باسمة عطوي

عددهم فوق المليون والمتظاهرون منهم بالعشرات فقط!

المنظومة تنجح في تيئيس المودعين... وتنويمهم بوعود هلامية

28 تشرين الثاني 2022

02 : 00

حين سئل المودع بسام الشيخ حسين في آب الماضي، عن سبب اقتحامه فدرال بنك ومطالبته بوديعته المصرفية، والتهديد بحرق فرع المصرف في حال لم يحصل عليها، بدل أن يسلك طرقاً سلمية كالتظاهر مثلاً، أجاب: لن أحمل يافطة وأقف على الطريق كالأبله للحصول على جنى عمري، المصارف لا تفهم إلا بالقوة. هذه العبارة قد يؤيدها آلاف المودعين، الذين يشعرون بالقهر بسبب تعنّت المصارف في الافراج عن ودائعهم (إلا وفقاً لتعاميم مصرف لبنان المجحفة). لكنهم في الوقت نفسه لا يشاركون بشكل فعّال، في تحرّكات أقلّ عنفاً كتلك التي تدعو اليها جمعيات المودعين في كل مرة يناقش فيها مجلس النواب قوانين تخصّ مصير ودائعهم. علماً انها يمكن أن تشكل وسيلة ضغط تساهم في استرداد الحقوق. فما السبب؟


الاجابة عن هذا السؤال المشروع متعددة الأضلع، تتداخل فيها الأسباب النفسية والاجتماعية، مع القانونية والقضائية والسياسية، ضمن مشهد سوريالي يعيشه اللبنانيون منذ 17 تشرين 2019، حيث لمسوا أن اخطبوط السلطة أقوى من التظاهرات، وحقوق أكثر من مليون ونصف مودع. والدليل هو الممطالة في إقرار قانون الكابيتال كونترول مثلاً، علماً أن الأزمة دخلت في عامها الرابع. وبالرغم من استمرار الاقتحامات من قبل المودعين للمصارف، لكنها لم تعد تأتي بالنتائج المرجوة لأصحابها بسبب الألاعيب التي تلجأ اليها البنوك، سواء خلال التفاوض أو عبر التوقيفات القضائية، التي حصلت مؤخراً للمودعين - المقتحمين. كل هذه العناصر تتحول الى أصفاد، تكبّل حركة جزء من المودعين وتدفعهم الى الاستسلام بدل التحرّك في حين أن جزءاً آخر منهم مُصرّ على الانكار، بأنّ السلطة نجحت في خداعهم وهضم حقوقهم، يصدقون بأنها ستعيدها إليهم يوماً ما!


في تشريح الإجابة، يوضح المعنيون في هذا الملف، أسباب عدم حماسة المودعين للمشاركة في التحركات، بحسب التجربة التي خاضوها.




رازي الحاج


الحاج: ضغط المعيشة وكلفة النقل يلجمان التحركات الشعبية

على ضفة النواب، يرى عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب رازي الحاج أن «الناس، بعد ثلاث سنوات من الازمة، لا ترى أن هناك صدقية في التعاطي مع ملفاتها المباشرة مثل الودائع والازمات الاخرى»، لافتاً إلى أن «ضغط متطلبات الحياة وإرتفاع أسعار المحروقات، وكلفة النقل تؤدي إلى تواضع أعداد المشاركين، في التحركات الشعبية، كما أن المطالب التي ترفع لا تستند إلى خريطة طريق واضحة، بل هي أقرب الى ردات فعل موسمية، وليست حركة مطلبية تراكم الجهود للوصول إلى الهدف».

يضيف: «نحن كنواب كتلة الجمهورية القوية، نقوم بالدفاع عن المودعين من داخل المجلس النيابي، لمنع أي تشريعات تستخدم من قبل السلطات السياسية والنقدية، لإجتزاء الودائع والتعاطي معها بطريقة غير قانونية»، لافتاً إلى أن «هناك جزءاً من المودعين يثقون بأن هناك نواباً يدافعون عن حقوقهم، لكن قد لا يكون السبب الوحيد لعدم مشاركتهم، فالملف المالي والازمة والودائع تحتاج إلى تشريح جدي، وخطة واضحة للشرح للناس عن مصير الودائع، ومنذ بداية الازمة تمّ تذويب نسبة منها بوسائل متعددة».

يؤكد الحاج أن «هناك غياباً للرؤية الواضحة حول ما يجري، والسلطة السياسية «شاطرة» في وضع الناس في مواجهة بعضها، لكن لا يمكن الرهان انهم سيقبلون بالظلم وسرقة ودائعهم، وهم سيتحركون في حال شعروا بالخداع»، مشيراً إلى أنه «في موضوع الودائع، فإدارة الازمة كانت اسوأ من وقوعها، وساهم هذا الاداء السيئ في تعميقها وزيادة الخسائر، ولذلك نطالب الحكومة بخطة التعافي ولتخبرنا كيف سيتم رد الودائع».

ويختم: «نحن نعرف أنه لا يمكن رد كل الودائع، إلا إذا عاد النمو إلى الاقتصاد اللبناني، وحصل التعافي في كل القطاعات وعاد القطاع المصرفي إلى نشاطه، الى حينه يجب الحفاظ على ما تبقى من احتياط وعدم التفريط به، ومن ثم وبعد اطلاق الاقتصاد عندها يمكن تحديد مدة زمنية لرد الودائع، والا نكون نكذب على الناس ونبيعهم أوهاماً».



حليمة قعقور


قعقور: معظم النواب يقدّمون مصلحة المصارف على مصلحة المودعين

تعتبر عضو كتلة «النواب التغييريين» النائبة حليمة قعقور أن «السبب الاكبر لعدم مشاركة المودعين في التحركات، التي تدعو إليها جمعيات المودعين، هو الازمة الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها الناس»، مشددة على أن «اللبنانيين بمختلف أطيافهم السياسية (حتى مناصري أحزاب السلطة)، يؤيدون عودة الودائع وحقوق المودعين المشروعة».

تضيف: «الازمة المعيشية وعدم قدرة الكثير من المودعين، على تغطية نفقات إنتقالهم، للمشاركة في التظاهر أمام مجلس النواب، تلعب دوراً في تواضع الاعداد أثناء التحركات، وهذا ما ينطبق على كل التحركات الشعبية كما تظهر الدراسات».

وتلفت قعقور إلى أن «هناك فئة من المودعين، تعتبر أن على النواب الذين تم إنتخابهم الدفاع عن حقوقهم»، مشيرة إلى أنها «ضد هذه الفكرة لأن عدد «النواب التغييريين» قليل، وهم يحتاجون إلى دعم الشارع»، وتشدد على أن «قدرتنا على التأثير تبقى محدودة، لكن القوة التي تفعّل تحركاتنا وعملنا، هي أحقية الملفات والمواضيع التي نحملها، ولهذا نحتاج إلى الدعم الشعبي».

وتؤكد على «تأييدها للتحركات الشعبية لمساندة المطالب المحقة، ولكننا نفهم مدى محدودية قدرة الناس ان تشارك، ولذلك تعبر عن رأيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والاجتماعات المغلقة».

وتشرح أن «أغلبية النواب في المجلس يقدمون مصلحة المصارف على مصلحة المودعين، ومشاريع القوانين التي تقدمت بها الحكومة في ما يتعلق بالسرية المصرفية والكابيتال كونترول تعطي سلطة إستنسابية للجان، يشارك فيها حاكم مصرف لبنان و يضعون القرار الاخير في يده»، موضحة أن «القوة المصرفية داخل المجلس كبيرة وهي تحاول إدخال ما يناسبها، ونحن كـ»نواب تغييريين» نسعى لتكوين «لوبي»، يضغط لعدم تمرير ما هو في غير صالح المودعين، وقد ربحنا جزءاً من المعركة في قانون السرية المصرفية، وهناك قوانين أخرى نجحنا في عدم تمرير جزء منها، لأنها في غير صالح المودعين».



غسان سكاف


سكاف: الشعب اللبناني مخدّر ويعيش بالكوما

يعتبر النائب غسان سكاف لـ»نداء الوطن» أن «الشعب اللبناني مخدر ويعيش بالكوما، إذ نرى المودعين المشاركين بالاحتجاجات بالعشرات، في حين أن عدد المودعين هم بالملايين»، معبراً عن «قلقه من هذا السكوت، ولا يمكن ربطه بأن المودع يراهن على النواب للدفاع عن حقوقه. إذ إن أغلب المودعين يوجهون اللوم للنواب لأنهم لا يقومون بواجباتهم على أكمل وجه».

ويشدد سكاف «على وجوب حماية المودعين، من خلال إقرار قوانين تحفظ حقوقهم. والمطلوب اليوم وضع قانون لحماية أموال المودعين من قبل الدولة، قبل إقرار قانون الكابيتال الكونترول ومهما أدخلت عليه من تعديلات»، كاشفاً أن «هناك جهوداً نيابية لتقديم مشروع قانون ينص على حماية المودعين، على أن يكون إقراره قبل إقرار الكابيتال كونترول». ويشير إلى أنه «في كل تكتل نيابي هناك آراء متنوعة، حول قانون الكابيتال كونترول وحقوق المودعين، لكن منذ 3 سنوات إلى اليوم، فإن عدم إقرار هذا القانون أدى إلى تذويب قسم كبير من أموالهم. لذلك فإن رزمة القوانين التي كان يجب أن تُقر إلى جانب الكابيتال كونترول هي الاساس، أي إعادة هيكلة المصارف وخطة التعافي المالي والاقتصادي».

يضيف: «برأيي تمرير الوقت من دون الكابيتال كونترول، ساهم في تذويب الودائع وتهريب قسم منها الى الخارج، وتضييع قسم من حقوق المودعين، وللأسف لا نزال نسير في نفس الاتجاه».

ويختم: «الطروحات السابقة للقانون كانت تحمي المصارف وليس المودع. ولذلك علينا أن نقوم كنواب بخطوة قانونية بإتجاه المحاسبة، وإعادة الاموال المهربة من دون التمييز بين الودائع، بل وفقاً لمعيار ودائع مشروعة وأخرى غير مشروعة وليس قديمة وجديدة».



حسن مغنية


مغنية: يتّهموننا بأننا من انتفاضة 17 تشرين

يشرح رئيس جمعية المودعين حسن مغنية لـ»نداء الوطن»، أن «هناك أربعة أسباب رئيسية لتراجع مشاركة المودعين في التحركات، أولها أن جزءاً كبيراً منهم هم من المغتربين، والثاني أن هناك مودعين تابعين لأحزاب السلطة، ويعتبرون أن نشاطات جمعيات المودعين هي جزء من ثورة 17 تشرين وأحزابهم تمنعهم عن المشاركة، والثالث أن جزءاً من المودعين يعيشون حالة إنكار للواقع، ويعتقدون بأن أموالهم ستعود. أما السبب الاخير، فهو الوضع الاقتصادي المزري لأن كلفة الانتقال من المناطق إلى بيروت كبيرة».

يؤكد مغنية على أنهم «لن ييأسوا وسيستمروا في ضغطهم، سواء بالتظاهر أو عبر وسائل الاعلام. وجمعيات المودعين ليست أحزاباً منظمة لديها تمويل من الخارج بل تعمل وفقاً لقدراتها، لكنها تملك خريطة طريق واضحة».

ويختم: «السلطة ستُكمل في نهجها. وما يدعو للأسف، أن 85 بالمئة من المقترعين في الانتخابات النيابية الاخيرة، هم من المودعين وقد إقترعوا لأحزاب المنظومة».



ريشار فرعون


فرعون: هناك من استسلم وهناك من يعيش الإنكار
يتشارك أمين سر جمعية "صرخة المودعين" ريشار فرعون الرأي مع مغنية حول أسباب خفوت مشاركة المودعين في التحركات المطلبية، لافتاً لـ"نداء الوطن" إلى أن "هناك حالة الانكار من قبل بعضهم، علما بأن هناك سلطة إفتعلت أزمة لم يحصل مثلها في تاريخ الدول وهي مستمرة في التلكؤ عن إيجاد الحلول على الرغم من مرور أكثر من 3 سنوات على إندلاعها". يضيف: "هناك نوع من الاستسلام وقد تعمدت السلطة إلى إرباكهم منذ اللحظة الأولى، بالاعلان بأن ودائعهم تبخرت في الوقت الذي كانت المصارف، لا تزال تسدد بعضا من قيمة الودائع"، مشدداً على أن "الجمعية التي تضمّ أكثر من 1800 منتسب (منهم خارج لبنان) مستمرة، لأن المنطق يقول ان الأموال لا تملك أجنحة لتطير، بل هناك من سرقها، بعد أن إستولوا عليها من المصارف، ونحن كجمعيات مستمرون في النضال لأنه لم يعد لدينا ما نخسره".



جورج ساروفيم



ساروفيم: ليس هناك من يحفّز المودعين ويمسّ وعيهم النفسي

في التفسير النفسي، يرى المحلل النفسي جورج ساروفيم لـ»نداء الوطن» أن «إنكفاء المودعين عن التحركات، له علاقة بعلم النفس الجماهيري، والتي غالباً ما تتحرك من قبل أطراف لا تحضر على مسرح الاحداث بصورة مباشرة، وفي حالة المودعين هذه الجهة الخفية أو Leader مفقود. وليس هناك من يحفز المودعين ويمس وعيهم النفسي».

يضيف: «ليس من الضروري أن يكون الـ Leader شخصاً واحداً، بل يمكن أن يكون أكثر من شخص، والمطلوب هو أن يعرفوا كيف يفعّلوا كمية الاحباط الموجودة لدى الجمهور (المودعين)، لتتحول إلى غضب يدفعهم إلى المشاركة في التحركات بدل الانكفاء، لأنه في حالة الغضب الجماهيري يمكن لـ Leader، أن يأخذ المودعين إلى المكان الذي يريده ويتحولوا إلى تيار جارف».



كريم ضاهر


ضاهر: لا بد من تظاهرات حاشدة وصولاً إلى مؤتمر وطني

في الميزان القانوني، يشرح الاستاذ المحاضر في قانون الضرائب والمالية العامة، المحامي كريم ضاهر لـ»نداء الوطن»، أن «عدم مشاركة المودعين بكثافة ليس دليل إطمئنان بأن ودائعهم سترد، بل دليل أزمة ثقة وإحباط»، مشدداً على أن «الناس تريد حلولاً وتعتبر أنه يكفي تظاهرات وإعتراضات، علماً أن هذه التظاهرات قد أوصلت إلى نتيجة في نيسان وأيلول الماضيين، وفرملت إقرار قانون الكابيتال كونترول كما تريده السلطة».

ويؤكد على «أننا نحن جميعاً نريد إقرار الكابيتال كونترول، لكن ليس بالشكل الذي تطرحه السلطة. لأن هذا القانون يندرج ضمن خطة متكاملة لها علاقة مع قوانين أخرى، مثل قانون إعادة هيكلة المصارف، وإعادة الانتظام للنظام المالي. كل هذه القوانين يجب أن تثبت أن ما من فرق بين الودائع القديمة والجديدة، وستضع الحد الاعلى الذي يمكن للمودع أن يحصل على وديعته».

يعتبر ضاهر أن «ما قام به حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، خلال ثلاث سنوات هو في غاية الذكاء. ووفقاً للمعطيات التي يملكها فإن 85 بالمئة من الحسابات هي متواضعة، والتفاوت في أسعار العملة سيذوّب الحسابات مع الوقت. ولا يعود هذا الجزء من المودعين هو القوة الضاغطة التي ستطالب بإسترداد ودائعها»، مشيراً إلى أن «من يملكون ودائع كبيرة عاشوا الخوف من عدم عودة أموالهم، لذلك أنجزوا صفقات مع المصارف، إما عبر شراء العقارات أو الشيكات المصرفية. وهذه السياسة خفضت نسبة الودائع بشكل كبير، ولم يبق إلا الودائع الكبيرة التي تعود لأشخاص ودائعهم مشبوهة، ولن يتجرأوا على التحرك ضد السلطة والقيام بردة فعل».

يرى ضاهر أن «جمعيات المودعين لم تقدم لتاريخ اليوم خطة للمودعين، وهم لا يستطيعون القيام بذلك، لأن الحلول يجب أن تكون على صعيد النقابات والمجتمع المدني، الذين عليهم الضغط وطرح الحلول على السلطة»، معبراً عن أسفه أن «هذا لم يحصل إذ كان عليهم الضغط لحفظ حقوق المودعين، وأن يتفقوا على خطة حل شاملة، ويدعون إلى مؤتمر وطني ويضعون حلولاً جذرية، بدل الترقيع والحلول الجزئية التي تقوم بها السلطة».

ويشدد على أن «السلطة تجرأت على المودعين، والدليل هو أداؤها في ما يتعلق بالكابيتال الكونترول، والخشية هي أن يُقر القانون من دون الاخذ بعين الاعتبار مصلحة المودعين، والاكتفاء بمادة تقر بحماية الودائع من دون وضع الآلية التي تحقق هذا الهدف»، شارحاً أن «الدستور اللبناني يضمن حماية الودائع، لذلك يجب أن يكف النواب عن تضليل الناس، وإيهامهم بأنهم يريدون حفظ الودائع من دون وضع آلية واضحة وشفافة، تقول للمودع كيف ستتم حماية وديعته ومتى سيستردها».



وليد ابو سليمان


أبو سليمان: الشعب استسلم بعد إفشال الثورة

في القراءة الاقتصادية، يشير الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان لـ»نداء الوطن»، أن «المشكلة هي أن المودعين إستسلموا، كما إستسلم معظم الشعب اللبناني بعد الثورة، وتأقلموا مع الواقع والنمط الذي يفرضه المصرف المركزي والمصارف»، معتبراً أن «المودعين لمسوا أنهم عبر القانون والقضاء، لا يمكنهم الوصول إلى حقوقهم، وهذه مشكلة كبيرة تؤدي إلى عدم المطالبة بأي تغيير للواقع، وتلقائياً ينعكس عدم مشاركة المودعين بأعداد كبيرة على الارض». ويرى أبو سليمان أن «السلطة ستكمل بهضم حقوق المودعين، تحت شعار طالما القاضي راضي ولا يقاوم هذا الواقع، والسلطة السياسية-المصرفية لا تزال تعيش حالة إنكار للأزمة والانهيار الذي حصل، وتقوم بالخطوات التي تراها مناسبة لمصالحها». ويختم: «من الصعب جداً ان تعود الودائع إلى أصحابها، من دون القيام بإصلاحات مطلوبة أو توزيع للخسائر بطريقة عادلة».



دينا ابو زور


أبو زور: لا إجماع على مسار واضح يوصل إلى الحقوق

وفي الاطار نفسه، تشرح المحامية دينا أبو زور عضو رابطة المودعين، لـ»نداء الوطن» أن من أسباب تراجع المشاركة، هو أن قسماً من المودعين الصغار والمتوسطين خرجوا من النظام المصرفي، لأنهم حصلوا على ودائعهم بموجب التعاميم التي أصدرها مصرف لبنان، في حين أن المودعين الكبار يتابعون ملفاتهم بواسطة المحامين مع المصارف». تضيف: «المودعون غير متيقنين بأن هناك مساراً واضحاً يمكن أن يوصلهم إلى حقوقهم، فالمصارف تتخذ إجراءات تعسفية بحقهم، والقضاء مشلول لا يمكنه إلزام المصارف بعدم إقفال الحسابات المصرفية».

وتختم: «من الضروري أن تتقاطع الجهود ما بين العمل القانوني والنيابي والاقتصادي والتحركات الشعبية لتحصيل الحقوق حتى ولو كانت الاعداد خجولة، وقد إستطاعت الجمعيات سابقاً إسقاط الكابيتال كونترول بالصيغة التي أرادتها السلطة، والمطلوب هو المتابعة على كل الصعد».



مأمون طربيه


طربيه: حالة يأس من القضاء وفشل الثورات


ما هو التفسير الاجتماعي والنفسي لإحجام المودعين عن المشاركة في التحركات؟

يجيب الباحث الاجتماعي الدكتور مأمون طربيه «نداء الوطن» ان «عزوف المودعين هي نتيجة وضع ميؤوس منه، وهو ليس ابن ساعته بل وليد تراكمات وأحداث مر بها اللبناني، لأن القضاء لا يوصله إلى حقه والثورات لم تغير في أي سلوك سياسي»، لافتاً إلى أن «هذا التراكم يدفع المواطن للشعور بأنه لن يصل إلى مكان، ولديه عدم اليقين بأنه سيأخذ حقه إذا شارك في التحركات، لأن صوته لا يصل إلى آذان المعنيين الصماء».

يضيف: «قضية المودعين أشبه بالشهداء الذين سقطوا في إنفجار بيروت، هناك أناس زهقت أرواحها والى الآن لا يعرف ذووهم من هو المسؤول عن ذلك وما إذا كانت ستتم محاسبته. وعدم اليقين هذا ينطبق على أصحاب الودائع، فهناك تيئيس واحباط وإستسلام للواقع المرير»، لافتاً إلى أن «إحجام اللبنانيين عن الانشطة والتحركات الشعبية بتنوعها، يعود إلى مسار حياة مستجد لديهم نتيجة الاوضاع الاقتصادية المتردية أيضاً، وهذا ما يترك تداعياته عليهم لأن ما يحدث لا يطمئن. العامل الاقتصادي يؤثر على المستوى المعيشي، وهذا ما ينعكس بشكل طردي على المزاج العام، وعندما يتحول هذا المزاج العام، يصبح هناك عدم رغبة بالمشاركة في أي نشاط».