رامي الرّيس

إسرائيل لا تُضحّي بعلاقتها مع موسكو رغم تحالفها الإستراتيجي مع واشنطن!

25 شباط 2023

02 : 01

علاقة وثيقة تجمع بوتين ونتنياهو (أرشيف)

بعد تردّد سياسي لأشهر طويلة بدأت منذ بدء الحرب الروسيّة على أوكرانيا منذ سنة تقريباً، خطت إسرائيل خطوة إلى الأمام على طريق دعم كييف عبر إيفاد وزير خارجيتها إيلي كوهين إلى العاصمة الأوكرانيّة واستئناف الحديث عن إمكانيّة تقديم دعم عسكري، دون أن تتبلور هذه المواقف إلى خطوات عمليّة ملموسة رغم الضغط الأوكراني المتواصل لنيل هذه المساعدة.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي توسّل كل الوسائل الممكنة لإقناع تل أبيب بتوفير الدعم لحكومته في مواجهتها الدامية مع موسكو، منها تذكيره المستمر بأصوله اليهوديّة وصولاً إلى تشبيهه ما تتعرّض له أوكرانيا اليوم بالـ»هولوكوست»، وهو ما لا يلقى استحساناً بشكل عام في الأوساط اليهوديّة والإسرائيليّة التي ترفض تشبيه إبادة اليهود في أوروبا بأي أحداث أخرى في التاريخ أو في الحاضر.

ولكن التردّد الإسرائيلي أسبابه واضحة، ألا وهو الغطاء الذي توفره لها موسكو في سوريا من خلال سماحها بقصف أهداف إيرانيّة وأخرى تابعة للنظام السوري و»حزب الله»، سواء لاغتيال شخصيّات معيّنة أو لاستهداف قافلات عسكريّة أو مؤن أو ما عدا ذلك. عمليّاً، التغاضي الروسي عن القصف الإسرائيلي المتكرّر لأهداف متعدّدة في قلب سوريا يبعث برسائل واضحة ليس فقط لإسرائيل، بل برسائل أكثر قسوة لحلفاء موسكو، تحديداً إيران وأذرعها العسكريّة والأمنيّة المختلفة.

هذا الاتفاق الروسي - الإسرائيلي سوف يهتزّ بشكل عميق إذا ما «تلاعبت» إسرائيل في سياستها الخارجيّة حيال الحرب الدائرة في أوكرانيا وإذا ما قرّر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو التوجه إلى كييف في «زيارة دعم»، أسوة بما يفعله قادة دول الغرب وآخرهم كان الرئيس الأميركي جو بايدن، فيضع نفسه في مصاف قادة العالم الكبار.

ولكن، ثمّة مفاضلة على إسرائيل أن تقوم بها بين المكاسب التي سوف تحققها مع حلفائها الغربيين وفي مقدّمهم الولايات المتحدة الأميركيّة في حال توفيرها الدعم العسكري المطلوب لكييف، وبين الخسارة التي ستلحق بها جرّاء سماح موسكو لحليفيها النظام السوري وطهران تعزيز إمكانيات المواجهة العسكريّة مع إسرائيل، على الرغم من أن أياً منهما لم يخض مواجهة مباشرة معها منذ عقود.

ولعلّ من مصلحة واشنطن أيضاً التي تقدّم دعماً سياسيّاً وعسكريّاً واقتصاديّاً وماليّاً غير محدود لإسرائيل منذ احتلالها فلسطين ووقوع النكبة سنة 1948، أن تفك عرى هذه العلاقات الوثيقة بين تل أبيب وموسكو وأن تستقطب إسرائيل نحو المعسكر الذي تقوده في مواجهة روسيا والذي أصبح أكثر قوة من خلال «حلف شمال الأطلسي»، بعد أن تدفق الدعم المالي والعسكري له من دول أوروبيّة عديدة، وعضويته آخذة في التوسع على عكس ما كان يشتهيه الكرملين تماماً.

وفي حال إخلال إسرائيل بتفاهمها مع موسكو في ما يتعلّق بالجغرافيا السوريّة، من غير المستبعد أن تردّ روسيا بتزويد إيران بأسلحة وطائرات حديثة وصولاً إلى أنظمة دفاع جوي، وهو ما تخشاه إسرائيل حتماً لأنّه سوف يُسقط تفوقها في السماء السوريّة ويُعزّز القدرات الإيرانيّة، ما قد يُغيّر موازين القوى الإقليميّة بشكل كبير ومقلق بالنسبة لها.

في نهاية المطاف، حتى ولو قام نتنياهو بخطوة إستعراضيّة ما بزيارة كييف، إلّا أنه على الأرجح لن يفك تحالفه مع موسكو، خصوصاً لعلمه أن التحالف مع واشنطن ثابت ومتين مهما تغيّرت المعادلات الدوليّة والإقليميّة. تبقى إسرائيل الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأميركيّة في كلّ الأزمان!


MISS 3