جاد حداد

The Endless Night... التصوير السينمائي أضعف من السيناريو المميّز

9 شباط 2023

02 : 01

تمرّ الأحداث المأسوية في البرازيل مرور الكرام في مسلسل The Endless Night (ليلة عصيبة) من بطولة ديبورا لام، وثيلمو فيرنانديس، وباولو غورغولو، وبيانكا بينغلتون، وليوناردو ميديروس، وراكيل كارو، وبيل كوراريك، بالإضافة إلى إيروم كورديرو وليلى زيد بدور ضابطَي شرطة. كذلك، ينضم فلافيو باروكي إلى طاقم الممثلين بدور المحامي، بينما يجسّد نيكولاس فارغاس، وباولا أنتونيني، ومانو موريلي، ولوان فييرا، وميغيل رونكاتو، وساندرو أليبرانديني، دور الضحايا في القصة.

يتألف المسلسل من خمس حلقات، تمتدّ كل واحدة منها على 45 دقيقة، وهو من إخراج جوليا ريزيندي وكارول مينيم. الأحداث مقتبسة من رواية نشرتها الصحفية الفائزة بالجوائز، دانييلا أربيكس، في العام 2018، بعنوان The Endless Night: The Untold Story of Kiss Nightclub (ليلة عصيبة: القصة غير المعروفة للنادي الليلي كيس).

حين تلتهم النيران أحد المباني وتقتل 242 شخصاً، لا بدّ من حصول شكل من المساءلة. لكن انتظر أفراد عائلات الضحايا عشر سنوات تقريباً قبل تحقيق درجة من العدالة. يبدأ المسلسل بأسلوب ذكيّ، فيعرض حياة الضحايا الداخلية ويجعلنا نقلق على سلامتهم. إنها مقاربة مثالية لضمان تعلّق المشاهدين بقصص تلك العائلات التي تمضي سنوات طويلة وهي تحاول اكتشاف الحقائق قبل إغلاق القضية.

يتميّز المسلسل بإصراره على تجنّب المشاهد الوحشية والاستفزازية، فهو يفضّل التركيز على تلميحات سلسة لتفصيل المأساة الحاصلة. على غرار فيلم Jojo Rabbit (الأرنب جوجو) للمخرج تايكا وايتيتي، يستعمل صانعو العمل الأحذية والنغمات على الهواتف الخليوية كطريقة مدهشة لإثبات حجم المأساة.

يعرض صانعو العمل تفاصيل وافية عن الحدث المحوري، ويخصصون الوقت الكافي لتعريف الشخصيات والعائلات التي تأثرت بهذه المأساة، لكنهم يحافظون في الوقت نفسه على سرعة إيقاع الأحداث. هم يبرعون أيضاً في اختيار المواقع وتبدو زوايا التصوير متقنة في لقطات كثيرة، لا سيما خلال الأحداث التي تسبق اشتعال النار. كذلك، تسمح درجات الألوان المنتقاة بالتعبير عن أجواء الفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث.

كان يسهل أن يتجاهل الكتّاب التداعيات العاطفية لتلك المأساة في الملهى الليلي، لكنهم قرروا التعمّق في تفاصيل الجنازات، والنصب التذكارية الخاصة بالضحايا، ومساعي تحقيق العدالة. قُتِل عدد كبير من الناس بعد مغادرتهم الملهى المحترق بسبب تسمّمهم بمادة السيانيد.

يتعلّق جانب مثير آخر من المسلسل بتبدّل درجات الألوان تزامناً مع مرور الزمن، للدلالة على العودة إلى الحاضر وغياب أي تحرك من وكالات إنفاذ القانون والنظام القضائي. القصة متقنة وشاملة، فهي تغطي مختلف جوانب الحادث، بما في ذلك الصراعات النفسية التي تعيشها الشخصيات، وجولات المحاكمة، وعواقب الابتعاد عن البيئة المحيطة.

من الواضح أن جميع المشاركين في هذا المشروع أرادوا تقديم القصة بأعلى درجات الاحترام. إنه ثالث أكبر حريق في النوادي الليلية حول العالم، فقد قتل أكثر من 200 شخص، ومن المريع ألا يسمع الكثيرون بهذه القضية. يتميّز المسلسل في المقام الأول بقوة التمثيل والسيناريو، فهو يحافظ على إيقاعه، ويعرض شوائب النظام القانوني، ويتّسم بأداء مبهر من ممثلين يجيدون كسب تعاطف الجمهور بالدرجة المطلوبة.

لكن يتعلق العامل السلبي الوحيد في هذا المسلسل بتراجع مستوى التصوير السينمائي. إنه جانب مربك لأن المسلسل يقدّم لقطات مبهرة مع أُطُر تصوير ممتازة، لكنه يشمل في المقابل بعض اللقطات المقرّبة وحركات غريبة للكاميرا، فيبدو العمل في هذه اللحظات مشابهاً لأفلام الطلاب المبتدئين بدل أن يعكس ميزانية "نتفلكس" الضخمة. لا يعني ذلك أنه يخلو من الحِيَل اللامعة وتقنيات المونتاج الناجحة، لكن لا يعكس التصوير السينمائي التجربة القوية التي يعرضها صانعو العمل عن طريق السيناريو المميز.

أخيراً، يبرع المسلسل في سرد قصة العائلات التي واجهت حدثاً مأسوياً لكنها لم تنسَ في أي لحظة أهمية أن تحافظ على كرامتها. يشمل العمل ضحايا نجوا من الحريق وتُضاف تجاربهم المؤثرة إلى السيناريو الجاذب لتقديم محتوى قوي. إلى جانب الأسباب التقنية التي تدفعنا إلى مشاهدة المسلسل، لا مفرّ من أن ننجذب أيضاً إلى الجوانب العاطفية في القصة والمشاكل الواضحة في إنفاذ القانون.

إنه تجسيد لامع لإصرار النظام القانوني في البرازيل على إنقاذ نفسه من اللوم بدل التركيز على المتّهمين بارتكاب جريمة ذهب ضحيتها 242 شخصاً. يجسّد المسلسل بأفضل طريقة التأثير الهائل لهذا الحدث في حياة عائلات الضحايا، ويتطرّق إلى احتمال مُحبِط حين يوحي بأنهم قد لا يحققون العدالة لأبنائهم يوماً.


MISS 3