مخاوف قلبية ووعائية جديدة بسبب بدائل السكّر؟

02 : 00

أصبحت المشروبات الغازية الخاصة بالحمية وغيرها من المنتجات التي تحتوي على مواد تحلية اصطناعية وخالية من السعرات الحرارية شائعة جداً، لا سيما وسط من يحاولون فقدان الوزن الزائد. لكن لم تتضح بعد جميع الآثار الصحية لبدائل السكر.

لا تزال الأدلة التي تشير إلى استفادة الناس من استهلاك المشروبات المحلّاة اصطناعياً مختلطة، وتتعدّد الدراسات الصغيرة التي ألمحت سابقاً إلى نشوء مشاكل صحية محتملة مثل زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان وأمراض الكلى والقلب. لكن رصدت دراسة كبيرة الآن رابطاً محتملاً بين مواد التحلية الاصطناعية وزيادة مخاطر الجلطات الدماغية، والنوبات القلبية، ومشاكل أخرى ذات صلة على مستوى القلب والأوعية الدموية.



لكن كما يحصل في جميع الدراسات المبنية على مراقبة المشاركين، لا تثبت هذه الاستنتاجات وجود علاقة سببية بين تلك العناصر، ما يعني أن عوامل أخرى قد تفسّر الرابط الناشئ. مقارنةً بمن امتنعوا عن استهلاك مواد التحلية الاصطناعية، لوحظ مثلاً أن من استهلكوا كميات إضافية من تلك المواد سجلوا مستويات أعلى من مؤشر كتلة الجسم، وكانوا أقل حركة من غيرهم، والتزموا بحمية لإنقاص الوزن.



لكن أخذ الباحثون تلك العوامل وحالات مؤثرة أخرى بالاعتبار. تقول تيريزا فانغ، أستاذة مساعِدة في قسم التغذية في كلية "تي إتش تشان" للصحة العامة التابعة لجامعة "هارفارد": "قد يطلب الأطباء من المصابين بارتفاع ضغط الدم والكولسترول أن يبدأوا بمراقبة وزنهم تمهيداً لانتقالهم إلى مشروبات غازية خاصة بالحمية". لهذا السبب، تُلام تلك المشروبات على أمراض القلب لدى أشخاص معرّضين أصلاً لهذه المخاطر. للسيطرة على هذه المشكلة (تُعرَف باسم "السببية العكسية")، لم يحتسب الباحثون أيّاً من المشاكل المرتبطة بالقلب خلال أول سنتين من فترة المتابعة.



تحمل هذه الدراسات نقاط قوة أخرى، منها ارتفاع عدد المشاركين (أكثر من 100 ألف) والتحليلات الغذائية المفصلة. اشتق أكثر من نصف مواد التحلية التي استهلكها المشاركون من المشروبات الغازية، وجاء 30% منها من مواد التحلية الموجودة في العبوات الملونة ذات الاستعمال الواحد، بينما انبثقت الكمية المتبقية من مشتقات الحليب ومنتجات أخرى.



السكريات المزيفة وصحة القلب



لتوضيح طريقة تأثير مواد التحلية الاصطناعية على القلب، استفاد علماء فرنسيون من الدراسة الغذائية الكبيرة على الإنترنت NutriNet Santé، ونشروا استنتاجاتهم على موقع "المجلة الطبية البريطانية"، في 7 أيلول 2022:



المشاركون: وصل مجموعهم إلى 103388 شخصاً (80% من النساء)، وبلغ متوسط أعمارهم 42 عاماً.



تفاصيل الدراسة: قدّم المتطوّعون سجلات غذائية مفصلة على مرّ مراحل متعددة تمتدّ كل واحدة منها على 24 ساعة، فضلاً عن معلومات أخرى على صلة بأسلوب الحياة، والعادات الصحية، والتاريخ الطبي. استعمل أكثر من ثلث المشاركين (37%) مواد تحلية اصطناعية واستهلكوا حوالى 42 ملغ يومياً، أي ما يساوي محتوى مغلف واحد أو أقل من ربع كوب من المشروبات الغازية الخاصة بالحمية.




المدة: خلال فترة المتابعة التي دامت تسع سنوات، شارك المتطوعون في استبيانات صحية بمعدل مرتَين في السنة، وطُلِب منهم الإبلاغ عن أي فحوصات طبية أو مشاكل أو علاجات جديدة.



النتائج الأساسية: برز رابط بين مواد التحلية الاصطناعية وزيادة خطر الإصابة بأي نوع من مشاكل القلب والأوعية الدموية (بما في ذلك النوبات القلبية) بنسبة 9% والجلطات الدماغية بنسبة 18%.



مخاطر متفاوتة؟

رصدت الدراسة أيضاً ثلاثة أنواع من مواد التحلية الاصطناعية التي تطرح أكبر المشاكل. برز رابط بين الأسبرتام وزيادة مخاطر الإصابة بالجلطات الدماغية، بينما ارتبط أسيسلفام البوتاسيوم والسكرالوز بزيادة خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي.



لم يتّضح بعد السبب الذي يجعل تلك السكريات المزيفة تؤثر على مشاكل القلب والأوعية الدموية. يفترض بعض الخبراء أن مواد التحلية الاصطناعية قد تُسبب الالتهابات، وتغيّر الأيض الطبيعي، والبيئة الميكروبية في الأمعاء والأوعية الدموية، بطريقة تزيد مخاطر النوع الثاني من مرض السكري وترفع ضغط الدم ومستويات الكولسترول بدرجة غير صحية. لكن تستند هذه الفرضيات إلى دراسات جرت على الحيوانات أو عدد صغير من البشر.



تطرح هذه النتائج مجموعة جديدة من الأدلة التي تثبت أن مواد التحلية الاصطناعية قد لا تكون حميدة على مستوى صحة القلب. تبقى المشروبات الغازية الخاصة بالحمية وغيرها من المشروبات المحلّاة اصطناعياً (بما في ذلك الشاي، أو مشروبات الطاقة، أو المشروبات الرياضية) أكبر مصدر لمواد التحلية الاصطناعية في الحمية. إذا كنت تستهلك هذه المنتجات يومياً، حاول أن تنتقل إلى مياه فوّارة مُنكّهة وخالية من السعرات الحرارية: يمكن إيجادها اليوم بنكهات متنوعة مثل البطيخ، وتوت العليق، والمانغا. أو أضف كمية من عصير الفاكهة الطبيعي إلى المياه الفوّارة العادية. يمكنك أن تتلذّذ بمختلف النكهات من دون أي مضافات مشبوهة.

MISS 3