جاد حداد

The school for Good and Evil... مغامرة في عالم السحر والخيال

24 تشرين الأول 2022

02 : 01

يبدو فيلم The school for Good and Evil (مدرسة الخير والشر) خليطاً من Harry Potter، وDescendants (الأحفاد)، وRomeo and Juliet، وهو يقدّم محتوىً مبالغاً فيه بقدر ما توحي به هذه القصص.

تمتد هذه المغامرة السحرية الطويلة على ساعتين ونصف، لكنها تفتقر إلى العناصر التي تُميّز أعمال المخرج بول فيغ عن عالم السحر والخيال. يسرد هذا الأخير مجدداً قصة صداقة بين فتاتَين ويعرض جميع تقلباتها وتعقيداتها. يتّسم العمل طبعاً بأزياء مبهرة، إذ يستحيل أن يتعثر المخرج في هذا المجال على الأقل.

لكن يتلاشى مفعول هذه العناصر المؤثرة وقوة النجوم المشاركين، مثل تشارليز ثيرون، وكيري واشنطن، وميشيل يو، بسبب الاتكال المفرط على مشاهد الحركة المبنية على تقنية الصور المنشأة بالحاسوب. إنها مشاهد فارغة ولامتناهية، وغالباً ما تدفعنا إلى التساؤل عن حقيقة ما يحصل وتُخفف اهتمامنا بالأحداث.

الفيلم مقتبس من سلسلة كتب للأطفال بقلم سومان شايناني، وهو يُركّز على صديقتَين مراهقتَين مختلفتَين في كل شيء. هما تتكلان على بعضهما البعض في أرضٍ خيالية قاسية. تكون «صوفي» الصغيرة (صوفيا آن كاروسو) أشبه بشخصية «سندريلا» الشقراء التي تحلم بالتحوّل إلى أميرة. هي تهرب من تعاسة حياتها اليومية مع زوجة أبيها الشريرة عبر التكلم مع كائنات الغابة وتصميم فساتين منفوشة. أما «أغاثا» الطويلة وصاحبة الشعر الأشعث (صوفيا وايلي)، فهي تعيش مع والدتها في أحد أكواخ الغابة، حيث تحضّران خلطات سحرية معاً. لديها قطة صلعاء اسمها «ريبر»، وهي ترتدي ملابس سوداء طوال الوقت، ما يوحي بأنها ساحرة. تُعتبر أولى اللحظات المشتركة البسيطة بين الفتاتين، حيث يصبّ التركيز على علاقتهما الودّية والفكاهية، من أقوى مشاهد الفيلم. تتخذ الحوارات التي كتبها ديفيد ماغي وبول فيغ منحىً ساخراً ومعاصراً قد لا يتماشى مع حقبة الأحداث، لكن تنجح كاروسو ووايلي في إقناع المشاهدين بحقيقة صداقتهما.

يتغير كل شيء في أحد الأيام، حين يحملهما طير عملاق ويوصلهما إلى «مدرسة الخير والشر»، وهي عبارة عن قصرَين يربط بينهما جسر ويتعلم فيها الجيل المقبل من السحرة الشباب كيفية تطوير مهاراتهم. تفترض «صوفي» أنها ستدخل إلى الجانب الإيجابي من المدرسة، بينما تصل «أغاثا» إلى الجانب الضبابي. لكن حين يُنزِل الطير «صوفي» في معكسر الشر و»أغاثا» في معسكر الخير، تتخبّط الفتاتان لتبديل أماكنهما. سرعان ما تنكشف طبيعة كل واحدة منهما، فتّتضح الخصائص التي دفنتها كل فتاة وراء شعرها وملابسها والصفات التي ينسبها إليها المجتمع.

إنها فكرة مثيرة للاهتمام، وهي فرصة ممتازة كي يتعلم الأولاد القوة الخبيثة الكامنة وراء الأحكام المسبقة. يبدو تصميم الإنتاج في قسمَي المدرسة مميزاً وممتعاً لأنه يسلّط الضوء على التناقضات القوية بين المكانَين: تظهر «مدرسة الخير» على شكل كعكة أعراس يمكن العيش فيها، بينما تبدو «مدرسة الشر» أشبه بنسخة قوطية من مدرسة «هوغوورتس» الشهيرة في سلسلة «هاري بوتر». تتّسم الأثواب التي ترتديها الشابات بأسلوب حيوي ومميز، وهي من ابتكار المصمّمة رينيه إيرليش كالفوس، حتى أن الملابس تتطور فيما تكتشف «أغاثا» و»صوفي» حقيقتهما.

تتعدد الخطوط السردية المعروضة، ويتعلق أحدها بدور كيري واشنطن التي تجسّد شخصية مديرة «مدرسة الخير» المرحة، بينما تكون تشارليز ثيرون مديرة «مدرسة الشر». تكثر عناصر هذا الفيلم، على مستوى الحبكة والمؤثرات البصرية، لدرجة ألا يتسنى للممثلين في الأدوار الثانوية، مثل ميشيل يو ولورانس فيشبرن، أن يقدموا أي مشاهد قيّمة. في غضون ذلك، يهدر الفيلم مواهب بارزة مثل روب ديلاني وباتي لوبون منذ البداية، إذ تبقى أدوارهما عابرة وقصيرة. على صعيد آخر، يتعثر السيناريو بشكلٍ متكرر حين يحاول بناء الأحداث وعرض لقطات من الماضي (تبدو طريقة تفسير مسار الحياة في هذا المكان مكثفة وغير مقنعة بأي شكل). كذلك، يرتفع عدد الطلاب على طرفَي الجسر لدرجة ألا يحصل كل واحد منهم على فرصة لتقديم دوره بالشكل المناسب.

كتب شايناني سلسلة من هذه الكتب، لكنه حصل على المساحة الكافية لتطوير الأحداث على أكمل وجه. في المقابل، يحمل الطلاب في الفيلم سمة واحدة في شخصياتهم، ويكون معظمهم أبناء شخصيات ثقافية مشهورة مثل «الأمير الساحر»، والملك آرثر، و»شريف نوتنغهام». تتعلق حبكة فرعية أخرى بعلاقة حب ممنوعة بين «صوفي» والشاب الوسيم «تيدروس» (جايمي فلاترز)، علماً أن الفيلم يعجّ أصلاً بهذا النوع من العلاقات. سرعان ما تتلاحق التحولات اللافتة في الأحداث مع اقتراب النهاية.

لكن وراء أجواء الصخب والفوضى (تقاذف الكرات النارية، دوامات من الدماء، مبارزات بالسيوف المُشعّة من تصميم بيلي إيليش، على وقع أغاني بريتني سبيرز)، يهدف الفيلم إلى الانقلاب على الحبكات المألوفة وكشف بعض الحقائق المفيدة. تكثر الفتيات اللئيمات في الجماعة الأكثر شعبية في «مدرسة الخير»، بينما يكون الطلاب المضطربون وغير الأسوياء ظاهرياً في «مدرسة الشر» أوفياء ولطفاء. كذلك، لا يُعتبر الطموح هدفاً سلبياً بالضرورة، ولن تكون المسايرة للاندماج مع الآخرين المسار الصحيح دوماً. لكن بعد عرض سلسلة من النهايات المطوّلة في فيلم طويل أصلاً، قد لا تصل الشخصيات إلى نهايتها السعيدة المنتظرة قبل مرور بعض الوقت.