المحامي إبراهيم العرب

أهمية منتدى الطائف في ذكراه الـ33

8 تشرين الثاني 2022

12 : 30

بدعوة كريمة من السفير السعودي وليد البخاري، حفظه الله، شرّفني حضور احتفال إحياء الذكرى الثالثة والثلاثين على توقيع اتفاق الطائف، الاسم الذي تُعرف به وثيقة الوفاق الوطني اللبناني، وذلك في قصر الأونيسكو؛ ومن حق السفير السعودي أن يقيم احتفاءً كبيراً بهذه الذكرى الجميلة، إذ مثّلت وثيقة الوفاق الوطني التي أقرّت في مدينة الطائف في السعودية بتاريخ 24/10/89 مرتكزاً جديداً للنظام السياسي والدستوري في لبنان، وقد جاءت نتيجة جهود حثيثة قامت بها المملكة العربية السعودية بغية إيجاد حل للمسألة اللبنانية، وذلك بعدما أدرك المسؤولون العرب حتمية السعي الجدي لإنهاء هذه الأزمة التي باتت مصدر قلق على وحدة لبنان.



وهكذا اجتمع 65 نائباً من أصل 73 بتاريخ 30 أيلول 1989 وتابعوا عقد سلسلة من الاجتماعات، انتهوا بنتيجتها إلى التوافق على إجراء إصلاحات سياسية ودستورية هامة، وأقروها في وثيقة أسموها وثيقة الوفاق الوطني في 24 تشرين الأول 1989.

وبعد عودتهم إلى لبنان اجتمع المجلس النيابي في مطار القليعات في 5/11/1989 بحضور 58 نائباً، وتم التصديق بصورة رسمية على وثيقة الوفاق الوطني بالإجماع. وبعد انقضاء عدة أشهر على تصديق الوثيقة، عقد النواب جلستهم التاريخية في 21 آب 1990، وأقروا القانون 8 المتضمن إجراء تعديلات على الدستور، تنفيذاً للوثيقة، وذلك بغالبية 48 صوتاً من أصل 51 من النواب الحاضرين، ثم أصدر الرئيس الياس الهراوي القانون المذكور في 21 أيلول 1990، وجرى نشره في الجريدة الرسمية في 27 أيلول، وتم وضعه موضع التنفيذ.


وهكذا فإن التعديلات رمت إلى توسيع نطاق المشاركة في الحكم من خلال إناطة السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء، وذلك انسجاماً مع قاعدة تلازم السلطة والمسؤولية. وقد رأى البعض في هذا الإجراء تقليصاً لسلطات رئيس الجمهورية، بينما لم يكن الأمر سوى تحقيق لثنائية في السلطة التنفيذية، ويمكن أن تنزع إلى حدّ بعيد صفة الإناطة التي تعني تحكم مؤسسة مجلس الوزراء، في ممارسة السلطة بشكل دقيق، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّها مؤسسة قائمة من كل الأطياف والفئات اللبنانية.

أي بعبارة أخرى، بقي لرئيس الجمهورية في الدستور مجال وهامش واسع للتحرك في الاتجاه الذي يريد، وبالتالي التأثير بشكل أو بآخر على ممارسة مجلس الوزراء لسلطته.


فالفقرة الأولى من المادة 53 من الدستور تجيز له أن يترأس جلسات مجلس الوزراء عندما يشاء، والفقرة 11 تجيز له عرض أي أمر من الأمور الطارئة على مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال، الأمر الذي يجعله مشاركاً أساسياً في ترتيب الأولويات المطروحة للمناقشة والبت في مجلس الوزراء، إضافة إلى إمكانية الطرح من خارج جدول الأعمال، وكونه يرأس اجتماع المجلس، فهو بحكم الضرورة يدير الجلسة، وبالتالي يملك القدرة على المساهمة في تعجيل أو تأخير تقريرها على جدول أعمال مجلس الوزراء.


أما الفقرة 12 من المادة 53 نفسها، فتعطيه الحق في دعوة الوزراء استثنائياً، كلّما رأى ذلك ضرورياً، وعلى الرغم من ربط هذا الحق بالاتفاق مع رئيس الحكومة، فإن عدم تحديد الحالات الضرورية للاجتماعات الاستثنائية لمجلس الوزراء تعطيه خيارات واسعة واستنسابية في تحديد الضرورات التي توجب الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء.

وقد وسعت التعديلات من صلاحيات مجلس الوزراء وجعلته مركز القرار الفعلي. وعملت على احترام مبدأ فصل السلطات مع مراعاة التوازن فيها. وعززت موقع رئيس مجلس النواب عندما جعلت ولايته أربع سنوات، وأتاحت له أن يصبح أكثر قدرة على التحكم بقواعد اللعبة السياسية البرلمانية. كما جعلت دوره أكثر أهمية وفاعلية عند تسمية رئيس الوزراء وعند انتخاب رئيس الجمهورية، خاصة وأنّ مسألة حلّ المجلس قبل أوانه بقرار من السلطة الإجرائية، قيّد بشرطين يصعب توافرهما (المادة 65 من الدستور، الفقرة الرابعة).


أما بالنسبة لرئيس مجلس الوزراء، فلم يعد "باش كاتب"، وإنما تحوّل إلى رئيس فعلي لمجلس الوزراء، وحدّدت التعديلات صلاحياته التي لم يكن دستور 1926 ينص عليها.

ولكن تجدر الإشارة إلى أن السلطة التنفيذية مناطة بمجلس الوزراء وليس برئيس مجلس الوزراء، وبالتالي إنّ رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، رغم تمتعهما بصلاحيات معينة، مقيّدان إلى حدّ ما في ممارستها بموافقة مجلس الوزراء، الأداة المركزية الهيكلية للدولة؛ إضافة إلى أن صلاحيات مجلس الوزراء كمؤسسة دستورية محددة بشكل واضح بالدستور، إضافة إلى تحديد آلية انعقاد جلساته، كالنصاب ومبدأ التصويت على القرارات إذا تعذر التوافق عليها، معطوفة على حصر المواضيع الأساسية التي تحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء.


ومن أهم الإصلاحات الدستورية المناصفة في المقاعد النيابية والدستورية بين المسيحيين والمسلمين في المرحلة الانتقالية، إذ نصت المادة 95 من الدستور على وجوب تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية من قبل البرلمان، وحدّدت الأعضاء الحكميين.


ومهمة هذه اللجنة وضع تصوّر عام لإلغاء الطائفية السياسية وفق روزنامة يضعها المجلس النيابي ويقرّها. وبعد انتخاب أول برلمان على أساس غير طائفي، يُستحدث مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف الرئيسية في الدولة، وتنحصر مهامه في القضايا المصيرية.


ونصت وثيقة الطائف أيضاً في بند الإصلاحات السياسية على أنّ الدائرة الانتخابية هي المحافظة. وكذلك تحدثت عن وضع قانون جديد للامركزية الإدارية لتسهيل الأمور، ومعاملات الناس، وإصلاح أوضاع الإدارة، وتبسيط الإجراءات الإدارية. وأكد "الطائف" على ضرورة صدور القانون المنظم لعمل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ولأصول المحاكمة والاتهام لديه، وعلى إقرار مبدأ الرقابة على دستورية القوانين.


لكن السؤال الذي يطرح حاله: لماذا لم تنفّذ هذه الإصلاحات بعد 33 سنة من صدورها؟ لاسيما لجهة وضع قانون انتخاب دائم مستوحى من وثيقة الوفاق الوطني ومن الغاية التي قصدها المشرع الدستوري في المادة 24 من الدستور، لتأمين الانصهار الوطني، والتمثيل العادل والفاعل لكل فئات الشعب اللبناني، ووضع قانون جديد للامركزية الإدارية، وتفعيل دور البلديات والمجالس المحلية، بغية تأمين الإنماء المتوازن وتفعيل المشاركة الشعبية الديمقراطية، وتسهيل أمور المواطنين، إلى جانب وضع قانون عصري للأحزاب السياسية يشكل مع قانون الانتخاب وقانون اللامركزية الإدارية، القاعدة الثلاثية لتطوّر النظام السياسي، وتأهيله للانتقال التدريجي نحو نظام ديمقراطي برلماني أكثري، لا تشكّل الطوائف قاعدته كما هو عليه الأمر حالياً...


زد على ذلك، عدم صدور القوانين اللازمة الضرورية لتحقيق السلطة القضائية المستقلة. وإهمال مسألة الإنماء المتوازن التي أكّدتها مقدمة الدستور، وهي من المسائل الأساسية لتعزيز فكرة الانتماء للدولة وتحقيق الانصهار الوطني. وأخيراً، عدم البدء بتطبيق المادة 95 من الدستور فيما خصّ تشكيل الهيئة الوطنية المناط بها وضع تصوّر لإقراره من مجلس النواب، يتضمن الخطط اللازمة لإلغاء الطائفية السياسية. إضافة إلى عدم استحداث مجلس شيوخ تتمثل فيه الأسر الروحية، وتنحصر مهامه في القضايا المصيرية، ويتوافق إقراره مع انتخاب أول مجلس نيابي غير طائفي.


وثمّة أسباب عدّة لعدم تنفيذ الإصلاحات المذكورة في اتفاق الطائف، لعلّ أهمها: سلوكيات البعض التي كانت واضحة في السعي نحو تكريس لبنان دولة فاشلة، مستقوين بالسلاح تارة وتارة بما سمي بالميثاقية، والتي كانت تعطل عمل الحكومات وتثير النقاشات والخلافات لتبقي على أجواء الاستنفار وتهدد بالعودة إلى الحرب الأهلية.

وكل ذلك بغية تعديل صيغة النظام اللبناني القائم على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين واستبداله بالمثالثة. الأمر الذي حذّر منه البطريرك الماروني بشارة الراعي، حينما جرى اللعب على مشاعر المسيحيين حينها من خلال الإيحاء بأنّ العقد السياسي الجديد يرمي لإعادة الجمهورية الأولى إلى سابق عهدها، فقال "إنّ المثالثة المطالب بها هي خطوة لهدم الكيان اللبناني، وهي كارثة على المسيحيين". لا بل حتى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كاد أن يقع في فخ طرحها كحل. وعلى أي حال لا يمكن الركون في أي خطوة مقبلة إلا من خلال اتفاق "الطائف" وتطبيق إصلاحاته، ومهما تعالى البعض على هذا الاتفاق الذي ينص على المناصفة فالتمسك به هو ما سيضع حداً لخزعبلات من هنا وهناك قيلت سابقاً بالمباشر.


كما أنّ عقدة تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية الجديد لا علاقة لها بطرح المثالثة، بل بالمحاصصة في السلطة التنفيذية وبفرض وجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية في جميع الجلسات بنصاب الثلثين خلافاً للتفسير السليم لنص المادة 49 الدستور، ولذلك فالمثالثة لا يمكن أن تتحقق بالاستقواء والتعطيل المستمر للبلاد وبفرض اتفاقات ومؤتمرات تأسيسية بقوة السلاح كاتفاق الدوحة، وبفرض أسماء رؤساء جمهورية تحت طائلة إبقاء البلاد في الفراغ والتمديد المتتالي لولاية أعضاء مجلس النواب، وفرض أن يكون وزير المالية من طائفة معينة والتمسك بفكرة الثلث المعطّل والميثاقية للتمكّن من إسقاط الحكومات، ومنع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من تسمية وزراء من طوائف أخرى، وإصدار مراسيم غير شرعية كمرسوم قبول استقالة حكومة تصريف الأعمال لإيقاع لبنان بالفراغ الشامل ومن ثم الفوضى والانهيار.


وللأسف فإنّ الدعوة السابقة للحوار السويسري بعد المناداة بالعقد الاجتماعي الجديد الذي تبناه الرئيس ماكرون، وغيره من الجهات التي كانت تقف بالصورة الخلفية وراءه، بعد تقاطع الحسابات الأميركيّة مع دول إقليمية للدفع باتجاه صيغة دستورية جديدة تكون فيها المثالثة هي الأساس، تأتي كثمرة من ثمار التسويات التي تطبخ للملف النووي الإيراني والموافقة على إبرام اتفاق الترسيم وما يعنيه هذا الاتفاق، إضافة إلى تكريسه واقع حدودي جديد على صعيد الاستقرار الأمني مع إسرائيل، وإبعاد أيّ مكوّنات أخرى قد تزعزع هذا الاتفاق مستقبلاً، خصوصاً أنّ أمن إسرائيل يشكل أولوية بالنسبة للإدارة الأميركيّة.

كما أنّ التخريبات الدستورية التي تحقق هذا العقد السياسي الجديد، والتي يسمونها زوراً بالإصلاحات، هي ذاتها التي طبّقت سابقاً في العراق، وأدّت إلى الهيمنة الخارجية على قراره السياسي، وذلك من خلال سنّ تعديلات دستورية تدور حول أربع مواضيع:


(1) الحكم بواسطة الائتلاف الواسع في جميع الحكومات المتعاقبة، وهذا يعني ان عملية صنع القرار ستكون بطيئة، وأنه لا يمكن أن تتشكل حكومات بدون موافقة الأقلية النيابية وحصول الطوائف على حقوق بوزارات أساسية من شأنها تعطيل صنع القرار الحكومي إن لم يحصل التوافق عليه.

(2) الفيتو المتبادل الذي ينطوي على خطر إضافي يتمثل في تجميد صنع القرارات كلياً، والذي يمكن فهمه بتكريس مبدأ الثلث المعطل أو شبيهه بنصوص دستورية.

(3) النسبة كمعيار لتوظيف العاملين في الإدارات الحكومية الذي سيكون على حساب الكفاءة والفعالية الإدارية.

(4) تكريس المثالثة بنصوص دستورية كأداة اعتيادية لصنع القرار، وإقرار مبدأ التمثيل النسبي المشوه في الوزارات وفي الإدارات والمؤسسات والانتخابات، مما يجعل التعطيل أمراً سائداً في الحكم.


ومن مخاطر الديمقراطية التوافقية التي تسعى إحدى الدول الإقليمية لفرضها على لبنان من خلال مؤتمرات تأسيسية جديدة، أنها تشجع على هيمنتها على قرارها السياسي تماماً كما يحصل في العراق، وعندما تُرفض هذه المطالبات فقد يعقب ذلك التهديد بعودة الاغتيالات أو الوقوع بحرب أهلية. وهذه الديمقراطية التوافقية لا يمكن أن تكون بديلاً عن الديمقراطية الحقيقية القائمة أساساً على ديمقراطية الأكثرية ومبدأ المواطنة واحترام الحقوق والخصوصيات. فالمثالثة ليست سوى فيديرالية مقنعة، وهي فكرة قديمة ولدت خلال الحرب الأهلية وظهرت للمرة الأولى في الاتفاق الثلاثي عام 1985 الذي ولد في دمشق تحت عنوان إنهاء الحرب الدائرة في لبنان، إلى أن جاء اتفاق الطائف لينهي منطق المثالثة لمصلحة المناصفة الإسلامية - المسيحية بغض النظر عن العدد والديموغرافيا.


والمحزن فعلاً أنّ الذين يفكرون في عقد اجتماعي جديد هم أنفسهم الذين جعلوا لبنان وطناً غير صالح للعيش، من دون بنزين ولا مازوت ولا دواء ولا استشفاء ولا خبز ولا مياه ولا كهرباء ولا قدرة شرائية بفعل الغلاء الفاحش وارتفاع سعر صرف الدولار، وبعدما سرقوا أموال المودعين وهرّبوا المال العام المنهوب إلى الخارج، حتى أصبح الشعب اللبناني كلّه يرزح تحت رحمة سياسييهم الفاسدين الذين يتحكمون بحياته، هم وزبائنيتهم من التجار المحتكرين والمهربين المدعومين بغطاء سياسي وطائفي ولا حول لنا ولا قوة.


كلا لم يفشل اتفاق "الطائف"، ولكن فشل أولئك الذين يطبقون هذا الاتفاق، وبسبب ممارساتهم وعدم تقيدهم بتطبيق أحكام وبنود هذا الاتفاق. في الحقيقة، انّه ليس هناك من بديل حقيقي لأي مجتمع متنوع مثل لبنان إلا من خلال تلك الآليات التي يقدمها الدستور اللبناني المبني على اتفاق "الطائف".


كما أنّ القوى الوطنية النهضوية تبقى ملتزمة، بل مُلزمة، بضرورة الإقدام بلا إبطاء إلى إطلاق مسيرة تطبيق إصلاحات الطائف لبناء دولة المواطنة المدنية الديمقراطية حتى لو تطلّب تحقيقها جيلاً او جيلين. وما مشاركة الأخضر الإبراهيمي وكلّ من حضر حقبة الطائف، في احتفال إحياء الذكرى الـ33 لتوقيع وثيقة الوفاق الوطني إلا مؤشر إلى قطع الطريق على كل من ينادي بتطيير الطائف. ولذلك يمكن وصف هذا الاحتفال بمنتدى حقيقي للطائف، وأبرز من كل المؤتمرات الداخلية والعربية التي عقدت منذ سنوات، للتأكيد على أنه لا مناص إلا الالتزام بالطائف، والحل يكون بتطبيقه نصاً وروحاً، واستكمال ما لم ينفذ منه.


وقد حرص الملك سلمان بن عبد العزيز، على التشديد على أهمية الحفاظ على وثيقة الوفاق الوطني في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشورى السعودي، داعياً إلى تطبيق إصلاحاتها السياسية حينما قال: "في لبنان نؤكد ضرورة تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تقود إلى تجاوز أزمته، وأهمية بسط سلطة حكومته على جميع الأراضي اللبنانية لضبط أمنه والتصدي لعمليات تهريب المخدرات والأنشطة الإرهابية التي تنطلق منها مهدّدة لأمن المنطقة واستقرارها". كما حظي الطائف باهتمام الجامعة العربية من خلال أمينها العام أحمد أبو الغيظ، بحيث جرى التأكيد على ضرورة تحصينه، وذلك أثناء القمة العربية الأخيرة في الجزائر، وفي كواليس ولقاءات أبو الغيظ من القاهرة إلى الجزائر.


ولذلك فإننا نوجّه الشكر الجزيل لقيادة المملكة العربية السعودية على إدراجهما تحصين اتفاق الطائف ضمن إعلان جدة ومؤتمر دول مجلس التعاون الخليجي، ودعمهما للقاء دار الفتوى ،ولمواقف بكركي وسائر المرجعيات السياسية والروحية في لبنان، لقطع الطريق على أولئك الذين يسعون إلى ضرب الطائف؛ والشكر موصول إلى السفير وليد البخاري، على كلمته البارزة والمفصلية التي حدّدت دور المملكة العربية السعودية وثوابتها ومسلّماتها تجاه لبنان، والتي حرص من خلالها على أن يكون الأخ والسند للدولة اللبنانية الحرّة السيدة المستقلة والشعب اللبناني الحرّ الأبيّ، الذي يرفض أن يقع فريسة مشاريع إحدى الدول الإقليمية الرامية لضرب وجوده وتهجيره وطمس هويته العربية، كما هو حاصل في أغلبية الدول العربية التي باتت تئنّ من الاضطهاد والاستضعاف والألم والفقر والجوع من العراق وصولاً إلى اليمن مروراً بفلسطين. علماّ بأنّ دور السفير في حماية الطائف كان محورياً، من خلال لقاءاته مع المسؤولين الفرنسيين وفي طليعتهم مستشار الرئيس ماكرون باتريك دوريل الذي أكّد التزام فرنسا بالطائف، وعدم رغبتها بالانقلاب عليه.


وختاماً نؤكّد بأنّ لبنان سيبقى وطناً سيداً حرّاً مستقلاً، عربيّ الهوى والانتماء، متمسكاً باتفاق الطائف ووجوب استكمال إصلاحاته السياسية، ومتمسكاً أيضاً بقرارات الشرعية الدوليّة وأبرزها الـ1559، و1680، و1701، و2650، بعيداً عن أي محاولة للبحث في استراتيجية دفاعية خارج اتفاق الطائف والقرار 1701. ولن تفلح محاولات البعض استمالة السفارات الغربية من الفرنسية إلى السويسرية وغيرها لعقد لقاءات حوارية على غرار سان كلو لاستهداف الطائف، خصوصاً أنه بوجود المملكة العربية السعودية وسفيرها العزيز لا يمكن أن يهتز هذا الاتفاق، ولا يمكن أن يفقد لبنان حريته وأمنه واستقلاله، شاء من شاء وأبى من أبى.  

MISS 3