شغّل دماغك وقلبك أثناء الجلوس

02 : 00

بدأت مخاطر الجلوس المطوّل تزداد وضوحاً مع مرور الوقت. تربط الأبحاث دوماً بين قلة الحركة (لا سيما الجلوس المتواصل لفترة طويلة) وزيادة مخاطر أمراض القلب، والجلطات الدماغية، والسكري، والسرطان، وانكماش الدماغ، وفقدان العضلات، وتدهور وضعية الجسم، وألم الظهر، والوفاة المبكرة. إنه خبر سيئ لكل من يجلس لفترة طويلة بسبب العمل، أو السفر، أو التعب، أو المرض، أو الكسل بكل بساطة.


من الأفضل أن تحافظ على حركة جسمك على مر اليوم طبعاً وتنهض وتتحرك كل 30 دقيقة إذا أمكن، لكن تتعدد الخطوات التي تمنحك منافع صحية أثناء الجلوس.



تابع تحدّي دماغك

لتحسين صحتك أثناء الجلوس، تقضي طريقة فاعلة بمتابعة تشغيل الدماغ. يقول الدكتور أندرو بادسون، رئيس قسم علم الأعصاب المعرفي والسلوكي في نظام بوسطن للرعاية الصحية: "في أي دماغ سليم، تنشط الخلايا العصبية الدماغية بقوة وتنتج روابط جديدة. تترافق زيادة تلك الروابط مع توسّع المخزون الدماغي أو الخلايا "الاحتياطية"، إذا بدأت الصفائح والتشابكات المرافقة لمرض الزهايمر تتشكّل".



لكن تعطي النشاطات الجامدة، مثل مشاهدة التلفزيون، أثراً معاكساً على الدماغ. يوضح بادسون: "لا تنشط الخلايا العصبية إلا بدرجة ضعيفة في هذه الحالة، ولا تنشأ أي روابط جديدة. تكشف أدلة متزايدة أن الدماغ لا يحافظ على سلامته إلا عبر متابعة تشغيله".



وفق دراسة واسعة نشرها موقع "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم"، في 22 آب 2022، تبيّن مثلاً أن الفرد الذي يمضي وقتاً طويلاً وهو يشاهد التلفزيون قد يصبح أكثر عرضة للخرف من الشخص الذي يمضي وقتاً طويلاً أمام الحاسوب، وبغض النظر عن مستوى النشاطات الجسدية. لا يعني ذلك أن مشاهدة التلفزيون نشاط غير صحي بالضرورة، بل إن البرامج المعروضة على التلفزيون لا تُشغّل العقل بما يكفي على الأرجح.



خطوات لتنشيط الدماغ

لمتابعة تشغيل الدماغ أثناء الجلوس، فكّر بإطفاء التلفزيون أحياناً والقيام بالنشاطات التالية:



وسّع آفاق تفكيرك: اقرأ كتاباً حول موضوع جديد، أو اسمع أنواعاً مختلفة من الموسيقى، أو تعلّم لغة جديدة. تتعدد التطبيقات المجانية على الهاتف الذكي لبدء هذا النوع من النشاطات.


استمتع باللعب: العب الورق أو لعبة لوحية مع الأصدقاء، أو اختر ألعاب الكلمات عبر تطبيق على الهاتف أو بالورقة والقلم. لكن لا تتابع اللعبة نفسها لفترة طويلة، بل حاول أن تتحدى دماغك.


عبّر عن نفسك على الورق: اكتب قصيدة لأحد أصدقائك، أو اطبع قصة لأحفادك، أو ارسم رسمة ولوّنها بألوان مائية. لا داعي كي تكون الرسمة مثالية، بل أطلق العنان لحسّك الإبداعي بكل بساطة.


تعلّم هواية جديدة: جرّب هواية يمكنك ممارستها أثناء الجلوس: الحياكة، التطريز، بناء النماذج، صناعة الجلود... تتعدد الحُزَم الأولية الخاصة بهذه النشاطات على الإنترنت.


تواصل مع الأصدقاء: تسمح التفاعلات المباشرة، رغم الجلوس، بتشغيل الدماغ وتسهيل نشوء روابط جديدة بين الخلايا الدماغية.


ادخل إلى عالم الموسيقى: اعزف على آلة تملكها، أو تعلّم أغنية جديدة، أو لحّن أغنية بنفسك مهما كانت قصيرة.


احرص على تنويع نشاطاتك أثناء جلوسك على كرسي أو كنبة لأن التحديات المتنوعة، لا سيما الجديدة منها، تزيد الجهد الذي يبذله الدماغ وتحافظ على سلامته.




مارس التمارين الجسدية أثناء الجلوس


لتحسين صحتك خلال فترة الجلوس، تقضي طريقة أخرى بممارسة التمارين الجسدية رغم وضعية الجلوس. يمكنك أن تطبّق تمارين الأيروبيك التي تُشغّل القلب والرئتين حتى لو لم تنهض وتتحرك. من خلال تنفيذ سلسلة حركات مستهدفة لتشغيل الذراعين والساقين، مثل تدوير الذراع، واللكمات الهوائية، ورفع الساق، وحركات المشي أو الدوس، ستتسارع ضربات قلبك ويتحسن تدفق الدم في جسمك. يتعلق عامل أساسي بمتابعة هذه النشاطات بين 10 و20 و30 دقيقة متواصلة.


تعطي تمارين الأيروبيك أثراً إيجابياً أثناء الجلوس إذا كانت تُحفّزك على التحرك. يمكنك أن تختار تمارين الجمباز أو حركات الملاكمة. كذلك، تتعدد برامج الرقص على وقع أنواع عدة من الموسيقى ويمكن تطبيقها أثناء الجلوس.


على صعيد آخر، يمكنك أن تطبّق تمارين القوة أثناء الجلوس عبر استعمال أثقال الدمبل (تمارين تشغيل عضلات الذراع)، أو أربطة المقاومة (حركات التجديف)، أو وزن الجسم (رفع الساق والحفاظ على هذه الوضعية لخمس ثوانٍ). هذه التمارين تقوي العضلات وتساعدك على التحكم بسكر الدم وعملية الأيض (أي سرعة الجسم في حرق السعرات الحرارية).


أثناء الجلوس أيضاً، يمكنك أن تطبّق تمارين التمطط لتشغيل معظم المجموعات العضلية الأساسية، مثل العنق، والكتفين، والذراعين، والساقين، للحفاظ على طولها ومرونتها وحمايتها من الإصابات.


تساعد جميع أنواع النشاطات (أيروبيك، تمارين قوة، حركات تمطط) الجسم في الحفاظ على صحته عبر درء الأمراض المزمنة (مثل أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسكري)، والحفاظ على قوة العضلات والعظام، وتحسين التوازن ونوعية النوم، وتسهيل السيطرة على المزاج والوزن، ما يعني حماية الاستقلالية الفردية وصحة الدماغ. كذلك، تسهم التمارين الجسدية في تعزيز نمو الخلايا الدماغية الجديدة، وتُحسّن الذاكرة وتدفق الدم نحو الدماغ.



لتطبيق أي نوع من التمارين أثناء الجلوس، التزم بالمقاربة الحذرة التي تستعملها مع أي تمارين أخرى. استخدم كرسياً متيناً، وانتعل حذاءً رياضياً مع جوارب لحماية قدميك. ابدأ بسلسلة من الحركات البطيئة لبضع دقائق قبل ممارسة التمارين الأساسية، ثم استرجع الهدوء وبرّد جسمك عبر القيام بحركات بطيئة بعد حصة التمارين.


أخيراً، تذكّر أن التمرين المنتظم هو أفضل ما يمكنك فعله. حاول أن تُخصّص 150 دقيقة لتمارين الأيروبيك أسبوعياً، وطبّق حركات التمطط يومياً، وتمارين القوة مرتَين في الأسبوع على الأقل.

MISS 3