سيناريوات عسكرية عدة حول طبيعة الرد على اغتيال سليماني

لعب إيراني - أميركي على حافة الحرب... وعين على لبنان

02 : 00

اغتيال قائد "فيلق القدس" اللواء قاسم سليماني، ونائب رئيس "الحشد الشعبي العراقي" أبو مهدي المهندس، بقصف جوي أميركي قرب مطار بغداد الدولي، وضع المنطقة برمّتها، على صفيح ساخن، وباتت البلاد امام سيناريوات عدة، بعد فتح المعركة على مصراعيها بين واشنطن وطهران.

تسارع التطورات دفع بالجميع الى ترقّب طبيعة رد ايران و"حزب الله" على العملية الاميركية العسكرية ، في ضوء تأكيد الاولى بأن الرد قادم وحتمي، واعلان الثاني بلسان الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، بأن "القصاص العادل مسؤولية المقاومين على امتداد العالم"، مستبقاً بذلك كلمته في مراسم التأبين التي يقيمها الحزب في مجمع سيد الشهداء بالضاحية الجنوبية غداً الأحد.

التكهنات كثيرة، والسيناريوات متعددة، والخوف من تداعيات وخيمة على استقرار المنطقة، سيّد المرحلة. وتحدثت "نداء الوطن" الى سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة والى خبراء ومحللين عسكريين حول طبيعة الرد وانعكاساته ومدى فعاليته في تغيير وجه المنطقة.

طبارة: لا حرب مفتوحة

رأى طبارة ان "التصعيد المتسارع والخطير في المواجهة القائمة بين أميركا وإيران جعلت العالم يحبس أنفاسه تجاه ما يمكن ان يحصل". وقال: "من المؤكد أن أميركا لا تريد حرباً مفتوحة مع إيران ولا إيران تريد حرباً مفتوحة مع أميركا. أميركا تريد جلب إيران ضعيفة إلى مفاوضات حول اتفاق نووي جديد بعد انسحابها من اتفاق وقعت عليه الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن زائد ألمانيا، وصادقت عليه الأمم المتحدة. وإيران تطلب رفع العقوبات الاميركية عنها قبل البدء بالمفاوضات، وهي تدرك بأن الرئيس ترامب يحتاج إلى إنجاز في مجال السياسة الخارجية وقد ازدادت حاجته هذه بعدما ادانه الكونغرس الأميركي، وتزداد مع قرب الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني من هذه السنة. ولذلك تصعّد من دون أن يصل التصعيد إلى جر أميركا إلى حرب شاملة معها". واعتبر أن "وصول التصعيد الى السفارة الأميركية ذكّر أميركا باحتلال سفارتها في طهران في تشرين الثاني سنة 1997 واحتجاز موظفيها لمدة 444 يوماً ولذا اعتبرت أن إيقاف هذا التصعيد يوجب عملاً رادعاً كبيراً كاغتيال سليماني".

ويسأل: "كيف ستنتقم إيران كما طلب المرشد الاعلى من دون دفع أميركا إلى حرب معها؟ أول ما خطر في بال الاميركيين في هذا المجال هو أن إيران قد تخطف أميركيين في العراق ولذلك أمرت رعاياها بمغادرته بسرعة. قد تقوم إيران بعمل ما ضد الوجود الأميركي في مضيق هرمز أو في أفغانستان أو أي مكان آخر أو قد تبدأ بحرب عصابات ضد الأميركيين في العراق نفسها ولكنها ستُبقي ردها ضمن حدود اللعبة من دون تغيير في شروطها. وما يتخوف منه اللبنانيون هو أن تقوم إيران بعملية ضد إسرائيل من خلال صواريخ "حزب الله" ولكن هذا مستبعد لأنه مكلف لجميع الجهات ولأنه قد يؤدي إلى مواجهة أوسع. لكن الاكيد هو ان لعبة القط والفأر هذه لن تنتهي في المستقبل القريب، وهي لعبة خطرة".

جابر: انحناء لا يصل درجة الكسر

ورجّح رئيس مركز الشرق الاوسط للدراسات والابحاث العميد الركن الدكتور هشام جابر ان "لا يكون رد ايران بشكل مباشر بل سيأتي بشكل مبدئي، على اهداف اميركية في العراق وسوريا، وسيكون رداً سريعاً ولكن غير متسرّع، ولن يكون بشكل ثأري بل مدروساً لاهداف عسكرية واستراتيجية مهمة، ابرزها اخراج القوات الاميركية من العراق. كما سيكون الرد قاسياً ويحتمل ان يقرر ترامب نتيجته سحب القوات الاميركية على غرار القرار الاميركي بسحب المارينز من لبنان في العام 83. كذلك ستستعمل ايران اذرعها وتردّ عبر وكلائها. ولن تهاجم سفناً وقواعد اميركية في الخليج، اقله في المرحلة المقبلة. وموجات الرد يمكن ان تكون في اكثر من مكان، ويمكن في سوريا والعراق معاً".

وقال: "في سوريا الهدف ثانوي هو اسرائيل، ممكن ان نرى ضربة لمنطقة الجولان من قبل الفصائل الموجودة في القنيطرة على اسرائيل. اما الرد من جنوب لبنان فليس وارداً، فلا ايران ستطلب من الامين العام لـ"حزب الله" أن يرد لحساسية الجبهة اللبنانية ولا نصرالله في وارد فتح جبهة الجنوب ولا اسرائيل جاهزة للحرب، وما من طرف يريد فتح حرب اقليمية".

واعتبر ان "الرد الاميركي على الرد الايراني هو بيت القصيد وحجمه يقرر اذا كانت الحرب ستقع في المنطقة". ورأى ان "ايران لا تدخل في حرب مباشرة مع اميركا اذا لم يتم ضرب برّها او يُخترق جوّها او بحرها الاقليمي. اما اذا تدحرجت الامور ككرة ثلج فعندئذ تصبح كل الاحتمالات واردة ومن هنا جاء التخوّف الصيني والروسي من حرب في المنطقة".

ورأى أن "ما حدث ضربة كبيرة لايران ولـ"حزب الله" وخسارة كبيرة لكليهما لا يمكن انكارها، انما في فيلق القدس، وبعد تعرّض سليماني لمحاولات اغتيال عدة كان لا بد من بديل جاهز، فهل هو بالمستوى نفسه؟ ربما يتمتّع بالعلاقات التي ارساها سليماني في المنطقة انما من حيث الكفاءة القيادية حتماً سيكون قريباً من كفاءته الى حد كبير. اما "حزب الله" فسبق واغتالت اسرائيل السيد عباس الموسوي وعماد مغنية ومصطفى بدر الدين وقادة آخرين، تأثّر الحزب حتماً انّما لم يتصدّع، هو ينحني قليلاً انما لا ينكسر".

حلو: نصرالله يقرر الأحد

بدوره، قال العميد المتقاعد خليل الحلو: "نسبة لتجارب سابقة، فلايران امكانية الرد في كل العالم. في العراق هناك نحو 6 آلاف عسكري اميركي كانوا اساساً عرضة للصواريخ الايرانية، فيمكن ان تزيد وتيرة الهجمات الايرانية عليهم. وفي سوريا هناك نحو الف عسكري اميركي في مناطق قريبة من تواجد الميليشيات الايرانية كمعبر التنف والحسكة ودير الزور. ويمكن ان نشهد في اليمن عودة التصعيد الحوثي ضد السعودية بعد تراجع وتيرة الحرب الى 80 في المئة".

واستبعد "حصول اي مواجهة ايرانية مباشرة مع الاميركيين في الكويت والعراق، ما عدا في مضيق هرمز حيث يمكن ان تتعرّض القطع البحرية الاميركية لمضايقات ومهاجمات وان تتطور الى اطلاق نار. ولم يسقط من احتمالاته أن تردّ ايران في الارجنتين والبرازيل والاوروغواي وفي اوروبا الشرقية"، مذكّراً بملاحقات اميركية للحزب بعد اتهامه باعمال اجرامية في هذه المناطق وبعملية بلغاريا.

وعن احتمال حدوث مواجهة مباشرة قال حلو: "في ميزان القوة، تدرك ايران انها الاضعف، وان اي تعرّض للقواعد الاميركية سيجعل 3 آلاف هدف في ايران عرضة للقصف الاميركي، ولا امكانية لديها للتصدي للماكينة العسكرية الاميركية". وتعليقاً على بيان الخارجية اللبنانية قال: "يريدون تجنب الكأس المر لكن في النتيجة ليس وزير الخارجية ولا الحكومة ولا سلطة في لبنان تتخذ القرار. من يقرّر الحياد هو السيد نصرالله لذلك علينا انتظار ما سيقوله الاحد".

عبد القادر: قد يبدأ الردّ من العراق

من جهته، قال العميد المتقاعد نزار عبد القادر: "اغتيال سليماني عمل مخابراتي عسكري من النوع المهني والعالي الاتقان. فقد تتبعوه من بيروت الى بغداد وكان هناك كمين ناري قضى عليه وعلى من معه، ما يدل على ان العملية لم تكن بنت ساعتها، بل التربّص الاميركي جار وكذلك ملاحقة اهداف ايرانية عدة. ولا شك أن العملية مؤلمة وستستدعي مجموعة ردود من ايران، وهذا ما وعدنا به مسؤولوها امس، قد يبدأ الردّ من العراق نفسه، اي ان يقوم ذراع ايران، "الحشد الشعبي" وبقيادة ضباط من الحرس الثوري بشنّ هجمات ضد كل القوات والتواجد الاميركي على المسرح العراقي. ويمكن توقع المزيد من العمليات الامنية الايرانية على غرار ما شهدناه خلال العام 2019 في منطقة الخليج وبحر عمان، وقد تنال من اهداف اميركية وخليجية في دول الخليج ولكن اعتقد بان اهمية الحدث والخسارة الكبيرة، نظراً الى الدور الذي كان يؤديه سليماني، قد تدفع بايران الى التفكير بقيام بعمل اكبر مما وصفناه في العراق ودول الخليج. قد تكون الذراع الايرانية باتجاه دول افريقيا او آسيا او حتى الدول الاوروبية لاختيار هدف اميركي مهم وضربه بحيث تأتي النتائج مزلزلة وباهرة".

وأضاف: "في لبنان لا بدّ من توقع نوع من التصعيد من قبل محور المقاومة ضد الوجود الاميركي فيه، بدءاً من تنظيم تظاهرات حاشدة باتجاه السفارة الاميركية الى امكانية قصف مركز السفارة عن بعد بصاروخ او صاروخين، والتخوف في الواقع من ان تشهد بيروت بعض عمليات الخطف واخذ رهائن اميركيين على غرار ما حصل في السبعينات والثمانينات، والخوف الاكبر في هذا السياق قد يكون من امكانية استفادة اسرائيل من ضبابية الوضع الذي يترافق مع عمليات كهذه، لتنفيذ عمليات ضد بعض قيادات "حزب الله".


MISS 3