جاد حداد

Honeymoon With My Mother... السيناريو نقطة ضعفه

13 أيار 2022

02 : 00

يبدأ فيلم Honeymoon With My Mother (شهر عسل مع والدتي) بحبكةٍ كانت لتناسب أعمال الدراما الكوميدية المألوفة. لكن رغم البداية التي توحي بقصة ممتعة، يبقى العمل أقل من المستوى المطلوب. تتخلى امرأة عن عريسها أمام المذبح في يوم زفافهما، فهي تنجرف وراء مشاعرها تجاه حبيبها الحقيقي. وعندما تبدأ أم العريس الحيوية بالتكلم عن المصاريف التي ذهبت هدراً وتعترف بأنها لم تحب المرأة التي كادت تصبح كنّتها، لا يكون العريس "خوسيه لويس" (كويم غوتيريس) قد استوعب ما أصابه بعد. من الطبيعي أن يصاب الشاب بالصدمة، لكن يحمل وجهه الخالي من التعابير قصة أخرى. حين ترفض وكالة السفر إعادة كلفة حزمة شهر العسل إلى "موريشيوس"، تقنعه والدته "كارمن" (كارمن ماشي) بالذهاب إلى شهر العسل معها على اعتبار أنها زوجته.

قد لا تكون القصة مميزة، لكن كان صانعو العمل يستطيعون استعمالها لابتكار مواقف فكاهية كافية. التمثيل جيّد نسبةً إلى السيناريو العادي، لكن يدخل الفيلم في خانة وسطية مزعجة، فلا يمكن تصنيفه كعمل درامي ولا كوميدي. باستثناء الشخصية الثانوية التي تقدّمها يولاندا راموس بدور موظفة الاستقبال الثرثارة التي لا تكف عن سرد قصصها المضحكة، تبقى المشاهد "الفكاهية" الأخرى متوقعة وسطحية.

تحاول الجوانب الدرامية في القصة أن توجّه رسائل معينة، لكن لا تناسب المقاربة المبسّطة للرابط الفرويدي بين الأم وابنها أجواء الفيلم العامة. تتابع "كارمن" الاعتناء بابنها "خوسيه" على مر النصف الأول من القصة وكأنها أم طفلٍ عمره خمس سنوات. سنشاهدها مثلاً على الشاطئ وهي تدهن الواقي الشمسي على وجهه رغم اعتراضه ومطالبته بتركه على راحته. كان يُفترض أن يحمل هذا المشهد طابعاً مضحكاً على الأرجح، لكنه يبدو مزعجاً في نهاية المطاف.

تتعلق أكبر مشكلة بالضياع الذي يطغى على الأحداث، إذ يجهل الفيلم على ما يبدو الأفكار التي يريد طرحها. يمكن رصد بعض الحقائق في مواقف معيّنة، لكن تحتاج الشخصيات إلى دراسة أعمق كي تتجاوز الجوانب الدرامية توقعات المشاهدين. في أحد المشاهد، تكسر "كارمن" صمتها القائم منذ عقود وتتكلم أخيراً عن ما تحمّلته كزوجة وأم، فتقول لابنها: "كان والدك مضطراً للعمل، ثم وُلِدتَ أنت. لذا لم نستطع الذهاب في شهر عسل إلى باريس"؛ "أنا أفعل كل شيء من أجلك، وما الذي أتلقاه منك في المقابل"؟ كذلك، تخبر الأم ابنها برأيها الحقيقي بخياراته العاطفية، فتقول: "هل تساءلتَ يوماً عن سبب رحيلهنّ جميعاً؟ أنتَ لا تبحث عن حبيبة بل تبحث عن أم! أنت تقع في غرام أي فتاة تقابلها. أنت تبدّل الفتيات دوماً لأنك جبان وتخاف من الوحدة".

سرعان ما تتضح جميع الاضطرابات الكامنة خلال نقاش محتدم، ويخوض الابن ووالدته شجاراً قوياً. لو أراد صانعو العمل التعمق في عقدة أوديب بطريقة جدّية من خلال الغوص في علاقة "خوسيه" و"كارمن"، كان يُفترض أن يختاروا حبكة مختلفة وعميقة ويغيروا طريقة تقديم الشخصيات الرئيسية. من الواضح أن السيناريو الضعيف يخذل الممثلين عموماً، وعلى رأسهم ماشي وغوتيريس ومجموعة من الشخصيات الثانوية.

كانت نوعية الفيلم لتتحسّن حتماً لو كان السيناريو بمستوى التمثيل. لكنّ شوائبه المتعددة تُضعِف مستوى العمل، إذ تبدو معظم المواقف الكوميدية متوقعة مسبقاً. تبقى يولاندا راموس الشخصية الفكاهية الوحيدة التي تخطف الأضواء في الفيلم كله، وقد كان اختيارها لتجسيد هذا الدور مثالياً. هي تقدّم أداءً ممتازاً في مشهد الرقص البطيء في جناح شهر العسل في الفندق، أو عندما توافق على أخذ رشوة لتقديم معلومات غير مهمة إلى "خوسيه". لكن لا تنطبق هذه المواصفات الإيجابية على الفيلم كله للأسف.


MISS 3