خلق البشر من الخلايا الجلدية ممكن

02 : 00

جنين اصطناعي في مراحله الأولى مخلوق من خلايا جلد الإنسان

تكشف الأبحاث في مجال الخلايا الجذعية طريقة عمل جسم الإنسان وتطوره، وتنذر بتطبيقات مستقبلية واعدة قد تساعدنا على معالجة الأمراض المستعصية حتى الآن. لكن لا تقتصر منافع هذه الأبحاث على معالجة الأمراض، إذ يمكن تحويل خلية جلدية بسيطة إلى إنسان كامل ومُعدّل وراثياً بفضل قوة الخلايا الجذعية والهندسة الوراثية.



تكشف الأبحاث أن تحويل الخلايا الجلدية إلى أجنّة فاعلة يمكن استعمالها لخلق كائنات كاملة ليس هدفاً معقداً. لكن تواجه هذه الأجنّة المشاكل التي يتعامل معها أي جنين عادي، فهي معرّضة للأمراض الوراثية. حتى أنها قد تتحوّل وتصاب بمشاكل صحية خطيرة بعد الولادة. لكن يمكن حل هذه المشكلة بفضل الهندسة الوراثية لحسن الحظ.

اليوم، يريد البشر تطوير تقنية لهندسة جسم الإنسان وراثياً للتغلب على حدود الطبيعة وتسريع المرحلة الجديدة من التطور البشري الذي يسيطر عليه الناس. يمكن تحسين مستوى الذكاء، وتقوية المقاومة ضد الأمراض، ومنح الجسم قدرات جديدة لمكافحة أي مشاكل بيئية شائكة. لنتخيل إمكانية أن نكتسب قوة مطلقة للسيطرة بالكامل على شكل الطفل الذي ننتظره قبل ولادته! يبقى هذا الاحتمال مجرّد بداية لسلسلة إنجازات مرتقبة.

ابتكر العلماء عملية جديدة لخلق الأطفال. تبدأ هذه العملية باستخراج الخلايا الجلدية من إنسان واحد. لا أهمية لعمره، أو جنسه، أو نوعه الاجتماعي، بل تُعطى الأولوية للخلية الجلدية. تُزرَع هذه الخلية لاحقاً في المختبر للحصول على أكبر عدد ممكن من الخلايا. ثم تُستعمل تقنية إعادة البرمجة الجينية لتحويل الخلايا الجلدية إلى خلايا جذعية جنينية. في المرحلة اللاحقة، يصبح العلماء أمام خيارَين:

الخيار الأول: تنقسم الخلايا الجذعية الجنينية إلى مجموعتَين. تتحول المجموعة الأولى إلى حيوانات منوية، والمجموعة الثانية إلى خلايا البويضة. تُخصِّب الحيوانات المنوية خلايا البويضة لخلق أجنّة قابلة للحياة. يبحث العلماء عن أفضل الأجنة من الناحية الصحية قبل أن ينتقلوا إلى الخطوة اللاحقة. وبعد اختيار الأجنة الصحية، يستعملون تقنية CRISPR-cas9 لتحديث جينوماتها وتصميمها بحسب رغبتهم. ثم ينزعون الجينات المسؤولة عن الأمراض ويضيفون تلك المسؤولة عن الخصائص الإيجابية. وبعد هندسة الأجنّة، يفحصونها مجدداً للتأكد من اختيار جنين سليم. ثم يُزرَع أفضل جنين في الرحم الاصطناعي مباشرةً، ويبقى حياً وناشطاً إلى أن تصبح ولادة إنسان متكامل ممكنة.

الخيار الثاني: تتحول الخلايا الجذعية الجنينية المشتقة من الخلايا الجلدية إلى أجنّة مباشرةً. ثم تتم هندسة الأجنة عبر تقنية CRISPR-cas9، وتتخذ الخطوات اللاحقة مساراً مشابهاً للخيار الأول.

سبق وتحققت جميع الخطوات التي تسمح بإتمام هذه العملية. لكن متى يحين وقت اختبارها على البشر؟ ربما حصلت تجارب مماثلة أصلاً، لكننا لا نعرف نتائجها بعد. إنها مسألة وقت.

إذا كنتَ في منتصف الخمسينات من عمرك، ستعيش لفترة طويلة بما يكفي كي تشهد على ظهور أول إنسان اصطناعي في العالم. سيصبح خلق البشر على الطلب عملاً روتينياً في نهاية المطاف، بما يشبه وضع الأطفال الذين يولدون عبر التلقيح الاصطناعي اليوم. واجهت هذه التقنية رفضاً قاطعاً في البداية، لكنها أصبحت شائعة الآن. يستطيع أيٌّ كان أن يلجأ إليها إذا كان يملك المال. لكن هل يمكن اعتبار هذا النوع من العمليات مقبولاً؟

يشمل الجسم حوالى 35 مليار خلية جلدية، ويبدو احتمال تحويل هذه الخلايا إلى كائنات بشرية مفهوماً مخيفاً بمعنى الكلمة. لكن طالما يحمل الناس مخاوف أخلاقية من هذه التقنيات، سيمرّ وقت طويل قبل أن تصبح هذه العملية عادية ومقبولة. أخيراً، قد يولد أول إنسان اصطناعي على الأرجح في الصين حيث تشهد الأبحاث المرتبطة بالخلايا الجذعية الجنينية ازدهاراً لافتاً، نظراً إلى تراجع القيود التشريعية التي تمنع حصولها.