المطران إبراهيم استقبل السّفيرة الفرنسيّة: لبنان بخطر ونُعوّل على دور فرنسا

17 : 57

إستقبل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إبراهيم مخايل إبراهيم سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو، في مطرانيّة سيّدة النجاة، يُرافقها مسؤول البروتوكول في السّفارة زاهر أبي راشد، بحضور النّائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم والقيم العام الأب اليان أبو شعر.


وأشار بيان للمطرانيّة، إلى أنّه "تخلّل اللقاء عرضٌ مفصّل لأوضاع منطقة زحلة والبقاع وتأثير الأزمة الراهنة على أبناء المنطقة. كما وقدّم المطران للسّفيرة غريو لمحة عن عمل مستشفى تل شيحا والجمعيّات التّابعة للمطرانيّة ولا سيّما طاولة يوحنا الرحيم التي تؤمن وجبات الطعام اليوميّة المجانيّة لأكثر من 600 عائلة".


وقال إبراهيم: "يُسعدني استقبال السفيرة غريو اليوم في هذا الصّرح التاريخيّ العريق الذي لعبَ منذُ مئات السّنين دوراً ليس دينيّاً فحسب، انما وطني جامع واجتماعي شامل أيضاً. وكان لهذه الدّار بشخص سلفي المرحوم المطران كيرلس مغبب - فيما بعد بطريرك - دورٌ تاريخيّ مع الاخوة الفرنسيّين في ولادة لبنان الكبير. وكم كانت إقامة الجنرال ديغول مدّة أشهر سنة 1942 عندنا في زحلة مهمّة في تاريخ هذه المدينة وهذا البقاع الذي كان يوماً أهراء الإمبراطوريّة الرومانية. وأوتيل قادري الكبير في زحلة كان شاهداً على أبرز تحوّلٍ في تاريخ لبنان، فمنه أعلن الجنرال غورو في 3 آب 1920 ضم الأقضية الأربعة الذي مهد لإعلان دولة لبنان الكبير".


أضاف: "إن الارتباط الوثيق بين فرنسا ولبنان يمتدّ من الماضي إلى الحاضر وإلى المستقبل. لذلك، أرى أنّه من واجبي أن أنقُلَ إليكم هموم اللّبنانيين وقلقهم على مستقبل هذا الارتباط، ولو كان هذا القلق مصحوباً بقناعةٍ راسخةٍ أنّ دورَ فرنسا في لبنان ليس كدور باقي الدول وهم يعوّلون كثيراً على هذا الدور في انتشال وطننا من عمق الحوت الذي يبتلعه".


وتابع: "مع بداية زمن الصّوم المبارك، نتأمّل مدّة أربعين يوماً في معنى الألم والصّليب ويبقى الهدف واحداً ألا وهو الوصول إلى القيامة المجيدة. نحن قياميّون وزيارتكم لنا اليوم قياميّة. إنّكم تأتون نورا كما يقول اشعيا النبي: "اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ." (إش 9: 2). أقول هذا لأنّني مؤمن أنّ فرنسا هي حامية الحريات في العالم، والحريات في لبنان مزعزعة، والقانون في لبنان مزعزع والقضاء ليس بخير وهذا يخلقُ هوّة بين المواطن والدولة لا تردمها إلّا إصلاحات من الداخل لأنّ شعباً لا يُصلح نفسه من الدّاخل لا يُمكن للخارج أن يُصلحَه. أُسلّمُكم اليوم لبنان وديعة بين يدي فرنسا كي تعيد إليه الحريّة والمساواة والأخوّة. أملنا كبير بمستقبل لبنان وبدور فرنسا، لذلك نتذكّر كلمات الرئيس ديغول: "نهاية الأمل هي بداية الموت"، ونحن متمسكون بالأمل ورافضون الموت".


وأردف: "أسمح لنفسي بأن أصرخَ بحناجر شعبي، شعبي الذي أتيت من كندا عكس السير لأكون معه، أصرخ بحناجرهم أمامكم من عمق الجرح الذي يصيبنا: نحنُ في خطرٍ، وجودنا في خطر، مؤسساتنا في خطر، مستشفانا الذي قضينا مدة 117 سنة في بنائه وتطويره يكاد تنهار، مستقبلنا في خطرٍ، كل شيء ينهارُ إلّا إيماننا بالله وبالإنسان وبفرنسا الأبديّة".


وختم: "أهلاً وسهلاً بكم، يا سعادة السّفيرة، وبمَن وبما تُمثّلون وبكلّ من معكم، في زحلة عاصمة الكثلكة وأوّل جمهوريّة في الشرق، داركم ودار جميع اللبنانيين ودار جميع الفرنسيين، دار أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك. عاشَ لبنان وعاشت فرنسا".


من جهتها، قالت السفيرة الفرنسية: "أشكر المسؤوليّة الّتي حمّلتموني إيّاها وسأنقلُها مباشرةً إلى الرّئيس ماكرون. أريدكم أن تعلموا أنّ فرنسا مُصمّمة، وهذا قرارٌ شخصيّ للرئيس ماكرون، ألّا نترك لبنان يدمر. لن نترك وسيلة لمساعدة هذا البلد وابنائه. نحن لدينا رؤية مطابقة لرؤيتكم، رؤية استراتيجيّة بالحفاظ على فرادة لبنان واستقراره، وطن يعيشُ بأمنٍ وسلام".


أضافت: "للأسف لبنان اليوم على منحدرٍ سيّئ، لكنّ الأمل معقودٌ على اللبنانيين بتوحيد جهودهم للمساهمة في قيامة وطنهم. بإمكانكم الاعتماد على فرنسا، لكنّنا لا نستطيع العمل بمفردنا، بل بالتواصل مع الدول الصديقة والشريكة، وأنا مقتنعة بأنّ الوضع صعبٌ والتحديات كثيرةٌ، ولكن هناك هامشٌ للتغيير في هذا البلد، علينا دعمه وهذا ليس بالأمر السّهل. أُريدكم أن تتأكدوا أنّ فرنسا إلى جانبكم".


وختمت: "أشكرك سيادة المطران على مشاعرك تجاه فرنسا وكلامك الجميل الذي سأنقله إلى المراجع العليا".


وبعدما تبادل إبراهيم وغريو الهدايا التذكاريّة، دوّنت السفيرة الفرنسيّة كلمةً في سجلّ الشرف، ووعدت بزيارةٍ ثانيةٍ للتّعرّف أكثر على المطرانيّة، وزيارة المكتبة والمتحف والكاتدرائية.

MISS 3