محمد دهشة

وحدة داخل "عين الحلوة" لمواجهة "صفقة القرن"... حرق أعلام وصور

غضب وإضراب عام في المخيمات... والفلسطينيون: الشعب يقرر مصيره

30 كانون الثاني 2020

02 : 00

إختصر مشهد المخيمات الفلسطينية في لبنان، في يوم "الاضراب العام" و"الاقفال التام"، الموقف الفلسطيني السياسي والشعبي الموحّد برفض "صفقة القرن" الاميركية، والذي ترجم بسلسلة من المسيرات والاعتصامات واللقاءات الاحتجاجية، عبّر فيها الفلسطينيون عن عزمهم وإصرارهم على إسقاط "الصفقة" المشؤومة على قاعدة "ولدت ميتة... وسنسقطها"، و"الشعب الفلسطيني سيقرر مصيره بنفسه".

حال الغضب في المخيمات، بلغ الذروة هذه المرة، تتويجاً لسلسلة من القرارات الأميركية المجحفة ضد القضية الفلسطينية، بدءاً بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الاسرائيلي وبنقل السفارة إليها، مروراً بوقف المساعدات المالية لوكالة "الاونروا" ومحاولة إنهاء عملها، وصولاً إلى اقفال مكتب "منظمة التحرير الفلسطينية" في واشنطن، وهي خطوات غير مسبوقة لأي رئيس اميركي خلال ولاية واحدة، فجاء الرد سريعاً وحاسماً بحجم خطورة هذه القرارات على القضية برمتها والقدس وحق العودة.

أكبر المخيمات

في عين الحلوة أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، عم الاضراب العام ارجاءه تلبية لدعوة "هيئة العمل المشترك" الفلسطيني و"اللجان الشعبية" في لبنان، بما فيها حركات "فتح" و"حماس" و"الجهاد الاسلامي" للتعبير عن رفض "صفقة القرن" التي تتضمن شطب حق عودة اللاجئين الى ديارهم فلسطين، فأقفلت المدارس أبوابها كما المحال التجارية، ورفعت الاعلام الفلسطينية فوق المنازل والدكاكين، على وقع بث الأغاني الوطنية التي ألهبت حماسة أبناء المخيم، وهي من المرات النادرة التي تشعر فيها باستنفار عام في المخيم، وكأن دورة الحياة تريد ان تتوقف فيها، وتتابع التطورات السياسية.

"نداء الوطن"، جالت في المخيم الذي يوصف بأنه عاصمة الشتات الفلسطيني ومركز القرار، ورصدت جانباً من حياة أبنائه الرافضين للصفقة والغاضبين من قرارات ترامب، على وقع الاعتصام السياسي والجماهيري الذي نظمته "هيئة العمل المشترك الفلسطيني" في منطقة صيدا، في ملعب الشهيد أبو جهاد الوزير للتعبير عن الموقف وتطلعات ابنائه.

وسط الاعتصام، إعتمرت الناشطة الفلسطينية سماح سراج "الكوفية" وامتشقت بندقية أميركية الصنع "أم 16"، وهتفت بأعلى صوتها غضباً "فلتسقط "صفقة القرن" الاميركية، لقد دفنّا كل الاتفاقات السابقة ومصير هذه "الصفقة" الموت"، وذلك وسط المئات من أبناء مخيم عين الحلوة، الذين أحرقوا العلمين الاميركي والاسرائيلي، الى جانب صور للرئيس الاميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء "اسرائيل" بنيامين نتانياهو، واحتجاجاً على إعلان "الصفقة".

وقالت سراج لـ "نداء الوطن"، وهي واحدة من عشرات الناشطات الفلسطينيات اللواتي شاركن في اعتصام سياسي وجماهيري حاشد نظمته "هيئة العمل المشترك" في المخيم رفضاً للصفقة، "لن نسقط الصفقة فقط، بل سنعود إلى فلسطين قريباً، ولن يمنعنا من ذلك، لا الرئيس ترامب ولا نتنياهو، بوحدة موقفنا وارادة شعبنا وصمود مقاومتنا سنعود، وهذه البندقية الطريق الى ذلك".

وحدة الموقف

في المخيم، تسمع موقف حركة "فتح" مثل "حماس" و"الجهاد الاسلامي" وغيرهما من باقي الفصائل الفلسطينية، سريعاً لقد تناسوا الخلافات، فالمؤامرة تتطلب الوحدة ووضع خطة موحدة للمواجهة، على اعتبار أن المخيمات ومصير اللاجئين في عين العاصفة الاميركية مجدداً.

وأكدت القيادية الفتحاوية التي توصف بأنها "المرأة الاقوى" آمال شهابي لـ "نداء الوطن": "إننا نرفض الصفقة جملة وتفصيلاً، ونقول إنها لن تمر وسنسقطها كما لم تمر المؤامرات السابقة"، قبل أن تضيف "ليس ترامب ونتنياهو من يقرران مصير شعبنا، سنقاوم بنود الصفقة، وسنلتف نحو القيادة الفلسطينية لاختيار افضل طرق المقاومة لاسقاطها، ونحن واثقون بذلك".

بينما شدد مسؤول العلاقات السياسية لحركة "حماس" في المخيم خالد زعيتر، على أننا "نرفض صفقة "العار والخزي"، التي ما كانت لتعلن لولا تآمر بعض الانظمة العربية، تلك مخططاتهم الخبيثة بينما إرادتنا وقرارنا المواجهة، والصفقة لن تمر.. ولو على دمائنا".

فيما قال مسؤول "العلاقات السياسية" لـ "حركة الجهاد الاسلامي" عمار حوران، "يمكرون ضد القضية ولكن فلسطين لن تضيع، وبموقفنا الموحد سنواجه المؤامرة الجديدة، لدينا الارادة الصلبة والسلاح القوي، وعبر المقاومة سندافع عن حقوقنا لانهم لا يفهمون الا لغة القوة".

صور وحرق

في الاعتصام نفسه، رفع المشاركون صوراً لترامب ونتنياهو وعليها شعار "النازية" و"نجمة داود"، وقالت الناشطة هلا حمادة: "لا يستحق ترامب رفع صوره، لقد ظلم الشعب الفلسطيني وقضيته وانحاز بالكامل الى اسرائيل ومصير صفقته الى مزبلة التاريخ"، بينما شددت نورا ابو صلاح على أن "الشعب الفلسطيني في المخيمات لن يسامح من اغتصب أرضه وشرد شعبه، ويريد الآن أن يقضي عليه بالكامل، من دون ان يرفع صوتاً، سنموت واقفين ولن نركع".

وتحدث في الاعتصام أمين سر حركة "فتح" في منطقة صيدا العميد ماهر شبايطة باسم فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية"، فأكد ان "المؤامرة الاميركية الاسرائيلية التي يقودها ترامب ونتنياهو لن تمر وستفشل بسبب الرفض الفلسطيني والموقف الواضح من القدس واللاجئين والثوابت الوطنية". وتحدث مسؤول "العلاقات السياسية لـ "حركة الجهاد الاسلامي" في لبنان شكيب العينا باسم "تحالف القوى الفلسطينية"، فشدد على "الموقف الفلسطيني الموحد برفض هذه الصفقة "العار"، التي تهدف لبيع القضية الفلسطينية وتذويب وتوطين اللاجئين في مقابل إقامة الدولة الصهيونية". كما أوضح عضو قيادة "التنظيم الشعبي الناصري" محمد ضاهر بإسم القوى الوطنية اللبنانية، مؤكداً أننا "سنقف الى جانبكم، بل سنسير امامكم من اجل الدفاع عن فلسطين وحق العودة، وستبقى صيدا حاضنة للقضية الفلسطينية وشعبها".

وأحرق المشاركون العلمين الاميركي والاسرائيلي، الى جانب صور ترامب ونتنياهو. وقال مسؤول "الجبهة الديمقراطية" فؤاد عثمان: "لن نرضخ للاملاءات الاميركية، نحن متمسكون بحق العودة وفق القرار الدولي 194، ولا يمكن ان نتنازل عنه وإن الصفقة وبنودها يدوسها ابناء شعبنا باقدامهم"، مضيفاً "ستسقط هذه الصفقة امام ارادة شعبنا، وستشتعل الانتفاضة والمقاومة، وتكرس الوحدة في الداخل والخارج، القضية مصيرية وفيها حياة أو موت ووجود بحرية وكرامة".

رموز الثورة

في المخيم، تستمر الحياة ولكن برتابة مملة، وسوق الخضار الذي يعتبر "باروميتر" الحركة، ميزانه خفيف، والناس هائمة على وجوهها، ولكن يعرفون الدرب، وفق ما يقول حسين الجمال، الذي أكد ان "فلسطين أقوى من المؤامرة... وشعبها في نهاية المطاف سينتصر لانه على حق".

عند مدخل المخيم الغربي لجهة الحسبة، جسّد فنانون الوحدة الوطنية برسم صور للشهداء، تتقدمهم صورة للرئيس الرمز ياسر عرفات "أبو عمار" وأخرى للشيخ احمد ياسين، "حكيم الثورة" جورج حبش، وابو جهاد الوزير، الى جانب صورة المسجد الاقصى ومدينة القدس، وعبارة "ثوار الارض". يقتنع أبناء المخيم ان الوحدة الوطنية هي الاساس لمواجهة أي خطر محدق بالقضية الفلسطينية، وأن الخلاف بمثابة مسمار في نعشها، حيث تقول الطالبة ريما شناعة: "هؤلاء هم رموز الثورة وأيقونتها وشعلتها التي لا ولن تنطفئ، سنسير على دربهم حتى تحقيق أهدافنا بتحرير الأرض ودحر الاحتلال والعودة". وليلاً، نظم حراك صيدا وقفة احتجاجية في ساحة الثورة عند تقاطع ايليا، بعد مسيرة سيارة نظمها التنظيم الشعبي الناصري في المدينة وتظاهرة شبابية في مخيم عين الحلوة لحظة اعلان الصفقة، على ان يعقد في مركز معروف سعد الثقافي في صيدا لقاء تضامني لبناني فلسطيني اليوم الخميس، لوضع خطة تحرك ومنها مسيرة مشتركة في مدينة صيدا.


MISS 3