ألان سركيس

بكركي تفتح أبوابها للمصالحة الدرزية

11 تموز 2019

10 : 25

دخل معطى جديد على خطّ التهدئة في حادثة عاليه، خصوصاً أن كل ما أحاط بالوضعية الدرزية كاد يهدّد باندلاع حرب درزية - درزية تطال شظاياها كلّ الجبل والوطن.

لا شكّ أن الوضع الدرزي يُبشّر بما هو أسوأ، ولم يعد الإشتباك يقتصر على خلاف جنبلاطي - إرسلاني، بل تخطّاه أوّلاً لأن يكون اشتباكاً مسلّحاً يتخطّى حدود السياسة، وثانياً أن يتحوّل إلى حرب مصغّرة أبطالها أبناء الجبل الذين يعيشون صراع البقاء والوجود.
والجديد في هذه القضية أن البطريركية المارونية دخلت على خطّ مساعي التهدئة والوساطة، وقد فُتحت أبواب الصرح في بكركي للمتخاصمين الذين زاروه السبت الماضي وأمس.
ويعرف كثر أن العلاقة الدرزية - المارونية مرّت بمطبات كثيرة، لكن في المقابل كان هناك نضال مشترك من أجل الوصول إلى الكيان المستقلّ، فالموارنة أصرّوا في القرن الخامس عشر على اصطحاب وفد درزي معهم خلال زيارتهم إلى الفاتيكان.


وناضل الموارنة والدروز أثناء فترة إمارة الجبل لتحقيق فكرة الإستقلالية اللبنانية، والتي وصلت إلى ذروتها في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير والأمراء الذين خلفوه، ومن ثم شهدت العلاقات المارونية - الدرزية فترات حروب بين العامين 1841 و1860، وعند ولادة لبنان الكبير تحوّل الحكم من الثنائية المارونية - الدرزية التي حكمت جبل لبنان، إلى الثنائية المارونية - السنية، عندها شعر الدروز أن دورهم بدأ يتآكل، وما لبثت أن اندلعت حرب الجبل مجدداً العام 1983، قبل أن يتوّج البطريرك مار نصرالله بطرس صفير المصالحة التاريخية في آب 2001.


وأمام كل هذه الوقائع، علمت "نداء الوطن" أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يفتح أبواب الصرح البطريركي لكي يتصالح الدروز. وفي السياق، فإن المصالحة التي يتمّ العمل عليها هي بين رئيس الحزب "التقدّمي الإشتراكي" وليد جنبلاط ورئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب طلال إرسلان، في حين أن الجهود البطريركية تتركّز حالياً على جنبلاط وإرسلان، لأن رئيس حزب "التوحيد العربي" وئام وهاب ليس طرفاً في إشكال قبرشمون.
وتأتي الجهود البطريركية بعد أن بلغ الوضع الدرزي حالة غير مسبوقة من التوتّر والشحن والتشنّج، ولم تقتصر شظاياه على الدروز بل طالت كل سكان الجبل، كما أن لبنان كلّه تأثّر بهذا الإشكال ووصل إلى حدّ تهديد موسم السياحة وشلّ عمل الحكومة.


وفي السياق، فإن الحزب "الإشتراكي" زار الصرح السبت الماضي والحزب "الديمقراطي" زاره أمس، وقد طرح البطريرك الراعي أمامهما نقاطاً عدّة أبرزها صون المصالحات وعدم الذهاب إلى حرب أهلية جديدة لا يعرف أحد كيف تنتهي.
وتؤكّد مصادر بكركي لـ "نداء الوطن" أن أبواب الصرح مفتوحة أمام "الإشتراكي" والديمقراطي"، وبكركي هي بطريركية لكل لبنان، وليس للموارنة فقط، "ونحن مستعدون في أي لحظة لاحتضان لقاء المصالحة الدرزية بين جنبلاط وإرسلان، فالصرح هو موقع وطني بامتياز وعليه التحرّك عندما يكون أبناء الوطن في خطر أو الوطن على شفير الهاوية".


وعن العقبات التي تعوق المصالحة، تؤكّد بكركي أنه لا توجد عقبات أساسية، فنحن دعَوْنا إلى المصالحة وعلى كل السياسيين تحمّل مسؤولياتهم، ومساعينا تأتي استكمالاً لمساعي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومساعي الرئيس نبيه بري والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.


وبالنسبة إلى إحالة جريمة قبرشمون إلى المجلس العدلي كمطلب أساسي من مطالب الحزب "الديمقراطي"، فإن الوزير صالح الغريب الذي زار الديمان أمس أكّد أهمية هذا المطلب، لكن بكركي تعتبر أن هذا الأمر تفصيل لن يعوق المصالحة في حال صفت النيات وأراد الدروز التوجّه إلى مصالحة شاملة تنقذ البلد من النفق الأسود الذي دخل فيه بعد أحداث عاليه، وتُعيد الروح الى العلاقات اللبنانية - اللبنانية.


وتكشف بكركي في هذا السياق، أن الإتصالات مع المرجعيات ستتكثّف، والجهود المكثّفة هي التي توصل إلى حلّ، "فلا يمكن أن نقبل بفتنة درزية - درزية أو فتنة درزية - مسيحية، ولا تقبل بكركي أن يُقال إن المسيحيين تركوا الجبل أو أن الأجواء عادت إلى التوتّر مجدداً".


وتتمنّى بكركي أن تتمّ المصالحة سريعاً، وسط التأكيد على مرجعية الدولة الفاعلة وقيامها بواجباتها الأمنية والقضائية، وأن يشعر كل طرف بأنه مُصان ولا يواجه مصير الإلغاء أو التهميش.


وتأتي خطوة بكركي هذه بفتحها أبواب الصرح أمام الدروز كتعبير عن أن مصالحة الجبل لا تزال قائمة، وأن الموارنة حريصون على الدروز مثل حرصهم على بقية المكوّنات، وهذه الخطوة بحدّ ذاتها، تؤكد وحدة العائلة اللبنانية، ومرجعية بكركي الوطنية وأن الصراع ليس مارونياً ـ درزياً كما يحاول البعض تصويره.


MISS 3