الرياضيات لا تمنع السفر عبر الزمن

02 : 00

هل يسمح علم الفيزياء بخوض تجربة أكثر إثارة من السفر عبر الزمن؟ نحلم جميعاً بالحصول على فرصة لزيارة العصر الثلاثي أو تكرار التجارب في سيارات "ديلوريان" القديمة مثلاً. رغم جميع المفارقات التي تحملها تفسيراتنا للظواهر الفيزيائية، قد يكون مفهوم الزمن الأكثر تعقيداً على الأرجح. هل تسمح أي آلية بالعودة إلى حقبة سابقة؟ هذا الاحتمال ممكن من الناحية الرياضية على الأقل!

السفر إلى المستقبل ممكن، لكنّ هذا النوع من العمليات ليس بسيطاً. وفق نظرية النسبية التي وضعها أينشتاين، يبدو أن المراقِب الذي يتنقل بسرعة معيّنة يسافر بطريقة ما إلى المستقبل مقارنةً بالمراقب الثابت في مكانه، لأن الزمن في وقت الراحة يمرّ بوتيرة أبطأ.

يتحرك رواد الفضاء المقيمون في محطة الفضاء الدولية بوتيرة أسرع من البشر العاديين على سطح الأرض، لذا تكون ساعتهم البيولوجية متفوقة بدرجة ضئيلة. يبقى هذا الأثر بسيطاً طبعاً لدى رواد الفضاء. لكن إذا تمكّنا من التحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء، ستصبح النتائج أكثر وضوحاً. يمكن فهم ما يحصل عبر مشاهدة شخصية ماثيو ماكونهي في أحد أفلامه، حين يعود إلى منزله بعد الدوران حول ثقب أسود، فيجد ابنته وهي أكبر منه بعقود.

لكنّ القوانين الفيزيائية المعروفة تمنع العودة بالزمن إلى الوراء لأن هذه العملية تنتهك العلاقة السببية المتينة بين السبب والنتيجة. تُعتبر "مفارقة الجدّ" أوضح مثال على هذا الانتهاك الممنوع. يعود حفيد بالزمن إلى الوراء ويقتل جدّه كي يمنع ولادة أبيه، ما يعني أن ولادته تصبح مستحيلة أيضاً. نتيجةً لذلك، هو يعجز عن السفر عبر الزمن كي يبقى جدّه على قيد الحياة، ما يؤدي إلى ولادة الحفيد وتجدّد احتمال عودته بالزمن لقتل جدّه وهكذا دواليك.

جيرمان توبار هو طالب علوم في سنته الرابعة في جامعة "كوينزلاند" في أستراليا. استكشف توبار والمشرف عليه، الدكتور فابيو كوستا، الاحتمالات الرياضية (لا الفيزيائية) لطرح نموذج يثبت أن العودة إلى الماضي ممكنة. سرعان ما اكتشفا طريقة لطرح مربعات كاملة، وجعل الرحلة ممكنة، وتجنب ظهور مفارقات مثل "مفارقة الجدّ". يوضح كوستا في بيان صحافي رسمي صادر عن جامعة "كوينزلاند": "يعني ذلك أن السفر عبر الزمن ممكن، لكن لا يمكن فعل شيء لإحداث المفارقات".

لإجراء التجارب الفيزيائية، أو حتى تقوية فرضيات النسبية أو إعادة صياغتها، تقضي الخطوة الأولى بطرح وصف دقيق للظواهر الممكنة رياضياً. في هذه الحالة، ستكسب جميع الاحتمالات المُستكشفة قيمة علمية هائلة.

في النهاية، يستنتج كوستا: "تثبت مجموعة العمليات الرياضية التي اكتشفناها أن السفر عبر الزمن بكل حرية ممكن منطقياً في هذا الكون، ومن دون مواجهة أي مفارقات".