جاد حداد

Dog Gone... عن صداقة البشر والكلاب

23 كانون الثاني 2023

02 : 01

في فيلم Dog Gone (كلبنا المفقود)، يجسّد روب لوي دور رجل أعمال ينضم إلى ابنه للبحث عن كلب مفقود في "درب الأبالاش". الفيلم مقتبس من قصة حقيقية عن جون مارشال وابنه فيلدينغ (جوني بيرشتولد) اللذين يتصالحان لإيجاد حيوان أليف. يسهل أن نتوقع مشاهدة لقطات لطيفة بين البشر والكلاب على وقع موسيقى حالمة، فضلاً عن التطرق إلى أزمات صحية في حياة البشر والكلاب، وعرض لحظات عاطفية لإثبات عمق العلاقة بين الطرفين. قصة الفيلم مأخوذة من كتاب يحمل العنوان نفسه للصحافي بولس توتونغي، صهر جون مارشال وزوج شقيقة فيلدينغ. يتعامل كاتب السيناريو نيك سانتورا مع القصة بسلاسة فائقة، ويستفيد من براعة المخرج ستيفن هيريك للحفاظ على عمل متماسك، وتدور الأحداث المتسارعة على وقع موسيقى تصويرية لافتة من توقيع إيميلي بير. كذلك، يستفيد مدير التصوير مايكل مارتينيز بأفضل الطرق من المناظر الطبيعية الجميلة في جورجيا كموقع للأحداث التي تدور في فرجينيا.

يكون "فيلدينغ" في سنته الجامعية الأخيرة حين يقرر الذهاب إلى مزرعة لمداواة قلبه المجروح، فيقع هناك في حب جرو جميل يسمّيه "غونكر". هما يمضيان سنة دراسية سعيدة معاً إلى أن يدرك "فيلدينغ"، قبل يوم من تخرّجه، أن وظائف ممتازة تنتظر جميع الطلاب الآخرين في صفّه، فيما يحاول هو تحديد نوع العمل الذي يريده. بعد تفويت التخرج لأنه يطيل النوم مع "غونكر"، يعود "فيلدينغ" إلى منزله.

يكون "جون" رجلاً جدّياً واحترافياً وساخراً أحياناً. حين يعود ابنه إلى منزله بعد حفل التخرج، يخبره "جون" بأنه لا يملك الوقت للاعتناء بحيوان أليف وأن هذه المهمة ليست من مسؤولياته. وعندما يُصِرّ عليه "فيلدينغ"، يحاول "جون" وضع طوق كهربائي حول عنق الكلب لمنعه من مغادرة المكان.

على "درب الأبالاش"، يسمح "فيلدينغ" وصديقه المقرّب "نيت" (نيك بين) للكلب بمطاردة ثعلب فيبتعد عنهما. يترك "جون" كل شيء ويتعهد مع ابنه بالعثور على "غونكر" وإعادته إلى المنزل. في الوقت نفسه، تنشئ والدة "فيلدينغ"، "جيني" (كيمبرلي ويليامز بيسلي)، مركز قيادة في المنزل وتستعمل أجهزة فاكس، وكتباً هاتفية، ومنشورات، وخرائط عليها إشارات حمراء لربط مختلف المواقع ببعضها. لرفع معنويات الفريق، تنشر الأم "قائمة الأبطال" في إشارة إلى الأشخاص الذين يقدمون المساعدة. سرعان ما تصبح عمليات التفتيش عاجلة لأن "غونكر" مضطر لأخذ دواء لمرض أديسون خلال 19 يوماً.

قد تكون اللحظات بين البشر والكلب مبهرة في الفيلم، لكن تبقى التبادلات البشرية خلال عملية البحث أساس القصة. تعتبر "جيني" تقديم المساعدة للعثور على "غونكر" طريقة لتجاوز الألم الذي يلازمها بعد خسارة كلبها في صغرها. في المقابل، يعتبر "جون" و"فيلدينغ" هذه العملية طريقة لاستخلاص الدروس من بعضهما البعض واكتشاف القواسم المشتركة بينهما عبر اللقاءات التي يخوضونها خلال هذه التجربة. هما يتلقيان دعماً متكرراً وغير متوقع من أشخاص ما كانوا ليمروا في حياتهما إلا في هذه الظروف، بما في ذلك رجل في محطة بنزين يبيع تمثالاً لشفيع النفوس الضالة إلى مجموعة من سائقي الدراجات، ومراسل يتعاطف معهما، وأشخاص لديهم كلاب يحبونها. يثبت "جون" و"جيني" أن الجهود الحثيثة والقرارات المدروسة والمتعمدة تعطي ثمارها (ولا ننسى أهمية الموارد المالية المستعملة لإعالة منزل كبير وتمكين العائلة من التوقف عن العمل لشهر كامل من أجل متابعة البحث). لكن يتعلق أهم عامل طبعاً بمعنى مشاركة "جون" في تلك الحملة، فهو يثبت لابنه معنى المسؤوليات والالتزامات المرافقة للأبوة، فيقول له في أحد المشاهد: "أنت تقلق على "غونكر" لأنك تحبه وهو مفقود. وأنا أقلق عليك للسبب نفسه".

كان اختيار روب لوي (هو منتج الفيلم أيضاً) مثالياً لتجسيد دور رجل يحب ابنه مع أنه لا يفهمه بالكامل. يضفي هذا الممثل نفحة ضمنية من الفكاهة الساخرة على القصة، لا سيما حين يكسر القواعد ويتكلم عن القوافل القديمة على "طريق الحرير"، أو يُذكّر "فيلدينغ" بأن قيصر لم يشكر جنرالاته إلى أن حققوا النصر. كذلك، تضفي ويليامز دفئاً معيناً على دور "جيني" التي تلجأ إلى عالم التكنولوجيا الجديدة، أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي، لطلب المساعدة في عملية البحث. أخيراً، يُذكّرنا جوني بيرشتولد بضرورة اتخاذ "قرارات مدروسة ومتعمدة" في الحياة، لكنه يشدد في الوقت نفسه على أهمية وجود أصدقاء أوفياء ومستعدين لمبادلتنا الحب بلا شروط، سواء كانوا من البشر أو الحيوانات.


MISS 3