طوني كرم

"الطائف" في ذكراه الـ33... تأكيد المؤكد!

3 تشرين الثاني 2022

02 : 00

رسالة دعم سعودية إلى القوى المتمسّكة بإتفاق الطائف (رمزي الحاج)

تتعمّد بعض القوى السياسيّة عند كل إستحقاق إلى تعطيل إنتظام عمل المؤسسات الدستورية، والترويج إلى موجبات البحث عن عقدٍ إجتماعيٍ جديد، يكرّس الإنقلاب على «وثيقة الوفاق الوطني اللبناني»، أي «إتفاق الطائف»، الذي وضع حداً للحرب في لبنان وأرثى أولى ركائز المصالحة بين اللبنانيين، قبل الولوج في المسار الطويل لإعادة تكوين السلطات وبناء دولة قادرة على الإستجابة لمتطلبات ابنائها.

إتفاق «الطائف» الذي شدد على هوية لبنان وإستقلاله، كما إنتمائه العربي وإلتزامه مواثيق جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة، وبطبيعة الحال القرارات الدولية الصادرة عنهما، يدفع القوى الخارجة عن الشرعيّة العربيّة والدوليّة والتي تشكل أذرع إيران في المنطقة، إلى التنصل منه والإنقلاب عليه، عبر الترويج إلى مؤتمرٍ تأسيسيٍ ما، يعيد تكوين سلطة تكرّس غلبة «حزب الله» وتفرّده بقرار السلم والحرب، وتشرّع إمتلاكه السلاح إلى جانب المؤسسات الأمنية الشرعيّة في لبنان.

وهذا ما بدا جلياً، من خلال مواقف العديد من القوى السياسيّة، من بينهم «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» وحلفاؤهما، الذين ينطلقون من الحاجة إلى تطوير النظام وسدّ الثغرات الدستورية التي تحول دون إنتظام العمل في المؤسسات وتفادي شغورها، والتي تتلاقى مع «حنين» قوىً سياسيّة أخرى إلى «الجمهورية الأولى» وصلاحيات رئيسها، والمشاريع التي رافقت تلك الحقبة من «الفدرالية» إلى «الكونفدراليّة»... وتجد هذه الأفكار الفرصة مؤاتية اليوم لطرحها، إنطلاقاً من التباحث في كيفية التوصّل إلى ملء الشغور في الرئاسة الأولى من خلال تقييد الاستحقاق الرئاسي بسلة من التعديلات الدستورية، التي كان يُنتظر أن يتوصّل إليها المتحاورون أكان في سويسرا أو في ضيافة «الثنائي الشيعي»، وتحديداً الرئيس نبيه بري مع دعوته للحوار، مع العلم أنّ تريثه في فتح باب الحوار، جاء في أعقاب إجهاض «العشاء الحواري» الذي كانت تشرف عليه السفارة السويسرية في لبنان، تمهيداً لدعوة القيادات اللبنانية إلى مؤتمر حواري يعقد في جنيف.


وأمام الجنوح نحو المجهول، تؤكد قوى سياسيّة عديدة تمسكها بإستقرار لبنان وإستقلاله، ورفض الإقتتال الأهلي والتمسك بالدستور وإتفاق الطائف نصاً وروحاً، بوصفه العقد الوطني المرتكز على العيش المشترك ونهائية الكيان اللبناني وعروبته، والتمسك بقرارات الشرعية الدوليّة وأبرزها الـ1559، 1680، 1701 و2650، بعيداً عن أي محاولةٍ للبحث في إستراتيجيّة دفاعية خارج إتفاق الطائف والقرار 1701، وفق البيان الصادر عن مؤتمر «العبور إلى الإستقلال الثالث» الذي عقده قبل أيام «المجلس الوطنيّ لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان» .

في الغضون، وفي توقيت لافت، تشخص الأنظار يوم السبت المقبل إلى قصر الأونيسكو – بيروت، حيث تقوم سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان، بإحياء الذكرى الـ33 لإبرام وثيقة الوفاق الوطني اللبناني، «الطائف»، مع تعمّد القوى السياسيّة إلى تجاهل هذا «الميثاق»، والشروع في تكريس أعراف جديدة في وقتٍ تشهد المنطقة على تبدلات وتغيّرات في موازين القوى جرّاء الدور الإيراني التوسعي في المنطقة. ومن المتوقع أن تجمع الذكرى عدداً كبيراً من الشخصيات السياسيّة والديبلوماسيّة اللبنانية والعربيّة التي واكبت هذا الإتفاق، ما يقطع الشكّ باليقين عن تخلي أصدقاء لبنان عنه.

وتوضح أوساط متابعة لـ«نداء الوطن»، أنّ هذا الإحتفال يأتي بمثابة رسالة دعم سعودية إلى القوى السياسيّة اللبنانيّة التي لا تزال تؤكد تمسّكها في إتفاق الطائف كإطار صالح لتنظيم العلاقات اللبنانية – اللبنانية، في لحظة يكثر فيها الكلام عن الخروج عن هذا الإتفاق أو الميثاق الوطني والذهاب إلى صيغة جديدة. كما أنّه يشكل الترجمة المحليّة للإهتمام الدولي في لبنان، ويلاقي البيان الموقّع من وزراء خارجيّة المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة وفرنسا، الصادر عقب إجتماعهم على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 أيلول 2022. أي أن هذا اللقاء سيؤكد مجدداً التمسك بإتفاق الطائف، والحرص على إنتخاب رئيس جامع، وتشكيل حكومة تضع في سلّم أولوياتها تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية المطلوبة بشكل عاجل لمواجهة الأزمات المتفاقمة في لبنان، والإلتزام ايضاً، بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي وتلك الصادرة عن جامعة الدول العربية، والتي تؤكد على إتفاق الطائف ودوره في الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان.


MISS 3