رودريك نوفل

هل يبقى بلد الـ10452 كلم٢ 10452 ساعة بلا رئيس؟

4 شباط 2023

02 : 00

لا يغيبَنَّ عن أيّ كان معاناة لبنان المستمرّة منذ سبعينات القرن الماضي حتى يومنا هذا. فالتغَيّرات في المنطقة إنعكست على الداخل ولكن من دون تغيير في الأشخاص، فالمجلس الذي انتخب الياس سركيس، انتخب بشير وأمين الجمَيّل ثم رينيه معوّض والياس الهراوي. قيل لا حلّ للبلد إلّا بإجراء الإنتخابات، وهي تسعة أشهر قد انقضت من دون إنجاز يُذكَر.

لم يحاول أيّ فريق ترتيب تحالفات قد تؤدي إلى تغيـير المشهد، فلم يجـرؤ من هو قـادر أن يحدث خللاً في التركيبـة على الترشّح على مقعد شيعي مثلاً لإرباك الثنائي، مـع أنّ خرقاً كان يمكن أن يحصل في بعبـدا ودائرتـَي الجنوب الثانيـَة والثالثة وجبيل وزحلة وبعلبك الهرمل… ولا حتى مسيحياً، حيث أركان السلطة ساعدوا بعضهم أيضاً ليحافظوا على مواقعهم، وإلا ما رأينا جبران باسيل وأشباهه نوّاباً.

الفضيحة الكبرى تجلّت في إنجاز ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل، إذ لم يُسمع صوت معارض إلّا بعد بيان «لقاء سيّدة الجبل»، ثم كان النائب سامي الجمَيّل ثم كانت المداخلة القانونيّة لمن يسمّون أنفسهم «تغييريين» حيث قدّم النائب ملحم خلف مطالعة قانونية مفصّلة وموسّعة. ولكن لم يستجب أي مسؤول. ومن ثمّ كان بيان «القوّات اللبنانيّة».

وهذا ما يثبت أنّ الحلّ في لبنان لا يأتي من الداخل وليس من خلال إنتخابات بدا فيها العرس أهم من العريس، كما هي الحال بالنسبة لانتخاب رئيس قد لا يقدّم أو يؤخر بدليل الواقع الذي نعيشه الذي لم يتغَيّر بفعل الإنتخابات، بالرغم من الحملات والوعود التي أطلقت بإجراء الإصلاحات وبمحاربة الغلاء والسيطرة على الدولار والحدّ من الإنهيار الإقتصادي.

ذلك لأنّ المشكل في مكان آخر ألا وهو «الإحتلال الإيراني للبنان». الحلّ يكون بمقاومة الإحتلال! هكذا علينا مقاومة الإحتلال الإيراني للبنان المتمثل بأدوات ودمى.

هل من الممكن أن تأتي الشركات النفطية الأجنبية كما شهدنا في الأيّام القليلة الماضية حيث تقاسمت شركات «توتال» و»إني» و»الوطنية القطرية» التنقيب عن الغاز والنفط في مياهنا الإقليميّة من دون ضمانات باستقرار المنطقة؟ طبعاً لا، في الوقت نفسه الذي يشهد الداخل الإيراني تحركات اعتراضية حيث خرج تقرير عبر «بلومبرغ» يفيد بأن الشعب الإيراني غير قادر على التدفئة لعدم توفّر الغاز وسط تدني درجات الحرارة ما دون الصفر، كان هناك من الإيرانيين من يعرض على الدولة اللبنانية الخدمات لإنشاء المعامل الكهربائية.

صحيح أنّ النوّاب يعكسون الخيار الشعبي لكن هذا لا يعني أن الشعب دائماً على حق. اذ إنّ قانون إنتخاب جائراً وطائفياً ونظام حكم حزبياً ميليشيوياً فاسداً يعيش على المحسوبيات لا يمكن أن ينتج أفضل من هذه السلطة. فهذا الشعب هو كالنموذج الذي يقول دوايت أيزنهاور إن «الشعب الذي يضع امتيازاته فوق مبادئه سرعان ما يفقد كليهما».

من هنا مسؤولية الناس في عدم إنتاج نفس السلطة وطلب التغيير، فهذا المنطق مستحيل كما يقول جورج أورويل: «الشعب الذي ينتخب الفاسدين والإنتهازييّن والمُحتالين والناهبين والخونة، لا يعتبر ضحية بل شريكاً في الجريمة!».

هل سيبقى شعب لبنان شريكاً؟ هل يقبل فعلاً هذه الشراكة؟ لو كان ضحيّة لكان انتفض وغَيّر ولم يخضع بغالبيته. لسوء الحظ لبنان خاضع بغالبيته وبسلطته للإحتلال الإيراني ومتواطئ معه مباشرةً أو غير مباشرة، علناً أو بالخفاء ولا يقوم بأي فعل لمقاومته، ما يزيد بوجعنا نحن الضحايا.

لن يبقى بلد الـ10452 كلم² 10452 ساعة من دون رئيس لكن سيبقى شعبه 10452 سنة مرتهناً ومن دون وطن وكرامة إن لم يقاوم.


MISS 3