الرياضة والقهوة... أثر واحد على الدماغ!

11 : 13

وفق دراسة جديدة وفريدة من نوعها، يبدو أن ممارسة الرياضة طوال 20 دقيقة تفيد الذاكرة العاملة بقدر القهوة!

نُشرت هذه الدراسة في مجلة "تقارير الطبيعة العلمية"، وقارن فيها الباحثون بين آثار الكافيين والرياضة على الذاكرة العاملة، واستنتجوا أن الرياضة المكثفة قد تفيد العقل والجسم في آن.



الآثار الجانبية للكافيين


يرتاح الكثيرون عند شرب كوب من القهوة، لكن يجب الاعتراف بأن الكافيين يؤثر على العقل ويترافق مع بعض الآثار الجانبية.

كانت هذه الآثار تحديداً الدافع وراء الدراسة الجديدة التي أطلقها هاري برابافيسيس، مدير مختبر الرياضة والطب النفسي الصحي في جامعة "وسترن" في أونتاريو، كندا.

قارن برابافيسيس، مع طالبه السابق ماثيو فاغان وطالبته المتخرّجة أنيسا مورافا، بين آثار الرياضة والكافيين.

على حد علم الباحثين، لم يسبق أن قارنت أي دراسات الرياضة الحادة بأثر الكافيين على مستوى القدرات المعرفية أو أعراض وقف الكافيين.

رغم إيجابيات الكافيين المعروفة، تتفوق أضراره أحياناً على منافعه. ترتبط أعراض القلق ورعشة الجسم ومؤشرات وقف المواد المُسببة للإدمان باستهلاك الكافيين المتكرر.

تعتبر "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية أن كمية القهوة الآمنة تتراوح بين 4 و5 أكواب. لكن يكون البعض أكثر حساسية تجاه الكافيين، وقد تشير الأعراض التالية إلى الإفراط في استهلاكه: أرق، صداع، تسارع ضربات القلب، قلق، اضطراب المعدة، ارتعاش العضلات.


ما وراء مصاعب وقف القهوة


قد تكون أعراض انقطاع الكافيين مفاجأة غير سارة لكل من يحاول وقف استهلاكه. تكثر الأعراض الشائعة، منها الغثيان، والتعب، وتراجع الطاقة، وتعكر المزاج، وتشوش الدماغ.

وفق مراجعة لدراسات متنوعة عن هذا الموضوع، تبيّن أن 50% من الناس شعروا بصداعٍ دام حتى 9 أيام بعد وقف استهلاك الكافيين.

قد تؤثر هذه المشكلة على الوظيفة المعرفية، وهو مصدر قلق لكل من يستهلك الكافيين للحفاظ على أداء دماغي سليم.


حافظوا على يقظة دماغكم من دون آثار جانبية!


كشفت أحدث الأبحاث أن حصة واحدة من الرياضة تُحسّن المزاج والقدرات المعرفية. وتذكر دراسات كثيرة أخرى أن التمارين الجسدية تعطي منافع صحية، مثل محاربة الأمراض وإطالة الحياة. لكننا نلجأ إلى القهوة في معظم الأوقات بدل الخروج من الباب وتحريك أجسامنا! تهدف هذه الدراسة الجديدة إلى مقارنة الرياضة بالكافيين لتقييم قدرتها على تحسين الذاكرة العاملة.


ما هي الذاكرة العاملة؟


الذاكرة العاملة أساسية لحماية وظائفنا كبشر فضوليين. فهي تُسهّل عملية التعلم وتسمح بتخزين المعلومات، مثل أرقام الهواتف أو لوائح التسوق، على المدى القصير.

لاختبار هذا الجزء الوظيفي من قدراتنا المعرفية، استعمل الباحثون اختباراً يشبه ألعاب مطابقة الأوراق، حيث يتعلق الهدف الأساسي برصد العناصر المتكررة التي تظهر بشكلٍ متلاحق.

في الدراسة التي أجرتها جامعة "وسترن"، أعطى الباحثون لائحة أغراض للمشاركين وطلبوا منهم أن يحددوا العناصر المتكررة. اختبر برابافيسيس وفريقه مدى قدرة المشاركين على رصد حتى ثلاثة أغراض متكررة على اللائحة.

يوضح عدد الأغراض التي يرصدها المشاركون حجم المعلومات التي تستطيع ذاكرتهم العاملة تخزينها والاحتفاظ بها لتذكّرها عند الحاجة.

لمقارنة آثار الكافيين والرياضة على الذاكرة العاملة، وزع الباحثون المشاركين عشوائياً على واحدة من مجموعتين.

في الجزء الأول من الدراسة، خضع مستهلكو الكافيين ومن لا يستهلكونه لاختبار رصد الأغراض قبل حصة من التمارين الحادة وبعدها، وقبل تلقي الكافيين وبعده.

أما الجزء الثاني من الدراسة، فركّز على أعراض وقف الكافيين. خضع مستهلكو الكافيين في هذه المرحلة للاختبارات نفسها بعد 12 ساعة على حرمانهم من الكافيين.


الرياضة أفضل من القهوة؟


كشفت نتائج الدراسة أن الرياضة والكافيين يعطيان الأثر نفسه. كان تحسّن أداء الذاكرة العاملة لدى المشاركين مشابهاً بعد تمضية 20 دقيقة على جهاز المشي واستهلاك حصة واحدة من الكافيين. قد تبدو هذه المعلومة إيجابية لكل من يتلذذ بكوب إسبريسو مضاعف. لكن تستنتج هذه الدراسة في النهاية أن الرياضة، بمنافعها طويلة الأمد، قد تسهم في تحسين المزاج والتركيز بقدر الكافيين. هذه النتائج بالغة الأهمية نظراً إلى آثار الكافيين الجانبية وأعراض الانقطاع عنه.

تحمل الدراسة أيضاً نبأً ساراً لمستهلكي القهوة، فقد اكتشفت أن الرياضة تخفف أعراض انقطاع الكافيين إذا قرر الفرد تخفيض الكميات المستهلكة.تقول مورافا: "إذا أصيب الناس بأعراض مزعجة، يمكنهم تخفيف حدتها عبر ممارسة المشي السريع والمكثف"!



MISS 3