين المدهش بأكبر دور في هذه القصة، بينما يتبنى صانعو العمل مقاربات مألوفة. ثمة كيمياء قوية بين كانافال وواتس، ويسمح هذا العمل لواتس مجدداً بإثبات قدرتها المدهشة على تجسيد شخصيات تواجه مخاطر كبرى بطريقة واقعية وثلاثية الأبعاد. أما كانافال، فهو يتمتع بكاريزما عالية وحس فكاهي واضح، فيتفوه بعبارات ساخرة في مشاهد كثيرة.

لكن قد تكون رسائل "المراقب" أكثر عامل مميز في العمل، إذ يتلوها على مر الحلقات صوت مضطرب ومشوّه. إنه الجانب الأكثر رعباً في القصة كلها. يحافظ هذا الجانب تحديداً على تماسك المسلسل، حتى لو تعثّر أحياناً في أحداثه. يدرك صانعو العمل على ما يبدو أن أسوأ وضع قد يواجهه الناس هو خضوعهم للمراقبة طوال الوقت في هذا العصر التكنولوجي بامتياز، من دون أن يترك المتربّص وراءه أي أثر رقمي أو يظهر شخصياً في أي ظرف من الظروف.

من غير الإيجابي على الأرجح أن يحافظ المسلسل على مقاربة مورفي التقليدية والمتوقعة من الناحية الجمالية. لا يختلف أسلوبه عن معظم إنتاجاته الأخرى، ولا يصبّ هذا العامل في مصلحة العمل بالضرورة. مع ذلك، من الأفضل أن يتكل المنتج على أمجاده السابقة بدل أن يسمح بتراجع مستوى العمل الذي يقدمه حين يحاول الحفاظ على تماسك القصة.

في النهاية، يبقى المسلسل ممتعاً وترفيهياً، وهو يهدف في المقام الأول إلى تحويل رحلة طويلة ومرعبة إلى مسلسل قصير ومشوّق. يمكن اعتباره من أعمال مورفي النادرة التي تستفيد من حسّه الفكاهي الغريب ونزعته الدائمة إلى تقديم قصص الدراما والتشويق. قد لا تكون حكايات المترصدين جديدة، لكن تبث هذه القصة بالذات مشاعر مريبة ومرعبة، فتحمل طابعاً معاصراً ومختلفاً على نحو إيجابي.


MISS 3