رمال جوني -

ثورة السيدات على النفايات تُنتج فنّاً

31 كانون الثاني 2020

02 : 00

تعمل مريم في هندسة الزجاج وتحوّله الى مصابيح

ثارت المرأة على بيئتها، قررت تحويل النفايات تحفاً فنية تزين المنازل، غير آبهة بالإنتقادات اللاذعة. صاغت سياسة تدوير النفايات للحد من آفاتها الخطيرة، بين الزجاج والورق والنايلون. سيدات قرّرن ان يغيّرن هويتهنّ، وضعن خريطة طريق جديدة لتحويل النفايات فناً اقتصادياً إن صح التعبير، فحوّلن الزجاج مصابيح وقناديل ومزهريات، وأتين بالورق وحوّلنه الى لوحات تخبر قصة وطنهن، وبأكياس النايلون حكن صواني وجزادين ومزهريات.

النايلون حقائب

فيما لا تزال ازمة النفايات ترواح مكانها، كانت جواهر تحوك بأكياس النايلون صواني وجزادين وسلالاً. تجمع النايلون الذي يحتاج مئات السنين ليتحلل وتقوم بخياطته، فهي التي انطلقت من الرغبة في تخفيف إستهلاك النايلون، وتحاول تقديم فكرة عن كيفية تدويره ليتماشى مع أهداف فنها. وترى جواهر في عملها "حاجة ملحة لطرح حلّ لأزمة النايلون، وتعميم ثقافة الفرز والتدوير".

تسعى جواهر السيدة الستينية الى تعميم فنها داخل بيئتها، سيما وان ما تنتجه من اعمال يتماشى مع الموضة، اذ تحرص على ان تكون اعمالها غاية في الدقة، وتؤكد "ان اعمال النايلون الفنية قد تصبح ماركة اذ اتيحت لها الفرصة".

يصعب على المرء التمييز بين مشغولات النايلون ومشغولات الخيط، فالدقة التي تتبعها مكانتها من تقديم أعمال بدأت تحظى بإعجاب الناس ويتزايد الطلب عليها.

الزجاج قناديل

لم تقف مريم ابنة بلدة انصار الجنوبية مكتوفة الأيدي جراء تفاقم أزمة النفايات. الشابة التي تعمل في اختصاص الـ graphic قررت ان تستغل اختصاصها في هندسة قناني الزجاج "الأخطر على البيئة" وتحويلها تحفاً فنية.

تنطلق مريم من قاعدة "كل شي ممكن نستفيد منه"، تقول "الزجاج مادة صالحة لتكون اكثر من تحفة، صحيح صعب العمل بها نسبيا، لكن حين تنجز منحوتة غاية في الاتقان تنسى التعب".

تعمل مريم في هندسة الزجاج، وتحوله الى مصابيح دمجتها مع الخشب والخيش والفلين، بدت محترفة في عملها، "قررت التعامل مع الزجاج على اعتبار انه الاخطر على البيئة ويصعب تحلّله".

تعددت اعمالها بين القناديل والاجراس والمصابيح والمزهريات من دون ان تنسى العلاقات، وبرأيها ان ما تقوم به "نحت فني، يجعلك تنطق كل ما بين يدك ليكون واقعاً آخر". تعتبر مريم رائدة في عملها، توصلت من خلاله الى حل جزء من ازمة النفايات، بتدويرها واعتمادها مصدر دخل لها، والأهم أنها أعطت للزجاج قيمة مضافة جديدة وقدمت العديد من الأفكار لكثر كي يحذوا حذوها وتشجعهم على فرز النفايات وإعادة تدويرها درءاً للمخاطر البيئية والصحية التي تنتج عن"الزبالة" وتحفز الشباب على خوض غمار تجربتها "الزجاج بحد ذاته تحد، اتعامل معه على ضوء أزمة يجب تدويرها،أضع تصميماً للتحفة وانطلق في نحتها".

اختارت مريم اسم مرازال لتطل به على اعمالها، باتت تزين عدداً من المنازل وحدائقها، وجدت عبرها مفتاحاً لفرصة عمل مفقودة في لبنان. شغفها بما تقوم به، دفعها لتقديم اعمالها بحرفية عالية "اجمل ما اقوم به انني أحوّل اللاشيء الى فن، والأزمة الى حل".

ترسم بالورق قضيتها

واذا كانت مريم تدوّر الزجاج في خدمة رسالتها البيئية، فإن سنية فران اختارت الورق لتدويره والرسم به، لأنها تؤمن بأن الفن رسالة وعلينا ان نستغلها في خدمة قضايا مجتمعنا. تستخدم الورق الذي المعد للتلف، وترسم من خلاله لوحاتها، ترى ان " الرسم بالورق ثورة على الازمة، تدرك ان الإنقلاب على القيود يصنع فناً بيئياً متحرراً، وهذا ما دأبت عليه سنية التي اختارت الورق لعبتها، طوّعته لخدمة رسوماتها التي حملت في طياتها ابعاد المرأة المتمردة على كل القيود، تحمل هم مجتمعها "لاننا نعيش في بيئة موبوءة بالسموم"، لا تنكر ان الورق اداتها في ثورتها، لكنها ترى "ان الثورة الفنية لا تقل أهمية عن اي ثورة فهي الناطقة بالمبادئ الأساسية لأي ثائر يعبر الى طريق التغيير".

لكل سيدة رؤيتها، تتقاطع جميعها في خدمة البيئة والفن، فقد أسّسن لمنظومة مغايرة عن أطر التلقين والإستنساخ، اجترحن حلولاً لأزمات أرهقت صحة أبنائهن، وبدأن ثورة تغيير جذرية.


MISS 3