بومبيو يُدافع عن شرعيّة العمليّات الأميركيّة

ترامب يصف سليماني بـ"الإرهابي"

11 : 28

المشيّعون الإيرانيّون يملأون شوارع كرمان أمس (أ ف ب)

إعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالأمس أن القضاء على قائد "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الجنرال قاسم سليماني، كان ينبغي أن يتمّ قبل 15 إلى 20 عاماً، مضيفاً: "لقد كان قائدهم العسكري الحقيقي". وقال خلال مقابلة إعلاميّة إنّ "سليماني إرهابي، وكان الرئيس (الأميركي السابق باراك) أوباما قد صنّفه إرهابيّاً لكنّه لم يفعل بعدها شيئاً سوى إعطائهم 150 مليار دولار، وبشكل لا يُصدّق 1.8 مليار نقداً"، في إشارة إلى الاتفاق النووي الموقع مع إيران العام 2015.

من جهته، أكد وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو أن سليماني لم يكن في بغداد بزيارة ديبلوماسيّة لحظة استهدافه بغارة أميركيّة. ودافع بومبيو عن شرعيّة الضربة الأميركيّة وأي عمل عسكري أميركي محتمل مستقبلاً ضدّ إيران. وقال خلال مؤتمر صحافي في واشنطن: "لم أرَ أبداً هذه الإدارة تتّخذ قرارات من هذا القبيل من دون درس معمّق واستناداً إلى القواعد القانونيّة"، مؤكّداً أنّه في حال تبنّت إيران "خياراً سيّئاً آخر"، سيكون هناك ردّ حازم من قبل الرئيس الأمـيركي دونـالد تـرامب، مثلما كان الأسبوع الماضي.ونفى أيضاً سعي الجنرال الإيراني للتوصّل إلى "اتفاق" مع السعوديين "لخفض المخاطر" في الشرق الأوسط، معتبراً أن نشاط سليماني تسبّب بمقتل الآلاف في سوريا وأضرار كبيرة في العراق ولبنان. وردّاً على سؤال حول تهديدات ترامب بضرب مواقع ثقافيّة إيرانيّة في حال ردّت طهران عسكريّاً على مقتل سليماني، شدّد بومبيو، كما فعل مراراً، على أن واشنطن ستتحرّك طبقاً للقانون الدولي.ولفت بومبيو إلى أن الاستراتيجيّة الأميركيّة تجاه إيران بشكل عام، والعمليّة التي استهدفت سليماني خصوصاً، ساهمتا في الحفاظ على حياة مواطنين أميركيين. وأشار إلى أن "المخاطر الحقيقيّة" على الثقافة الإيرانيّة تأتي ليس من الولايات المتحدة، بل من النظام الإيراني.

تزامناً، قُتِلَ أكثر من 50 شخصاً وجرح نحو 212 آخرين خلال مراسم تشييع سليماني في كرمان في جنوب شرقي إيران، حيث تجمّعت حشود غفيرة صدحت أصواتها بهتافات "الانتقام" و"الموت لأميركا". وقال قائد "الحرس الثوري" الإيراني حسين سلامي مخاطباً الحشد في كرمان: "لقد بدأ طرد الولايات المتحدة من المنطقة... إرادتنا حازمة. نقول أيضاً لأعدائنا إنّنا سننتقم، وإذا ضربوا (مجدّداً) سوف نُدمّر مكاناً محبّباً على قلوبهم"، مضيفاً: "هم يعرفون عن أي أمكنة أتحدّث". وفي خطوة رمزيّة تزامنت مع مراسم دفن سليماني، أقرّ مجلس الشورى الإيراني بشكل طارئ قانوناً يعتبر كافة القوّات الأميركيّة، بما في ذلك وزارة الدفاع، "إرهابيّة". وكان البرلمان الإيراني قد أقرّ أخيراً قانوناً يعتبر القوّات الأميركيّة المنتشرة من القرن الأفريقي إلى آسيا الوسطى، مروراً بالشرق الأوسط، أنّها "إرهابيّة". لكن النصّ الجديد أدرج وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون) وكافة القوّات الأميركيّة والمسؤولين عن اغتيال سليماني، وكلّ كيان معنوي أو فرد مرتبط باغتيال سليماني، في إطار هذا التصنيف.

وفيما يدعو القادة المدنيّون والدينيّون والسياسيّون في إيران إلى "ردّ مزلزل" انتقاماً لمقتله، تتزايد الدعوات في العالم إلى "خفض التصعيد". وأبلغ الرئيس الإيراني حسن روحاني نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون بأنّ المصالح الأميركيّة في الشرق الأوسط باتت "في خطر" بعد اغتيال سليماني. وقال روحاني خلال اتصال هاتفي مع ماكرون: "على الولايات المتحدة أن تعلم بأنّ مصالحها وأمنها في المنطقة في خطر، وأنّها لا يُمكن أن تنجو من تداعيات هذه الجريمة الكبرى"، في وقت رأى وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف أن أيّام الولايات المتحدة في الشرق الأوسط "أصبحت معدودة"، موضحاً أن ذلك لا يعود إلى إجراءات ستُتّخذ ضدّ القوّات الأميركيّة في المنطقة، لكن "لأنّهم غير مرحّب بهم".

وقال ظريف: "لقد قتلوا أحد أكثر القادة احتراماً، وسنردّ. لكنّنا سنردّ بشكل متناسب وليس بشكل غير متناسب، لأنّنا ملتزمون بالقانون. نحن لسنا خارجين عن القانون مثل الرئيس ترامب"، لافتاً إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أبلغه بأنّ الولايات المتحدة رفضت منحه تأشيرة ليحضر الخميس اجتماعاً لمجلس الأمن الدولي في نيويورك.في غضون ذلك، التقى نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإثنين في البيت الأبيض. وقال الأمير السعودي في تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، إنّه نَقَلَ رسالة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى ترامب. كما ناقش الأمير خالد بن سلمان مع الرئيس الأميركي، الجهود المشتركة لمواجهة التحدّيات الإقليميّة والدوليّة، وبحث معه التنسيق والتعاون بين الرياض وواشنطن.




وقد التقى الأمير محمد بن سلمان بالأمس وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر وناقش معه التحدّيات المشتركة. وقال في تغريدة على "تويتر": "التقيت وزير الدفاع الأميركي وناقشنا خلال اللقاء التحدّيات المشتركة، وأشدنا بالتعاون العسكري القائم بما يخدم السلم والأمن الدوليّيْن". وكان الأمير خالد بن سلمان قد أعرب الإثنين عن سعادته بلقاء وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو في واشنطن، مضيفاً أنّه جرى خلال اللقاء استعراض تطوّرات الأحداث في المنطقة. كما بحث الأمير مع الوزير الأميركي ما يُمكن عمله للحفاظ على الأمن والسلام والاستقرار على الصعيدَيْن الإقليمي والدولي، فيما رحّب بومبيو بزيارة الأمير السعودي، مشدّداً على أهميّة العلاقة بين البلدَيْن لمواجهة سلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة.

ديبلوماسيّاً، يُجري رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الأسبوع المقبل زيارة إلى الخليج، بحسب ما أفاد متحدّث باسم حزبه لوكالة "فرانس برس". وكشف المتحدّث باسم الحزب الليبرالي الديموقراطي أن آبي "يُجري الجولة من 12 إلى 15 كانون الثاني"، ومن المقرّر أن يزور السعوديّة وعُمان والإمارات العربيّة المتحدة. وأعرب آبي من جديد عن "قلقه العميق" من تطوّر الوضع في الشرق الأوسط خلال اجتماع مع مسؤولي حزبه، وفق قناة "ان اتش كي" العامة. ونقلت القناة عن آبي قوله: "آمل أن أسهم في السلام والاستقرار في المنطقة عبر الجهود الديبلوماسيّة الهادفة إلى تهدئة التوتر".

واليابـان حليف اســـتراتيجي وثيق للولايات المتحدة، لكن لها علاقات جيّدة مع إيران منذ عقود، إذ إنّها من كبار مستوردي النفط الإيراني، قبل أن تتوقف عن شرائه في العام 2018 احتراماً للعقوبات الأميركيّة الجديدة ضدّ طهران. ويُريد آبي أن يلعب دور الوساطة بين واشنطن وطهران، واستقبل لذلك أواخر كانون الأوّل الماضي في طوكيو الرئيس الإيراني حسن روحاني، وهي أوّل زيارة لرئيس إيراني إلى اليابان منذ العام 2000. وزار آبي بدوره الجمهوريّة الإسلاميّة في حزيران الماضي، حيث التقى المرشد الأعلى علي خامنئي وروحاني من أجل تهدئة التوتر بين طهران وواشنطن. وأجرى كذلك مباحثات في أيلول في نيويورك مع روحاني على هامش الجمعيّة العامة للأمم المتحدة.


MISS 3