مايز عبيد

الشمال يُريد تغييرات جذرية تُعيد ثقة الجمهور بـ"المستقبل"

14 شباط 2020

02 : 00

صورة للرئيس الشهيد في العبدة - عكار

تأتي الذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري هذه السنة، على وقع متغيّرات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة شهدتها البلاد، وتحولات وتبدّلات في المشهد الداخلي على جميع المستويات.

فبين الذكرى الأولى في شباط 2006 والذكرى الخامسة عشرة في شباط 2020، لبنان الذي حَلِمَ به رفيق الحريري وسعى ليكون منارة هذا الشرق، هو اليوم بلدٌ على شفير الإفلاس والضياع، تتجاذبه الأزمات في كل اتجاه وبحاجة إلى منقذ آخر يشبه رفيق الحريري.

في الشمال كان وقع الخسارة مدوياً. فقائدٌ كبير مثل رفيق الحريري اعتبره الشماليون خسارة وطنية وشخصية لهم. لقد تعاطفت المنطقة بكل أطيافها مع وريث الحريرية السياسية الرئيس سعد الحريري، فكانت تلك المنطقة رافعة شعبية لما عُرف بتحالف "14 آذار" بزعامة سعد، تجلّت في الإستحقاقات النيابية وفي حشود الساحات والمناسبات. في الذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد مؤسس "التيار الأزرق" لا يزال رفيق الحريري محفوراً في قلوب من أحبّه ولا يزال نجله يحظى بتعاطف الكثيرين، لكنّ العتب كبير لشعورهم أن الحريري الإبن لم يعطِ هذه المنطقة حقوقها من الدولة ومن المشاريع التنموية، رغم وفائها له في كل الإستحقاقات.

في طرابلس وعكار والمنية والضنية وعموم مناطق الشمال، عمل أنصار الرئيس الحريري وجمهور "تيار المستقبل" على الحشد للذكرى وهذا اليوم المنتظر، حيث تقام هذه السنة وللمرة الأولى في "بيت الوسط"، وليس كما درجت العادة أن تقام، في ساحة الشهداء ولاحقاً في قاعة "البيال".

النائب وليد البعريني الذي يتحضّر اليوم للمشاركة في الذكرى على رأس وفد كبير قال في حديث لـ"نداء الوطن": "لا شك أنها ذكرى أليمة وخسارة كبيرة جداً لكل اللبنانيين باستشهاد الرئيس رفيق الحريري رجل الدولة والمؤسسات. ما نقوم به نعتبره من الواجب تجاه هذه الشخصية الوطنية الكبيرة. نسعى مع أهلنا وقواعدنا ومحبي الرئيس الشهيد كي تكون المشاركة كبيرة وفاءً لصاحب الذكرى. إنه يوم الوفاء لرمز وطني كبير، ونتمنى من الله أن يحفظ هذا البلد وأن تبقى ثقافة العيش المشترك هي السائدة بين اللبنانيين تماماً كما أرادها دائماً رفيق الحريري".

مراجعة تقييمية

الذكرى الخامسة عشرة تأتي أيضاً وسط حالة تشرذم تنظيمي في جسم "التيار الأزرق" اعترف بها الحريري نفسه عندما أشار قبل أيام إلى أن "العمل سيكون منكباً في المرحلة المقبلة على إعادة لمّ شمل تنظيمه وتوحيد صفوفه"، ومن المنتظر أن يقوم الحريري بعد "14 شباط" بإجراءات تنظيمية واسعة داخل تياره، وإعادة فتح خطوط التواصل مع القاعدة الشعبية الزرقاء التي أصابها الترهل، وهي بحاجة إلى إجراء مراجعة لكل المرحلة السابقة وتحديد الخيارات والأولويات التي تتناسب مع المرحلة الجديدة في لبنان والمنطقة. ويقول عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل" النائب السابق مصطفى علوش لـ"نداء الوطن": "بكل موضوعية، نحن في أسوأ حالاتنا ومن هنا علينا أن نقوم بجهود مضاعفة لتصحيح الأمور من خلال طرح سياسي واضح وتغييرات جذرية في الهيكلية التنظيمية تعيد الثقة للناس بهذا التيار وبخطابه وبكل توجهاته".

ويعتبر علوش أن الذكرى تأتي هذه السنة بعد أن "تمكّن المشروع الذي اغتال رفيق الحريري من تدمير حلمه المحلي والإقليمي المبني على السلام والاستقرار والنمو الإقتصادي والاجتماعي، ويكفي أن نرى التدهور في الواقع اللبناني بعد ان أتى من اغتالوه بحكم ليقضي على ما تبقّى من إرث رفيق الحريري في الاقتصاد والنمو وحتى في الوطن الجامع".

ويشدد على أنه "لا خيار اليوم إلا باللجوء إلى فكرة رفيق الحريري لإعادة البناء من جديد، وكذلك يجب إعادة تطوير صورة "تيار المستقبل" من خلال انتهاج سياسة تستند إلى الموضوعية والمقاربة العلمية للحلول من خلال طرح مشروع بديل قادر على علاج الإنهيار الذي يبدو اليوم حتمياً"، ويرى أن لا مجال أمام "تيار المستقبل"، "إلا الإنضمام بشكل كلي إلى جبهة معارضة وطنية من خلال قواعد ثابتة ورؤية مصلحية للجميع".

البلديات على خط المشاركة

بلديات الشمال أيضاً على خط المشاركة بذكرى استشهاد الحريري كما في كل سنة. رئيس اتحاد بلديات وسط وساحل القيطع أحمد المير نوّه بمآثر الشهيد رفيق الحريري، واصفًا إياه بـ"شهيد لبنان الكبير وباني مجده"، وأكّد مشاركة البلديات في الذكرى لأنها مناسبة وطنية... ويقول: "الرئيس سعد الحريري هو صمام الأمان للوحدة الوطنية من هذا المنطلق نستغرب الحملات على الحريرية السياسية في هذا الظرف بالذات".

ويعتبر المير أنّ الرئيس الحريري رجل دولة و "مسؤول لم يتهرّب من مسؤولياته. وهو استجاب لمطالب الناس بتقديم استقالة حكومته وهذه قمة الديموقراطية والإحتكام لرأي الشعب". وعن المشاركة بالذكرى يوضح: "إن مشاركتنا اليوم هي لتأكيد الدعم لخيار الرئيس الحريري، الذي تواضع لأجل الوطن والناس، وهذا هو الإنجاز الحقيقي، فكفى لعباً بمصير هذا البلد".

تبقى ذكرى الرابع عشر من شباط بالنسبة إلى أبناء الشمال محطة حزينة في تاريخ هذا البلد. فرفيق الحريري بالنسبة إليهم خاطر محفور في الوجدان عن ذاك الرجل الذي قدّم للبلد إنماءً وخدمات، فحورب وحوصر حتى استشهد ورحل وهو في عزّ عطائه.


MISS 3