جاد حداد

All Quiet on the Western Front... عودة إلى الحرب العالمية الأولى

29 تشرين الأول 2022

02 : 01

يهدف الفيلم الألماني الجديد All Quiet on the Western Front (هدوء تام على الجبهة الغربية)، للمخرج إدوارد بيرغر، إلى إثارة توتر المشاهدين بوحشيته الفائقة. العمل مقتبس من رواية تحمل العنوان نفسه للكاتب إريك ماريا ريمارك.

يبدو المشهد الأول من الفيلم مميزاً من الناحية الفنية والتصويرية المحض. يظهر منظر طبيعي يتألف بشكلٍ أساسي من غابة هادئة وجبال شاسعة في وقت شروق الشمس على ما يبدو. تُطِلّ هذه اللقطة المصوّرة من فوق على رؤوس أشجار ساكنة وعالية بدرجة مستحيلة، بما يشبه أسلوب المخرج تيرينس ماليك في معظم أعماله.

ثم ينتقل المخرج إلى مشهد من الجو لتصوير الدخان المتصاعد وسرعان ما تظهر مجموعة من الجثث. يخترق وابل من الرصاص الأجواء شبه الهادئة فجأةً، وتتحرك الكاميرا لكشف حجم المجزرة والحطام. تخترق هذه الحرب حرمة الطبيعة، وتتّضح الأجواء القاتمة قبل أن يصوّر بيرغر جندياً خائفاً اسمه "هاينريش" (جاكوب شميت). يعود هذا الأخير ويتعرّض لإطلاق النار ويموت بعيداً عن عدسة الكاميرا. وفي رمزٍ مهم يشبه "الرداء الأحمر" في فيلم Schindler’s List (قائمة شيندلر)، يُنزَع زي هاينريش عن جسمه لتنظيفه وتقطيبه وشحنه إلى شمال ألمانيا، حيث يستعمله مجدداً بطل القصة "بول بومير" (فيليكس كاميرير) الذي يلاحظ اسم شخص آخر على الزي.

إلى أي حد يسهل تحويل عمل أدبي كلاسيكي إلى فيلم؟ قد لا يكون اختيار العبارات المنمّقة، على وقع الموسيقى التصويرية النابضة والمتكررة للملحن فولكر بيرتلمان والإيقاع العام الذي لا يكف عن التسارع، طريقة سيئة بالضرورة لنقل أسلوب النثر المباشر في كتاب ريمارك. يملك بيرغر أدوات أكثر من تلك التي استعملها المخرج لويس مايلستون لتقديم نسخته السينمائية الماضية من هذه القصة، فقد كانت التقنيات الصوتية في تلك الحقبة في بدايتها. لكنّ هذه الميزة تجعل النسخة الجديدة أقل إبهاراً، فتتحول مظاهر الفخامة والإتقان إلى مجرّد استعراض سطحي. مع ذلك، يهدف الفيلم في المقام الأول إلى التأثير على المشاهدين بوحشيته الهائلة، ويصعب ألا ينزعج الناس في مرحلة معينة.

تتكل هذه النسخة من القصة على المشاهد المبهرة والصور القوية. وحتى نطاق التصوير يحمل بُعداً متوسّعاً واضحاً. يتنقل المخرج بين تجارب "بول" في الخنادق ومحادثات وقف إطلاق النار بين "ماتياس إرزبيرغر" (دانيال برول) الذي يرأس لجنة الهدنة الألمانية، والمارشال "فيرديناند فوش" من فرنسا (تيبو دو مونتالامبير). تضيف مهلة 72 ساعة التي يعطيها "فوش" إلى "إرزبيرغر" للتوقيع على الاتفاق عامل التشويق إلى مسار القصة، مع أنها تنطلق من وجهة نظر ريمارك الذي استعمل صيغة المتكلم في كتابه.

على صعيد آخر، سيتغير مصير الجنود مقارنةً بالقصة الأصلية، لكن تكون بعض اللحظات مؤثرة بدرجة كبيرة، كأن يتجول "بول" في أنحاء الخندق ويجمع بطاقات الكلاب من رفاقه القتلى، ثم يجد نظارات صديقه المميزة في الوحل. وفي لحظة أخرى، تهرول الجرذان لتجنب الهزة الأرضية التي تُحدثها الدبابات القادمة. وفي مشهد لافت يحاول "بول"، بوجهه المغطى بالتراب، إسكات لهاث جندي فرنسي كان قد طعنه وبدأ يُحتضر. وفي لقطة مؤثرة أخرى، يمسك "تجادن" (إيدين هاسانوفيك) بعنق رفيقه حين يدرك أنه سيعيش وهو مبتور الأطراف.

على مستوى تطوير الشخصيات، يتعلق أفضل جانب في الفيلم بالعلاقة بين "بول" و"كاتشينسكي" (ألبريشت شوش) الذي يستمتع بآخر مهمة له ويسرق الطعام من مزرعة في الساعات الأخيرة من الحرب، فتبدو أعمال العنف في تلك اللحظات محتدمة بقدر الأسلوب الذي يعتمده المخرج حتى النهاية.